نبيل عكام

نبيل عكام

email عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

المشاركة الفاعلة للنقابات وإمكانية التغيير

الطبقة العاملة هي الأساس في العملية الإنتاجية، وهي تمثل الشريحة الأوسع من السكان, لذا تأثيرها في قضايا الحياة العامة والسياسية بشكل خاص من المفترض أن يكون على مستوى وزنها في العملية الإنتاجية والاقتصادية، ولهذا ومن موقعها الذي أشرنا إليه فهي إحدى القوى التي لها مصلحة  في عملية التغيير الجذري والحقيقي في البلاد، ومشاركة الطبقة العاملة في العملية السياسية والديمقراطية والاقتصادية، إحدى أشكال الاستقرار في المجتمع، والحركة النقابية والعمالية هي شكل من أشكال الرقابة الشعبية على دور وأداء السلطة التنفيذية.

زيادة أم سلب

قيمة قوة العمل شأنها كشأن أية بضاعة أخرى بشكل عام لكنها تختلف بعرضها في سوق العمل حسب العرض والطلب، لكن لا يجوز أن تنخفض عن معدل حد متوسط للمعيشة وهذا الحد عادة متغير حسب الظروف المعيشية ومتطلباتها في كل بلد، وقيمة قوة العمل ليست مقولة عرضية فجذورها موجودة في علاقات الإنتاج لكنها لا تكون واضحة دائماً، حيث لا يزال الحد الفاصل بين العمل بمقابل والعمل دون مقابل مغموراَ أو ضائعاَ بصيغة العقد المبرم بين العامل ورب العمل، ويحدد بشكل أجر محدد مقابل ساعات عمل محددة وتظهر كأنها مدفوعة الأجر كاملاً. وبهذا تقوم حكومات رأس المال بتحويل قيمة العمل إلى شكل وهمي كأجر ويتم دفع الأجر بعد إنجاز العمل، إذاً، المحدد الأساسي لقيمة قوة العمل هو مستوى متطلبات المعيشية الناتجة عن الظروف الاجتماعية التي يعيشها العمال والتي نشأوا في ظلها.

الحركة النقابية واقع ومهام /2/

باتت فرضية «العمال يعملون بوطنيتهم» غير قادرة على أن تخدع كافة العاملين الذين اكتشفوا أنّها ما هي إلّا شعارات رفعتها الحكومة وتبنتها الحركة النقابية في محاولة منهم لغسل أدمغة الطبقة العاملة، فهذه الخدعة لم تعد تنطلي على الطبقة العاملة، وعلى الرّغم من معرفة العمال المُسبقة أنّ كل تصريحات الحكومة وما تقوم به من إجراءات اقتصادية تؤدي إلى تقليّص القدرة الشرائية لمعظم السورين باستثناء قوى الفساد نتيجة التضخم الحاصل في البلاد، وتحوّل غالبية الشعب السوري إلى فقراء يعيشون تحت خط الفقر، وبات من الواضح عجز كل الحكومات المتعاقبة في البلاد، مع استمرار الفساد والنهب في قطاعات الدولة وخارجها. نتابع في هذا العدد استكمال ما طرحناه في العدد الماضي من مهام للحركة النقابية كي تستعيد ألقها ووزنها الاجتماعي لدى الطبقة العاملة وكذلك أيضاً في المجتمع، ومن هذه المهام أيضاً:

الحركة النقابية واقع ومهام

عند الحديث عن واقع الطبقة العاملة ومهام الحركة النقابية في سورية، لا بد في البداية من الأخذ بعين الاعتبار أنّ السياسات الحكومية كانت ومازالت سمتها الرئيسية هي إغفال الدستور وضرب القانون بعرض الحائط، وعدم احترامه هي القاعدة، أما احترامه أو إظهار احترامه هي الاستثناء، ونبني استنتاجنا هذا من خلال سياسات الدولة التي تمضي بها في ضرب حقوق الطبقة العاملة الاقتصادية والاجتماعية والتشريعية، ومطالبهم الأخرى المشروعة من ضمان صحي وأمن صناعي وغيرها. هذه السياسات المتماشية مع منطوق قوى الفساد والنهب الكبير المتوحشة.

