مطبات: في انتخاباتنا الصحفية
خمس سنوات قادمة سيديرها اتحاد الصحفيين السوريين بأنفاس خبرناها.. هذا ما أفرزته الانتخابات التي انتهت منذ أيام قليلة على إيقاع مناقشات وصفت بالمشاكسة، وتصريحات تحدثت عن ضيق حال الاتحاد، وتقصير المؤسسات الإعلامية، وضرورة تعاونها مع وزارة الإعلام، وكذلك التأكيد على تأهيل الصحفيين كرمى لعيون المهنة.
لم يبخل المتداخلون في جلسات المؤتمر الأخير بالدعوة إلى تفعيل قانون الإعلام الجديد، وأن الحصول على المعلومة حق ضمنه قانون الإعلام، فيما قال آخرون إن الوضع الحالي لم يعد مقبولاً، وإنه يجب انتخاب مكتب تنفيذي يستطيع إقناع الإعلاميين والمواطنين بأن هناك مرحلة جديدة بدأت في حياة الإعلام السوري، وإنه من الممكن للوجوه الجديدة أن تقود الاتحاد ليثبت قدرتهعلى حماية الصحفيين والحريات الصحفية، ومواكبة التطورات الإيجابية التي تحصل في سورية، وأن يقود الإعلام إلى تحقيق حضور مؤثر في الحياة العامة، ولا سيما بعد صدور قانون الإعلام الجديد، وما سيؤمنه من أجواء جديدة ومتميزة للعمل الإعلامي.
في مداخلاتهم لم ينس الصحفيون السوريون أوضاعهم الصحية والحياتية، من صندوق التقاعد إلى الطبابة، ومعوقات زيادة حصتها بسبب ضعف إيرادات الاتحاد، وضعف اشتراكات الأعضاء، وتقاعس بعض المؤسسات الإعلامية عن تسجيل الصحفيين في التأمينات الاجتماعية.
وفي العموم، لم تمض المداخلات ولا ردود الاتحاد السابق (اللاحق)، ودعا رئيس الاتحاد إلى إحداث مديريات للدراسات في المؤسسات كمركز استشاري تزود الصحفي بالمعلومات وتساعده في تطوير عمله، وإلى أهمية استمرار رعاية الصحفيين وتأهيلهم وتدريبهم بما يضمن حالة أفضل لممارسة المهنة... وبالتأكيد هذه المعزوفة التي لم تقدم ولم تؤخر في حضور الإعلام السوريكفاعل في حياة السوريين، وكناطق لأوجاعهم التي تتكاثر، ومشكلاتهم التي يلعب الإعلام دوره فيها فقط في العرض ونشر الردود.
خمس سنوات جديدة... وسيلهث الصحفي الحالم بعضوية الاتحاد إلى كتابة عشرين مادة في أية جريدة، وعن أي موضوع، ويقدم أوراقه الثبوتية مضمومة إلى إنجازاته التي تخوله صحفياً متمرناً.
سيغيب الصحفيون عن مقرات فروع اتحادهم، ولا يجتمعون على كأس شاي في نواديه وكافيترياته، وسيدعون نادي الصحفيين في العفيف يقدم مشروباته وأطعمته وهواءه المكيف للقادرين على دفع فاتورة الحساب، وأما (كافيتريا) فرع دمشق فستظل خاوية بانتظار مستثمر قادر على تشغيلها بمواصفات زبائن مفترضين، وفيما يبقى (أيمن مرعي) يسعى لجمع خمسة صحفيين من أجلأن يتبادلوا أطراف حديث وحوار حقيقي، وهذا ما يتحقق مرة في السنة.
سيعمل الصحفيون السوريون في القطاع الخاص وقلوبهم ترتجف في أول الشهر من أن يشهر صاحب الجريدة إفلاسه، أو تتوقف جريدته لأي سبب كان، أو أن يخفض من رواتبهم بسبب قلة الإعلانات.. والبعض قد يضطر إلى مسايرة الحال والبحث في طريقه عن إعلان يعطيه بعض المال.
لن يتحقق للصحفي العامل في القطاع الخاص طموحه في أن يسجل في التأمينات الاجتماعية، فرب العمل في الصحافة أقسى من رب العمل في ورشة نجارة، فالأخير في أسوأ ما يريد يسجل عامله بالحد الأدنى للأجور.. ولذلك من الصعب أن تجد صحيفة خاصة تحتفظ بكادرها لأكثر من عام من مدير التحرير إلى مستخدم (البوفيه).
سيظل شعور الصحفي في القطاع الخاص كدخيل على المهنة، فالاتحاد يفتح حضنه الدافئ فقط للعاملين في القطاع العام ويعتبرهم أبناءً شرعيين، ومع هذا يتراكض أبناء العام للعمل في الخاص رغم كل تواقيعهم وتعهداتهم.. أما ابن الخاص فيحسد على استكتاب (بحق الورق).
ثمة اليوم ما يدعو إلى أن يكون الاتحاد على قدر المرحلة، وأن يخرج من سيرته الأولى... من دعواته وأمنياته وطموحاته.. مع أنني لست متفائلاً كما يجب.