عن الجيوب والقلوب
هي كل الأيام الصعبة الآن، الأيام التي لا تتوانى عن دفعنا للضحك وابتداع النكات، وفي الوقت نفسه يقطر العقل دمعاً من فرط الجنون والحيرة.
هي كل الأيام الصعبة الآن، الأيام التي لا تتوانى عن دفعنا للضحك وابتداع النكات، وفي الوقت نفسه يقطر العقل دمعاً من فرط الجنون والحيرة.
كانت أهم ما في البيت الطيني الصغير، أو كما أتوقع أهم جدرانه، كان معتزاً بصورته الشابة، وفتوته الواضحة، كانت صورته تمثل زهو الرجولة التي تحمي أهل البيت وجدرانه حتى في غيابه.
كما للموت تجّاره، وللجثث بائعوها، وللحرب سماسرة يبيعون السلاح والمتاريس، ونحن في أزمتنا، وفي انتقالنا التاريخي نحو حلمنا في وطن نظيف، وفي ألمنا المختار بأبجدية جديدة.. ينتهزنا الكثيرون بلا هوادة، ويسرعون في ملء جيوبهم، وكأنهم معنا في قلقنا المشروع من تغيرات تجتاحنا.. هم أيضاً لا ينامون لكن من أجل ألا يفوت عليهم مثقال ليرة من فساد.
خمس سنوات قادمة سيديرها اتحاد الصحفيين السوريين بأنفاس خبرناها.. هذا ما أفرزته الانتخابات التي انتهت منذ أيام قليلة على إيقاع مناقشات وصفت بالمشاكسة، وتصريحات تحدثت عن ضيق حال الاتحاد، وتقصير المؤسسات الإعلامية، وضرورة تعاونها مع وزارة الإعلام، وكذلك التأكيد على تأهيل الصحفيين كرمى لعيون المهنة.
من قرار وطني بامتياز إلى إلغاء هذا القرار.. ترى من يسمي هذه القرارات، ومن ينعتها بصفاتها المحمودة والمذمومة.
يمكن بالضبط أن نعرّف السوق السورية بـ«السوق الفزعة»، فخلال العشرة أيام الأخيرة قفزت أسعار بعض المواد الأساسية كالزيوت والسمون بمعدل يصل إلى حوالي %30، واختفت بعض الماركات من السوق منسحبة إلى مستودعات المحتكرين، وصار زيت (أونا) الماركة الذهبية التي اختفت فجأة.
يخفي أحمد شهادته الجامعية في خزانة أمه العتيقة، ومن بين مجموع الشهادات التي حازها يعتز بأولها، فالابتدائية بقناعته التي يقول بأنها جاءت عن وقائع وتجارب أثبتت أنها (الابتدائية) خير شهادة، وفيها رزق كثير، وجميع أصدقاء دراسته الذين توقفوا عندها، ولم يكملوا تعليمهم استطاعوا أن يؤسسوا أسراً ويبنوا بيوتاً، وأما هو فيعيش على أمل أن تحدث إجازة اللغة العربية نقلة نوعية في حياته.
ربما يوحي العنوان بالحديث عن وجبة من صنفين من الطعام، كـأن تقول على سبيل المثال (رز بالبازلاء)، ولكنها طبخة المؤسسات السورية بامتياز، وتتسع الحالة لتصير أكبر من ظاهرة يمارسها بعض الموظفين في أزمة سمحت للكثيرين أن يصطادوا حصصهم، تارة باسم المشاكل الكثيرة، وتارة بانشغالاتهم الوطنية.
الصورة ليست محلية فهنا يمارس الطين فينا لعنته بطريقة أخرى، فهوى العالم واحد، والفقراء يشبهون بعضهم من مدار الاستواء حتى أولئك المتراكمين على جسور المشاة المعلقة على شوارعنا.
بفتحتي أنف دائمتي السواد كان (محارب) يأتي إلى المدرسة، وعندما يضطر للعطس كان (الشحوار) ينهمر من حلقه وعينيه وأنفه، ومحارب هذا ولد سنة النكسة 1967، وكنا حينها في الصف الرابع أي في العام 1977، وأما السبب كما اكتشفنا حينها أن الولد ينام وسراج الكاز في غرفة نومه، وأن أمه في الصباح كانت من كثرة الأولاد لا تجد الوقت لتنظف له أنفه.