الضمان والحماية الاجتماعية

الضمان والحماية الاجتماعية

يعتبر الضمان والحماية الاجتماعية من القضايا الاجتماعية والاقتصادية الأساسية في المجتمع، لأنها مرتبطة ارتباطاً مباشراً بالواقع المعيشي من ظروف اقتصادية واجتماعية، فالطبقة العاملة تعاني من ظروف معقدة، ويعود الجزء الأكبر منها إلى ارتفاع نسب الفقر والبطالة.

هذا إضافة الى ظروف بيئة العمل غير السليمة، وبالأخص منها ما يتعلق في الأجور المناسبة التي تؤمن المعيشة الكريمة للعامل كما ذكرنا في الأعداد السابقة، بالإضافة إلى قوانين العمل غير العادلة للعمال، وخاصة عمّال القطاع الخاص، مما أفقد العمال الكثير من الحقوق العمالية مثل الأجور المناسبة والعادلة، وعدم توفير وسائل الصحة والسلامة المهنية وغيرها، ويعد الضمان الاجتماعي لدى العمال أحد الأولويات التي تكفل لهم حياة كريمة تلبي متطلبات حياتهم العملية، واحتياجات أسرهم لإعالتهم لها، وحقهم في فرصة عمل لائقة ومناسبة لإمكانيتهم وتطلعاتهم.
ظهرت قضية الضمان الاجتماعي مع ظهور الثورة الصناعية وتطورها، الذي أدى إلى كثرة الأخطار التي تهدد العمال في سلامتهم وكذلك أمنهم المعيشي، ونشوء الحركة النقابية العمالية حيث كانت تطالب بضرورة وجود تأمينات اجتماعية للعمال، مثل الإجازة المرضية مدفوعة الأجر وإصابات العمل وتأمين الشيخوخة وغيرها من الحقوق للطبقة العاملة. لمواجهة المخاطر التي تهدد العامل وضرورة تأمين الأمن له، ففي المؤتمر التأسيسي لاتحاد العالمي لنقابات العمال الذي عقد في شهر أيلول من عام 1945، تضمنت الوثيقة التأسيسية له أنّ الاتحاد يناضل من أجل: «التأمين الاجتماعي المناسب لحماية العمال وعائلاتهم من البطالة والمرض والإصابة والشيخوخة». وكذلك تضمنت وثيقة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي أقرتها الجمعية العامة، أيضاً في كانون الأول من عام 1948 حيث جاء في المادتين 22 و25 منها ما يلي: المادة /22/: لكلِّ شخص بوصفه عضواً في المجتمع، حقٌّ في الضمان الاجتماعي، ومن حقِّه أن تُوفَّر له، من خلال المجهود القومي والتعاون الدولي، وبما يتَّفق مع هيكل كلِّ دولة ومواردها، الحقوقُ الاقتصاديةُ والاجتماعيةُ والثقافيةُ التي لا غنى عنها لكرامته ولتنامي شخصيته في حرِّية. المادة /25/: 1- لكلِّ شخص حقٌّ في مستوى معيشة يكفي لضمان الصحة والرفاهية له ولأسرته، وخاصَّةً على صعيد المأكل والملبس والمسكن والعناية الطبية وصعيد الخدمات الاجتماعية الضرورية، وله الحقُّ في ما يأمن به في حالات البطالة أو المرض أو العجز أو الترمُّل أو الشيخوخة أو غير ذلك من الظروف الخارجة عن إرادته والتي تفقده أسباب عيشه.
من هنا نشأت الحاجة إلي نظام اجتماعي يضمن للعمال الحماية والأمن، فكان الضمان الاجتماعي والذي أصبح أحد معايير التقدم في كل المجتمعات، بما يحوي من تشريعات تساهم في تعزيز مبادئ التكافل والحماية الاجتماعية للطبقة العاملة ويهدف إلى ضمان الأمن الاقتصادي للعامل وأسرته، من المخاطر وآثارها من خلال التعويض عن الضرر الناجم عن هذه المخاطر مثل تأمين العلاج للمرضى والإصابة الناجمة عن حوادث العمل أو المرض المهني، وتأمين العامل المصاب بأحد اشكال العجز، وتمكينه من مزاولة عمل آخر يتناسب مع إمكاناته الجديدة بعد الإصابة وتوفير الحماية للعامل وأسرته من بعده في حال الوفاة، ومنذ أن بدأت الحكومة بتبني السياسات الاقتصادية الليبرالية بدأت عمليات تحطيم الحماية الاجتماعية وتزايدت خلال السنوات الأخيرة من عمر الأزمة الوطنية الناتجة عن تلك السياسات الاقتصادية. ونستخلص مما جاء أعلاه أن المسؤولية الأساس للحماية الاجتماعية تقع على عاتق الدولة، وعلى دور الحركة النقابية وقدرتها على اتخاذ تلك المواقف الضرورية والحاسمة للحفاظ على هذه الحماية. هذا وقد أصدرت منظمة العمل الدولية في شهر أيلول الماضي من هذا العام تقريراً يتعلق بالحماية الاجتماعية، ووضع الأمن الاجتماعي ودور الدولة والمنظمات المعنية في ذلك. أكد فيه بأنه «لا بديل عن قيام الدولة بمسؤوليتها للحماية الاجتماعية بشكل مباشر ودون وسطاء مثل الجمعيات الخيرية أو منظمات المجتمع المدني أو تبرعات أصحاب الأموال. وأن الحماية الاجتماعية الفعّالة والشاملة ليست ضرورية فقط للعدالة الاجتماعية والعمل اللائق وكذلك لخلق مستقبل مستدام وقادر على الصمود أيضاً».

معلومات إضافية

العدد رقم:
1047
آخر تعديل على الثلاثاء, 07 كانون1/ديسمبر 2021 20:31