وحيداً.. دون مظلة
دولارات مزورة في الأسواق السورية، ومياه نبع عين الفيجة مسممة، وتعويم لليرة السورية، ومن ثم نفي رسمي لتعويمها.. هكذا وبكل بساطة يقع السوريون ضحايا العبث بأمنهم الاقتصادي والاجتماعي، والفاعلون جهتان منتفع، وغير مهتم.
دولارات مزورة في الأسواق السورية، ومياه نبع عين الفيجة مسممة، وتعويم لليرة السورية، ومن ثم نفي رسمي لتعويمها.. هكذا وبكل بساطة يقع السوريون ضحايا العبث بأمنهم الاقتصادي والاجتماعي، والفاعلون جهتان منتفع، وغير مهتم.
وجوه النسوة العجائز مزينة بالأزرق كدلالات جمالية، وبعض الرجال يرسمون نقاطاً مزرقّة عند مفاصل الأصابع أو على طرف الإبهام، وامرأة تباهي بنقطة صغيرة على طرف الخد الأيمن مع خاتم صغير في الأنف قرب إحدى فتحتيه تدفن معها، وهذا ما كان من وشم الجمال الذي اعتقد البدو بروعته حتى سنوات قريبة، وهنا حمل أهلي من الجولان عناوين زينتهم حتى نهايتها وسط المدينة التي تباهي بمكياجها المتمدن.
منذ ما يزيد عن عشرين عاماً (ليس نكأ للذاكرة) كان الطريق من المدرسة الثانوية إلى بيتنا خالياً من كتل الاسمنت العشوائي، وحضّرت لامتحانات البكالوريا في البساتين القريبة من حيّنا الصغير، ولست أنسى طعم (توت السياج) الذي طبع في ذاكرتي مع كل صفحة أقلبها من كتاب التاريخ.
تنص المادة السادسة من الدستور: يتألف علم الجمهورية العربية السورية من ثلاثة ألوان: الأحمر والأبيض والأسود، وفيه نجمتان كل منهما ذات خمس شعب لونها أخضر، ويكون العلم مستطيل الشكل، عرضه ثلثا طوله، يتكون من ثلاثة مستطيلات متساوية الأبعاد بطول العلم، أعلاها باللون الأحمر، وأوسطها باللون الأبيض، وأدناها باللون الأسود، وتتوسط النجمتان المستطيل الأبيض.
دخل الزبون إلى المحل وطلب من صاحبه بحماسة واستعجال: بالله خمس بيضات.. ومد قطعة نقدية من فئة الـ25 ليرة، وهذا ما جعل البائع يضحك من قلبه ويقول بثقة: يبدو الأخ من سنة (مو) مشتري بيض.. يا أخي البيضة صارت بتسع ليرات اليوم.. ويجوز بكرةتصير بعشرة!
لم يمض وقت طويل على كلمات عبد الله الدردري في الورشة التي أقامتها هيئة المنافسة والاحتكار: «إن الاقتصاد السوري لا يعاني من أوضاع مهيمنة لبعض الشركات الخاصة أو العامة أو حالات احتكارية، تؤدي إلى ارتفاع الأسعار وإلى أرباح ريعية غيرتنافسية».
ارتقع سعر الدواء في سورية 50% فقط كانت كافية جداً لتغمر السعادة أصحاب الصيدليات والمعامل ليفرجوا عن الدواء المفقود من مستودعاتهم وبالسعر الجديد وبصلاحية لا تتجاوز سنة واحدة، وهنا مربط الحصان.
في اليوم الذي سبق القرار كانت أغلب إجابات الباعة الصيادلة عند سؤالك عن صنف دوائي: مفقود؟... وهذه الإجابة المفاجئة وضعت إشارات استفهام أيضاً حول إغلاق بعض الصيدليات أبوابها عصر ذلك اليوم دون أسباب موجبة ففي حي واحد (شارع خالد بن الوليد) أغلقت أربع صيدليات وهي تفتح لساعات متأخرة من الليل.
أحد الصيادلة وكنت أسأل عن مرهم جلدي قال لي منذ يومين توقف توزيع الدواء، ويبدو أن القصة تسير باتجاه اتفاق بين نقابة الصيادلة والحكومة لرفع سعر الدواء الذي بات خلافاً يتأثر به المواطن الفقير فقط.
في عقل حكوماتنا مسٌ لا يداويه طبيب، ولا يفهمه فيلسوف، ولا محلل قادر على قراءة ما يدور في أروقتها العرجاء، ولكن من المؤكد أنها تفكر كحانوتي يدير رفوفه الفارغة بلهفة وتسرع.
(لا جدوى يا يسوع ... لا جدوى)... بهذه العبارة الشديدة القسوة ينهي نيكوس كازانتزاكي روايته الشهيرة (المسيح يصلب من جديد) ليقول لنا أن لا مجال لإصلاح من في هذه الدائرة الفاسدة.
عاد موسم صهاريج الماء إلى شوارع المدينة التي تقع على نبع ماء، وتنام في حضن جبل الشيخ الذي شهد هذا العام ثلوجاً لا بأس بها، ولكنها فيما يبدو لم تعد تستطيع تأمين الاستهلاك للأعداد الكبيرة من المواطنين الذي ازدادوا بعد زيادة المهجرين من المناطق الساخنة المحيطة بها.