ماذا بعد المؤتمرات
خلال المؤتمرات السنوية للنقابات التي عقدتها في الفترة الأخيرة والتي طالب أعضاء هذه المؤتمرات بالعديد من القضايا الهامة والضرورية من الحقوق المفقودة للعمال، سواء في التشريعات من قوانين عمل نافذة وغيرها أو قضايا اقتصادية ومعيشية من أجور أحسنها لا تلبّي الحد الأدنى للمعيشة وحوافز وطبيعة عمل، أو قضايا مهنية تتعلق بكل مهنة إن كانت شاقة أو خطرة أو بأمن صناعي وصحة وسلامة مهنية، يتجاهلها أرباب العمل سواء الدولة أو القطاع الخاص.
بالرغم من تأكيد العديد من المسؤولين على الدور الهام الذي قام به العمال على مختلف مهنهم، إلا أن حقيقة هذه التصريحات لم تحقق للعمال مطالبهم وحقوقهم، بل ما حدث على أرض الواقع هو قيام الحكومة بخطوات أضرّت بحقوق العمال وتقليص أجورهم، وأدت إلى ارتفاع كبير في أرباح قوى الفساد والنهب.
المؤتمرات النقابية السنوية محطة للحركة النقابية تقف عندها لمراجعة وتقييم ما قامت به من أداء لعملها وما قد تحقق من مطالب وحقوق للطبقة العاملة وما لم يتحقق من هذه الحقوق للطبقة العاملة والمطالب المختلفة. ولكن ماذا بعد؟ ما هي الطرق والأساليب التي تؤدي إلى تحقيق هذه المطالب وتحقيق الحقوق، وهل تكفي المذكرات والمطالبة من خلال تلك الاجتماعات وهذه المؤتمرات. أم لابد من الوسائل والأساليب الأخرى التي ضمنها الدستور من احتجاجات أو اعتصام أو إضراب، حسب طبيعة المهمة وظروفها وأهميتها.
إن دور النقابات الأساسي هو الدفاع عن مصالح الطبقة العاملة وحماية حقوقها كافة، ويعتبر هذا المحدد لاستمراها وقوة فاعليتها. فالمرحلة اليوم من حياة البلاد تتطلب من التنظيم النقابي أن يمتلك هذه الأدوات والجرأة التي تعتمد بشكل أساسي على مصلحة الطبقة العاملة في حماية حقوقها كافة وبالأخص الأجر العادل، ومحدده الأساسي متوسط تكاليف المعيشة، وأن يتسلح بأدوات نضالية حقيقية مختلفة وبعيدة كل البعد عن تلك المذكرات التي أضعفته، وأن تعود النقابات إلى قاعدتها الأساسية وهي الطبقة العاملة قبل فوات الأوان.
إنّ ما قدمته النقابات لأعضائها من خدمات ومساعدات أو إعانات مختلفة اتجاه ما يساهمون به من اشتراكات في النقابة والصناديق المختلفة الموجودة لديها يعتبر عملاً مهمّاً خاصّاً في دعم أعضائها على قلّته ومحدوديته، علماً أن النقابات لا يمكن لها أن تحل مكان الحكومة في تقديم الخدمات والإعانات لكل أفراد المجتمع سواء العمال منهم أم غيرهم، فهي ليست جمعية خيرية بل هي منظمة نضالية لأجل حقوق الطبقة العاملة.
ونحن هنا لا نقول إن هناك وصفات جاهزة لتجاوز الوضع الحالي الذي تعيشه الحركة النقابية، لانتشال النقابات من ضعفها، لكن نعتقد أن هناك مسؤوليات ومهام ملقاة على عاتق كل النقابيين والقوى المؤمنة بحقوق الطبقة العاملة وأهمية دورها في بناء الوطن وإخراجه من الأزمة الوطنية التي تعصف فيه.
ولكن يمكننا القول أيضاً إنه لا يمكن الاستمرار في نضال اقتصادي ضيق الأفق المحدد ببعض الحوافز والتعويضات أو اللباس أو وجبة غذائية على الرغم من أهميته، بل لا بدّ من تعميم الفهم الكفاحي وامتلاك تلك الأدوات والأساليب المشروعة في داخل الحركة النقابية التي تمكّن من ارتباط النقابات بكافة الجماهير الشعبية الكادحة والمهمّشة. وفي خوض معارك نضالية مختلفة، التي تدخل في صلب عمل واهتمامات العمل النقابي ومنها على سبيل المثال لا الحصر النضال من أجل الحصول على الحق في العيش الكريم وخاصة في ظل هذه السياسات الاقتصادية التي تنهجها الدولة التي تصب في مصالح قوى الفساد والنهب متذرّعين بالحصار الذي تمارسه قوى الغرب على بلادنا. فالنضال النقابي ينبغي أن يعزز ويقوي التعاضد بين الجماهير العمالية الكادحة، وهو الذي سيفشل هذا الحصار دون يافطة حزبية. والنقابات لديها فرصة مهمة اليوم فهل تستطيع فعل ذلك وهي تستطيع إذا امتلكت الإرادة واستقلالية قرارها.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1057