عبد الرزاق دياب
email عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
بهدوء وصمت ودون أية سجالات، وبعد أن أخذ الموضوع من النقاشات والمداولات بين رجال الاقتصاد والرأي ما أخذ)، وأكدت الغالبية خطورة القيام بهذه الخطوة، على المواطن واقتصاد الوطن، تستعد المحافظات لإنشاء مراكز توزيع قسائم المازوت المدعوم حسب دفاتر العائلة!!
السومرية الحل.. والأزمة
كلما تحدثت جهة حكومية عن أن غايتها من إقامة مشروع ما هو سعادة المواطن وراحته، وضع الأخير يده على قلبه مستعيذاً بالله من قلق قادم.
محافظة دمشق بررت نقل كراج البرامكة بسياراته وبشره إلى (السومرية)، بتخفيف الضغط على المدينة وإخراج أكثر من ثلاثة آلاف سيارة خارج دمشق مما يساعد على تخفيف الازدحام والتلوث فيها، وتوقعنا حينها أن مشروعاً استثمارياً جديداً سيعلن عنه في (البرامكة) بعد حين، وجاء هذا الحين، وتبين أنه مشروع خدمي ومرآب سيارات يتسع للآلاف.. إذاً الغاية لم تكن راحة المواطن والبيئة، وإنما كانت مقدمات إنسانية اعتدنا عليها لتمرير ما هو ليس بإنساني، وأن ترحيل أزمة النقل في دمشق، سيستمر من بؤرة إلى أخرى.. ريثما يطردنا الموت جميعاً اختناقاً.. أو قهراً.
تحت جسر الرئيس، ثمة أناس كثيرون بانتظار وصول السرفيس الذي سيقلهم إلى البيت أو إلى العمل المسائي أو إلى النهاية، هذه الأقدار المحتملة لمن ينتظر، لكنها تتلكأ كالعادة.. لا مكان لراكب على الجانب، أو يومئ السائق بيده المتعجرفة أنه لن يصل بك إلى ما تريد، وهذه أيضاً الأقدار المحتملة في وسائط نقلنا.
في كل هذا الانتظار الكافر، تتسلى بعيونك فقط، إما بمتابعة المارين والمارات، أو بسماع مكالمة على الموبايل من أحدهم، أو بالنظر إلى مشروع محافظة دمشق لتزيين قبر بردى برخام جديد.
قبل القدس وبعد الجزائر، دمشق عاصمة للثقافة العربية عام 2008، من هنا تحركت كل الجهات الرسمية لتكون هذه المناسبة دعوة لإعادة المدينة الأقدم لنضارتها، بدءاً من المرسوم التشريعي بتشكيل الأمانة العامة لاحتفالية دمشق عاصمة للثقافة العربية، وتنادي كافة المسؤولين لدعمها، فرئيس الوزراء أطلق حملة تحت عنوان (مدينة الياسمين، عز الشرق، وحاضنة العروبة)، كذلك أعلنت الأمانة العامة للاحتفالية عن دعمها للمشاريع الفنية المسرحية والسينمائية والرسوم المتحركة من خلال تقديم منح للمشاريع المقدمة لإنتاجها بمناسبة الاحتفالية.
كل هذا الاهتمام تكلل بتحرك محافظة دمشق لإنجاز المشاريع النائمة، ومحاولة لتحسين ما يمكن تحسينه من الوجه البائس الذي وصلت إليه المدينة العريقة، شهران وتدخل دمشق ولمدة عام هذه الاحتفالية، فهل ستتمكن المحافظة من تبييض وجه المدينة وإعادة بعض الرونق الجميل لما انتابها من عقود الإهمال.. ولكي لا أكون متشائماً كما أتهم، ونذير شؤم، أعتقد أنني بالأمس شاهدت حالة رفيعة من التألق لا أدري إن كانت مقصودة أو أنها جاءت عفواً، أم هي بداية خطوة ستنتهي بما اعتدناه، أمام نهر الحزن (بردى)، ثمة حديقة جميلة تم هدم سورها، وإطلاق حريتها، أي أن محافظة دمشق لم تعد تؤمن بالحديد لتسوير الحدائق العامة وهذا ما يعطي انطباعاً بالحرية، كذلك تم إزالة المنصفات الحديدية من وسط شارع الأركان في خطوة أتمنى أن تصب في خانة صنع منصف من ورد، كما شارع المحافظة، لننسى قليلاً أوتاد الحديد والجنازير التي تفصل الشارع عن الرصيف، وبالتالي تخلق مواطناً لا يدوس الورد، و يقطع الشارع من المكان المخصص له، وتضفي بعض الخضرة والجمال على شوارعنا السوداء.
(يستحيل تحصين أي أمر ضد الأغبياء لأن غباءهم مبدع).. ● مورفي
غير مصدق، ربما كان مجرد مزاح صحفي، أو خبر مدسوس، أعدت قراءته أكثر من مرة، التفاصيل التي حملها الخبر تؤكد جديته وصحته.
كالنكتة كان مطلبنا لحل بعض أواصر النزاع بين الموظف المرتشي، والمواطن دائم الحركة، والتعامل مع الموظف بمعاملة رسمية، سند أمانة، شهادة حسن سلوك، عقد إيجار، عقد نكاح، طلاق، شهادة تأدية الخدمة.. الخ.