كيف يحصل العمال على حقوقهم

عندما تضعف النقابات ينحصر عملها في معالجة قضايا وأمور بعيدة كل البعد عن الواقع الذي وصلت إليها الطبقة من البؤس والفقر والحرمان لحقوقها التشريعية والمعيشية، إلى درجة تصبح بها النقابة عاجزة تماماً، وتغض الطرف عن الأسباب الحقيقية التي أوصلت العمال إلى ما آلت الأوضاع إليها اليوم، وتقوم بتقديم التنازلات لمصلحة أرباب العمل سواء الدولة أو القطاع الخاص، وتعمل على تقديم المسكنات للطبقة العاملة فيما يتعلق بقضاياها الحقيقية ولا تقوم بمعالجتها، وبهذا فهي تساهم في عرقلة تقدم الطبقة العاملة المتجهة إلى الأمام، وتصبح هذه الطريقة في العمل أيضاً عقبة أمام الحركة النقابية بدلاً من أن تكون أداة لتقدمها وتطورها، حيث تتحول النقابة إلى العمل البيروقراطي المكتبي الرتيب ووسيط بين الإدارات أو رب العمل وبين العمال، مما يفقدها صلاتها وهيبتها بين صفوف العمال على خطوط الإنتاج وسط المعامل وكافة المواقع العمالية سواء قطاع دولة أو قطاعاً خاصاً.

الأجور الهزيلة تبديد للثروة الوطنية

يعاني العمال السوريون- منذ أن تبنت الحكومات المتعاقبة السياسات الاقتصادية المحابية لطغم الفساد والنهب الكبير- من الهجوم على مكتسباتهم وحقوقهم الاقتصادية والاجتماعية، وتستمر بقضم ما تبقى من هذه الحقوق، والذي يأتي في مقدمتها: الهجوم المستمر على الأجور، من خلال زيادة الأسعار على السلع الضرورية في حياة العباد، متوهمة بأن العمال لن يستطيعوا الدفاع عن حقوقهم ومكاسبهم نتيجة الظروف التي تحيط بالبلاد.

المسؤولية الاجتماعية ومعالجات الدولة

ظهرت المسؤولية الاجتماعية اتجاه العاملين مع ظهور المجتمعات البشرية وتطورت بتطورها لتحقيق متطلبات الحياة، وذلك منذ ظهور الثورة الزراعية التي بدأت في منطقة الشرق الأوسط قبل آلاف السنين التي مضت، والثورة الصناعية التي ظهرت في أوربا منذ بضع مئات من السنين التي مرت، وتباينت الحاجة إلى القوى العاملة من مكان لآخر ومن مرحلة تاريخية إلى أخرى حسب الحاجة وضرورات العمل والإنتاج الزراعي منه أو الصناعي، وتقدمه وتطوره، ولهذا ظهرت تلك النظم والمبادئ لتنظيم علاقات العمل في المجتمع.

الفقر والطبقة العاملة

الفقر، أو خط الفقر، هو الوضع الذي يحتاج فيه الفرد في المجتمع إلى الموارد الماليّة لتأمين المعيشة الضروريّة، التي تكفل له الحد الأدنى لمستوىً من الحياة، والذي يعتبر مقبولاً إلى حد ما في المجتمع الذي يعيش فيه، وهذا يُطلق عليه في الأدبيات الاقتصادية والأمم المتحدة بالفقر النسبي.

الاتفاقيات الدولية ومعايير العمل

تتطلَّع الطبقة العاملة إلى العدالة الاجتماعية التي تمكَّن العمَّال في سوق العمل من أن يطالبوا بنصيبهم العادل من الثروة الوطنية التي تتحقق بفضل عملهم، إن تحقيق العدالة الاجتماعية ذو أهمية عالية، وخاصة مع تزايد عدم المساواة في توزيع الثروة الوطنية، وهو ما يشكل تهديداً كبيراً وخطيراً للتماسك الاجتماعي في المجتمع، ويعيق النمو الاقتصادي، إننا نشهد اليوم وضعاً خطيراً من حجم النهب والفساد غير المسبوقين، والسؤال الأكثر إلحاحاً أمام النقابات: كيف يُمكن لها التصدي لهذه الآفة الخطيرة، وتوفير الإمكانات لتحقيق العدالة الاجتماعية في ظل هذه الظروف الأكثر تعقيداً من أي وقت مضى؟

بناء الكوادر النقابية

هل تدرك الحركة العمالية والنقابية في البلاد أهمية إيجاد ذلك الكادر الطليعي المناضل الذي يتمتع بالوعي الطبقي الحقيقي؟ الكادر الواعي والمدرك لما يجري من حوله من صراعات على الساحة الاقتصادية والمعيشية، خصوصاً تلك السياسات الاقتصادية التي تمضي فيها الحكومات التي تعاقبت منذ سبعينات القرن الماضي، المعادية والموجهة ضد حقوق الطبقة العاملة، وكافة الجماهير الشعبية الكادحة، لذلك وجب على الحركة العمالية وفي المقدمة منها الحركة النقابية أن تعدّ الكوادر الكفاحية التي يعتمد عليها لتكون متمكنة من أدواتها وأسلحتها النضالية، وذات صلة ومعرفة بما يجري من تطورات على الساحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وأثرها على الحركة العمالية والنقابية وسائر الحركة الشعبية.