من وحي المؤتمرات النقابية

من وحي المؤتمرات النقابية

وجدت النقابات نتيجة نضالات العمّال من خلال معاركهم ضد المستغلين من أجل تحسين ظروف وشروط العمل، والحد من أساليب وطرق النهب والاستغلال التي تمارس على العاملين.

أغلبية الطبقة العاملة لا يحصلون على الحد الأدنى للأجر الذي ضمنه الدستور والتشريعات والمواثيق الدولية من اتفاقيات العمل الدولية وغيرها، وهو الحد المرتبط بمستوى المعيشة الضروري، والتي يعاني منها العمال من خلال الارتفاع المستمر لأسعار كافة المواد التي تتطلّبها المعيشة وبالأخص منها المواد الأساسية والضرورية للحياة.
الحد الأدنى المعمول به اليوم من خلال جداول الأجور المحددة بقوانين العمل النافذة لا يستطيع أن يؤمن للعامل حتى سدّ حاجة الجوع والعطش أو يستجيب لحفنة من بعض الحاجات الأساسية في حدها الأدنى، رغم الزيادات المزعومة لهذه الرواتب والأجور المختلفة.
النقابة سلاح العمال الأفضل لتحسين ظروف عملهم وتحسين شروطه والنقابة هي مدرسة طبقية لوعي الطبقة العاملة لموقعها في المجتمع ووحدة الطبقة العاملة وتضم النقابات عمالاً من مختلف الانتماءات السياسية وغيرها من الانتماءات وعملية فرض خيار سياسي بحد عينه عليها، الذي تمارسه أجهزة السلطة التنفيذية وأرباب العمل، التي اتبعت خلال العقود الماضية وما زالت حتى اليوم أدى ومازال يؤدي إلى إضعافها وإبقاء غالبية العمال خارج هذه النقابات وخاصة عمال القطاع الخاص.
الملحوظ من خلال المؤتمرات السنوية التي تجري اليوم، تحوّل النقابة إلى أداة تهادن طبقي واستبدلت النضال النقابي وأدواته المجربة والناجعة في تحصيل الحقوق بالرهان على المذكرات والكتب، مما نتج عنه من تغيير شامل لوظيفة النقابة ولأساليب النضال فيها، ولطبيعة العلاقة مع أرباب العمل المختلفة، وجلّ ما نتخوف منه إذا استمرت هذه الحالة والطريقة المتبعة التي أثبتت عدم جدواها بغية تحصيل حتى أقل الحقوق والمطالب العمّالية سواء بالأجور أو الصحة والسلامة المهنية أو الطبابة وحتى متممات الأجر من إضافي وطبيعة عمل وحوافز وغيرها من الحقوق أن يكون مصير الحركة النقابية في عتمة المجهول. مما يسهل على أعدائها افتراسها بكل سهولة لقد حان الوقت لوقف هذه الأساليب التي تحد من إرادة العمال وآن الأوان لابتكار طرق جديدة تذهب بعيداً عن هذه الأساليب والوسائل التي تعمل بها النقابات اليوم التي لا تساهم أو تساعد في رص صفوف العمال والحركة النقابية وتحقيقها لمصالح من تمثلهم، إن الحرب بين العمال ومستغليهم دائمة والمعركة القادمة أكبر وأشرس وظروفها أعقد في ظل تلك السياسات الحكومية المتبعة التي تزيد من فقر العاملين بـأجر.
وفي الوقت الذي تضعف مؤسسات الدولة التي تجري خصخصتها، والفساد الكبير المستشري، وفي ظل هذا الواقع المعاش اليوم على النقابات أن تلعب دوراً أساسياً على الصعيد الوطني والعمل على بناء اقتصاد منتج يساعد في تحسين ظروف العمل والعمال. ومواجهة منظومة السياسات الحكومية مواجهة شاملة لأن هذه السياسات الاقتصادية أصابت المجتمع ككل، وأصابت كل بيت وعائلة مما انعكس ذلك على صحتها وتعليمها ومستقبل أولادها وعلى قوتها اليومي ومعيشتها، وذلك نتيجة إقفال العديد من الشركات والمعامل الإنتاجية وتعطيلها عن العمل. حيث للنقابات دور أساسي في هذه المواجهة، لذلك لا يجوز أن تبني المنظمة النقابية سياستها على بعض المطالب البسيطة والصغيرة فقط، بل على النكسات والهزائم كذلك، وهذه مهمة النقابيين الكفاحيين المتسلحين بإرادة التغيير الشامل والجذري للمجتمع، والمقتنعين أن طبقة العمال هي قائدة هذا التغيير، وأن النضال النقابي مدرسة لتربية العمّال لوعي وحدتهم وقوتهم والتعرف على أعدائهم وأسلحتهم  وخدعهم المختلفة. وإلا سيبقى العمل النقابي يدور في حلقة مفرغة وستتحول النقابات إلى هيئات فاقدة لأية قدرة على مقاومة سياسات الجباية والنهب والفساد.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1055