لكن الخبر كان جدياً:
(أحدثت المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية مديرية جديدة باسم (مديرية التفتيش على التفتيش)، وذكر خلف العبد الله مدير عام المؤسسة أن المديرية الجديدة ستلعب دوراً مهماً في متابعة أعمال المفتشين ومراقبة فواتير المعامل ومتابعة المصدر الرئيسي والتأكد من صحة المسجلين خاصة، وأن هناك عبئاً كبيراً يلقى على عاتق دوائر التفتيش في دعم صناديق المؤسسة مالياً، وذلك خلال قيامهم بجولات تفتيشية لإشراك جميع العمال وأصحاب العمل بالمظلة التأمينية، وإجراء المسح العام على كافة المنشآت، مشيراً إلى دور المؤسسة الفعال في خلق مناخ سليم من خلال سعيها المتواصل لتوفير عاملي الاستقرار والأمان الاجتماعي للمؤمّن عليهم ولأفراد أسرهم خلال سنوات العمل وبعد مرحلة العمل عند الإحالة إلى التقاعد، وما بعدها عند الحاجة.)
ولى أيلول الأسود ومعه ما ادخر السوريون من سيولة، ودعا الصائمون منهم ربهم في العشر الأخير من رمضان (الكريم) أن يفرج كروبهم وييسر أحوالهم. الدعاء بقلب حزين، جاء جوابه على شكل منحة رئاسية شكلت دعماً مزدوجاً للسوق وللمواطن، الدعامة الأولى لسوق راكدة، نائمة، بانتظار الفرج المتمثل بالسيولة المفقودة بأيدي الناس وجيوبهم، والدعامة الثانية هي لمواطن كسرت ظهره، المونة ورمضان والمدارس، وخرج من أيلول منتوفاً بلا ريش أو لحم.
قبل أن يصدر مرسوم المنحة بأيام قليلة لم يكن أحد من المواطنين يتجرأ ولو بالتفكير بما يمكن أن يشتريه هذا العام لأطفاله، أو ما الذي سيقوله لابنه غير المدلل إذا ما طلب منه قطعة لباس جديدة، أو ما سيقدمه لزواره في العيد، ربما سيكتفي بكيلو من البرازق والغريبة، أو بالقهوة المرة، وهي الأنسب على رأي أبو حسام دالاتي في ظروف كهذه.
وسط الزحام وصل الباص الذي نقل العائلة القادمة من القنيطرة إلى دمشق، امرأة مع ولديها.. وصوت الانقلابات في خمسينات دمشق، المؤامرات.. الحب، الشباب الذي يحلم بواقع أفضل، الانتهازيون، الأخوة القتلة، الجبناء، التجار الجاهزون لتبديل الصور كل يوم، الراديو واسطة العلاقة بين الناس وما يدور في الخفاء، كحلم المرأة برجل يشم وحشتها القاتلة...
بعد أن «طارت» الطبقة الوسطى، وسقطت من حسابات المجتمع كشريحة لها مواصفاتها ودورها، وصرنا طبقتين، قلة متخمة منفوخة، وأغلبية جائعة يدعى جزء منها (المستورون).
القلة المتخمة غير معنية بما يجري، لا تتأثر بشيء، لا بالدولار إن هبط أو صعد، ولا بالدعم إن رُفع أو أعيد توزيعه، بالبطاطا (تفاح الفقراء) إن صدّرت أو منع تصديرها، فهذه القلة تأكل وتلبس وتنام وتسهر وتصوم وتعبد ربها كما تشتهي عكس ما تفعل، بعد الإفطار تشرب القهوة في (الشيراتون، الميريديان...الخ) أو في هواء (كوستا)، أو في استدارة (روتانا كافيه) الذي يرتاح بجواره جامع (فروخ شاه)، ثم يتزكون بتوزيع الماء و(5) تمرات على الصائمين في السرافيس والكراجات بعد أن يفتح (المتخم) صندوق سيارته (المرسيدس).
الطبقة الأخرى، كل البسطاء ـ التعساء، الفقراء، والموظفين، وصغار الكسبة، والمثقفين، والذين لا يحبون (كاتو) ماري أنطوانيت، بديل الخبز، تتأثر بكل شيء، بأقل شيء، تفطر بعد الصيام (التسقية، الفول، المسبحة)، وتشرب العرق سوس والتمر هندي، وأكثرهم (بطراً) يذهب إلى مقهى الروضة أو الكمال لقضاء أمسية بعيداً عن هموم المرحلة (الشتاء، العيد) بعد (المدرسة، رمضان، المونة)، ويعودون بالسرافيس المزدحمة إلى الضواحي المتراكمة كالجدري، يتدافعون ويركضون ويصلون إلى (السومرية) أو (البرامكة) بعد عناء.
- زيادة في الرواتب والأجور قادمة على ذمة «الدردري»..
- الفريق الاقتصادي من ذوي الدخل المحدود مثلنا، ويأكلون الفلافل في سهراتهم..؟
أوضح السيد عبد الله الدردري نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية أن الحكومة ستوزع الأموال التي ستدخل الخزينة نتيجة رفع الدعم عن مادة المازوت وفق الآتي:
- زيادة مجزية على الرواتب والأجور لم يعلن عن نسبتها.
- رفع أسعار المحاصيل الإستراتيجية الزراعية.
- صندوق الدعم الاجتماعي.
- دعم الصادرات.
- تمويل تدخل الدولة الإيجابي من خلال مؤسستي الخزن والتسويق والاستهلاكية لشراء المحاصيل وبيعها بسعر مقبول للمواطنين
- الاستمرار في تمويل الموازنة الاستثمارية للدولة في مجال مجانية الصحة والتعليم العالي.