بوصلة العمل النقابي
ضعف العمل النقابي ليس بسبب ضعف الانتساب للحركة النقابية فقط، بل هو نتاج موضوعي لمرحلة تاريخية على مستوى العمل النقابي وغياب الأساليب النضالية لدى الكوادر الرئيسة في الحركة النقابية، وعدم وضع الأسئلة الكفاحية في برامجها وتقاريرها السنوية أمام مؤتمراتها، لماذا نمارس العمل النقابي؟ وماذا نريد من العمل النقابي؟ ومن هم أعداؤهم الطبقيون؟ وغياب العمل النقابي تحت العباءات الحزبية الضيقة.
فنقاباتنا مازالت مطواعة ولطيفة؟؟ تصمت عندما يتم تهميشها وتجاهلها أو إقصاؤها، وتركض فرحة، وتبدأ بكيل الثناء والمديح عندما يقدم لها بعض الفتات من مطالبها أو حقوقها المشروعة والتي لا تسمن أو تغني من جوع من قبل السلطات التنفيذية. وهذا ما نلحظه في كافة الاجتماعات النقابية من مؤتمرات سنوية وغيرها منذ عدة عقود. لتجاوز الوضع الحالي الذي تعيشه الحركة النقابية؟ لا بد من تصحيح مسار الحركة النقابية وإعادة بنائها الكفاحي التي وجدت من أجله بالدفاع عن حقوق العمال وتحقيق مصالحهم، التي فقدتها خلال المراحل السابقة، وخاصة الأجر العادل الذي يحقق تلك الحياة الكريمة للعمال وكافة الكادحين. وذلك بالابتعاد عن أساليب الاستجداء والترجي أو التفضل والإحسان، أو التسول بالمطالبة بحقوق من تمثلهم وهم كافة العاملين بأجر، الذي مارسته النقابات خلال تلك المراحل، ووضع السلطات التنفيذية أمام مسؤولياتها وواجبتها، بعيداً عن هذا الترجي والاستجداء والمديح، وأن أي مطلب أو حق يحصل عليه العمال سواء بزيادة أجور أو غيرها، ليس منة أو عطاء من قبل السلطة التنفيذية بل هو واجب وحق عليها أن تقوم به، وإننا نقول هذه الطريقة أو الأسلوب في العمل النقابي ليس متجذراً في الحركة النقابية، وإن كانت تبدو بعضها عميقة به اليوم، لكنها سطحية وهي تنافي قواعد وأسباب نشوء الحركة النقابية، بل هو مرض خبيث أصاب النقابات، وينبغي استئصاله من طرق عمل النقابات، وهو من الأمراض التي تشكل تحدياً حقيقياً وتهدد استقرار واستمرار العمل النقابي وتطوره في خدمة مصالح العمال الرئيسية المناطة بالتنظيم النقابي.
شكل خطاب التنظيم النقابي حول كافة قضايا العمال والعمل. الاستجداء الذي تبدأ بالثناء على السلطة التنفيذية وجهودها القيمة ثم التوسل إليها بأن تتكرم بالتوجيه لإجراء ما يلزم لتقديم هذا المطلب أو تحقيق هذا الحق المشروع والواجب عليها، تفضّلاً منها وإحساناً، ثم يختم الخطاب بما بدأ به من الشكر والثناء والمديح. وللأسف نرى ذلك ضمن صفوف الهرم النقابي الداخلي من قاعدته في مؤتمراته السنوية إلى قمة الهرم النقابي.
في هذا الواقع الاقتصادي والاجتماعي المزري الذي يزداد سوءاً وتدهوراً يوماً بعد يوم، لا بد من نهوض العمل النقابي وتصدره، وأن تلعب النقابات دورها في التعبير عن الغضب والاحتجاج وتعيد تنظم نضالات العمال، ولا بدّ من العودة عن هذا الأسلوب والطريقة من الخطاب التوسّلي وإشعار السلطة التنفيذية بمسؤوليتها المباشرة وتقصيرها في عدم تحقيق مطالب العمال ومصالحهم وحقوقهم المشروعة، وأنّ من واجبها تحقيق هذه المطالب والحقوق دون مماطلة أو تسويف، ومن ثم لا بد من تحذير هذه السلطة بأن أي تباطؤ في تحقيق المصالح والحقوق المطلوبة للعمال سيؤدي إلى رفع سقف المطالبة باتخاذ الأدوات والأسلحة الضرورية من أشكال مختلفة من الاحتجاجات من اعتصام أو تظاهر بما فيها الإضراب. وهذا يحتاج إلى إرادة نقابية حقيقية تؤمن بالعمل النقابي الكفاحي، ووجود ثقافة ووعي للكادر النقابي بأهمية العمل النقابي، وجود قانون لتنظيم النقابي يضمن الديمقراطية لكل أعضاء التنظيم، وينسجم مع الواقع والشرائع الدولية. وسوف نرى تاريخاً من النضال والتضامن سيظهر لدى الطبقة العاملة عندما تنهض من جديد يعيد للتنظيم النقابي ألقه وثقة العمال به وبكوادره.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1059