من قضايا المرأة العاملة

من قضايا المرأة العاملة

كان العمل التقليدي للمرأة السورية في المدينة محصوراً في المنزل، وفي الريف كانت المرأة تعمل في الزراعة إلى جانب العمل المنزلي، واليوم لم يعد العمل خارج المنزل مقتصراً في المدينة والريف على الذكور لاسيما بعد تطور مستوى تعليم المرأة وارتفاع تكاليف المعيشة ومتطلباتها، مما دفع بأعداد كبيرة من النساء إلى سوق العمل للمساهمة في إعالة أسرهم.

ومع دخول المرأة سوق العمل بدأت تكتشف أن العمل هو الهدف الأساسي لمحور حياتها، وكان يتغير حسب الظرف التاريخي والوضع الاقتصادي والاجتماعي من تعليم وغيره، وأصبح اليوم دور ومساهمة المرأة في عملية التنمية في أي مجتمع من المجتمعات مؤشراً للدلالة على مستوى التطور الاقتصادي والاجتماعي في المجتمع.
استطاعت المرأة العاملة أن تدخل معظم القطاعات الإنتاجية منها والخدمية. وبات عمل المرأة يساهم بشكل فعال في بناء المجتمع وتطوره اقتصادياً واجتماعياً وحتى علمياً وخاصة أن المرأة تشكل ما يزيد عن نسبة 51% من المجتمع وهذا قبل انفجار الأزمة وتبعاتها الاجتماعية والاقتصادية، لقد دخلت المرأة العاملة معترك حياة العمل بكل تفاصيلها من قوانين ورعاية الأمومة ورعاية الطفولة واستغلالها بأجور منخفضة وشروط وظروف عمل مجحفة بحقوقها وخاصة المرأة العاملة في القطاع الخاص. ونتيجة انفجار الأزمة وتبعاتها في البلاد فقدت العديد من العاملات أعمالهن وخاصة العاملات لدى القطاع الخاص حيث ارتفع معدل نسبة البطالة في صفوف النساء فقد وصلت إلى ما يقارب 59% حسب بعض الدراسات. والسؤال هل تم إنصاف المرأة العاملة؟ من خلال العودة إلى قوانين العمل التي تنظم علاقات العمل نجد أنها لم تفرّق بين الرجل العامل والمرأة العاملة في العمل، فكلاهما يحصلان على نفس الأجر والحوافز لذات العمل، وكذلك في المراتب الوظيفية، لكن الواقع والحياة شيء آخر. فهو غير مطابق للقوانين وغير منسجم معها ويحرم المرأة العاملة من فرص تطوير نفسها لتكون فعالة في مجتمعها، بسبب الضغوط المختلفة الملقاة على عاتقها، ومنهاعدم توافر وسائط النقل المناسبة مما يزيد من متاعبها في العمل، مسؤولياتها المنزلية من تحضير الطعام للأسرة وغيرها من متطلبات المنزل، لا تزال تلعب المرأة العاملة الدور الأكبر في الإشراف على متابعة تدريس الأطفال، لذلك لا تجد المرأة العاملة الوقت الكافي لإقامة علاقات اجتماعية في محيطها، ومن أكبر المعيقات التي تواجه المرأة العاملة هي تأمين الأطفال أثناء غياب الأم في العمل، إن معظم العاملات وخاصة المتزوجات منهن لا يستطعن التوفيق بين عملهم المنزلي وخارجه بسبب هذه الصعوبات وغيرها الكثير مما يترك أثراً سلبياً في المنزل وعلى إنتاجيتهم في العمل.
لا يزال السؤال هل أنصفت قوانين العمل المرأة العاملة خاصة فيما يتعلق بإجازة الأمومة؟ فهي قليلة بالنسبة لما يحتاجه الطفل من رعاية في مراحل نموه الأولى حيث تُمنح الأم 120 يوماً عن الولادة الأولى، و90 يوماً عن الولادة الثانية، أما الولادة الثالثة فتمنح عنها 75 يوماً... على أن تبدأ الإجازة خلال الشهرين الأخيرين من الحمل. رغم أنها في بلادنا قصيرة مقارنة ببلدان العالم، فالشكل القانوني يوحي بأنه لا تمييز ضد النساء في قطاع العمل، لكن المعيقات متشعبة وكثيرة، ومن أهمها وضع دور الحضانة لأطفال العاملات من حيث تأهيل الكوادر، وتناسب دوامها مع دوام عمل المرأة العاملة الأم، الأمر الذي يدفع الأمهات إلى التخلف في العمل أو الإكثار من الإجازات غير المأجورة. لذلك لا بد من تعديل القوانين التي تحد من عمل المرأة، وإزالة الضغوط الملقاة على عاتقها ما يجعلها منتجة وفعّالة في مجتمعها.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1045