سمير حنا
email عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
كان اختراع الآلة البخارية الحدث الأكبر في تاريخ البشرية الصناعي على الإطلاق، لقد كانت تلك الثورة الصناعية الأساس لنهوض البروليتاريا كقوة بشرية تبتغي كسر احتكار الكبار لأدوات الإنتاج الميكانيكية الجديدة تلك، التي لم يكن قادرا على شرائها سوى كبار الرأسماليين بحكم ثمنها الباهظ، مما أدى إلى إزاحة الحرفيين القدامى بعد أن بدأت تلك الآلات تنتج سلعا أفضل وأرخص من تلك التي أنتجها أولئك العمال الصغار بأنوالهم اليدوية وأدواتهم البدائية، وبدا للحظة أن الرأسماليين قد تمكنوا من السيطرة على كل شيء في حين فقد العمال كل شيء.
«يتوجب على نخبة من الشعب أن تتولى مهمة قيادة المجتمع، على أن يكون هدفها الحفاظ على منسوب معتدل من السكان، وهنا يجب أخذ الكثير من العوامل بعين الاعتبار، كالحروب والمجاعات والأمراض وغيرها، عندها يمكن الإبقاء على تجمع معقول من السكان لا تتضخم فيه الأعداد ولا تضمر، وهنا يتوجب على تلك النخبة أن تحرص على سرية قواعد القيام بذلك وإلا ستلاقي تمرداً عارماً في وجهها..»
تمتلك المؤسسة العسكرية الأمريكية رصيداً كبيراً في نشر الموت والدمار حول العالم، ويتربع تجار المجمعات الصناعية لإنتاج وتصدير السلاح حول العالم على قمة تلك المجازر، وها هي الأموال تنفق اليوم لشراء المزيد من الأسلحة لإكمال المسرحية الدموية التي تعيدها الولايات المتحدة الأمريكية كل بضع سنين بحجة «مكافحة الإرهاب» و «نشر الحريات»، لم تعد هذه الحقائق خافية على أحد مع تصاعد أعداد القتلى وارتفاع منسوب الدماء، لكن الأمر لم يتوقف يوماً على هذا النوع «المباشر» من الدمار، هناك نوع آخر أكثر خطورة وأعمق تأثيراً، وهو يطال العالم أجمع دون استثناء.
يستهلك الموقع الازرق الشهير ساعات كثيرة من أيامنا، وما زال الكثير منا يطرق رأسه طوال النهار أمام شاشته الصغيرة ليتابع «منشورات» الصفحات ويتواصل مع «الأصدقاء»، الافتراضين منهم والحقيقيين، لقد حقق «فيسبوك» نجاحاً كبيراً طوال السنين العشر الماضية وتجاوزت أعداد المشتركين الملايين، لكن الكثير قد تغير، واليوم، تعاني «ظاهرة الفيسبوك» من العديد من الانتقادات، كما أنها تتحضر لجولة جديدة من المنافسة.
شغلت الأحداث الدموية في أفريقيا العالم لبعض الوقت، بدأ فيروس «الإيبولا» يحصد المزيد من الأرواح إلى أن أصبحت الأرقام غير قابلة للتصديق، مئات الآلاف الآن قد قضوا نتيجة العدوى دون أن يتخذ العالم أي رد فعل حاسم للحد من تأثير هذا الوباء الجامح، لكننا لم نعد نسمع الكثير عن هذا الفيروس الآن بعد أن انشغلت الأنظار بأخبار أكثر أهمية على جبهات بعيدة من العالم، لم يتسن للكثيرين فهم هذا العجز العالمي ممثلا بمراكز الأبحاث والمؤسسات الصحية تجاه هذا الفيروس المتوحش، لكن يبدو أن الإجابة تكمن في دراسة فيروس من نوع آخر، فيروس عانت منه أفريقيا والعالم منذ زمن دون أن يشعر أحد به.
اندفعت الجموع في مسيرات حاشدة، ارتفعت الأعلام واللافتات في كل مكان، مئات الآلاف من الناس قد تجمعوا اليوم في أكبر تظاهرة بشرية شهدها «وال ستريت» منذ زمن
أغمضت «فنانة الجيل» عينيها، وبدأ الماء المثلج بالهطول ليبللها بالكامل، صرخت بمرح وسط ضحكات رفاقها وهي ترتجف من البرد، بدأت بتجفيف نفسها بمنشفة قريبة وهي تبدو سعيدة للغاية، لقد انضمت لقائمة طويلة من منافساتها في تحدي «سطل الثلج» الشهير، ستتبرع هذه الفنانة المحبوبة بما يلزم من المال لمرضى التصلّب العضلي الجانبي، هي لم تسمع قط بهذا المرض من قبل، لكنها الموضة اليوم، والجمهور يحب أن يراها «مبللة».
احتضنت الأم طفلها بشدة، حاولت أن تضمه إلى صدرها على الرغم من الأنابيب الكثيرة التي تحيط بجسده، لم تقو عيناها على تصديق ما يحدث، كيف يمكن لصبيها الجميل أن يتحول في غضون أيام إلى هذا الجسد النحيل الهش الملقى هنا، اختنقت الدموع في حلقها فتنهدت بحرقة وهي تستمع إلى تشخيص الطبيب: « لن يعيش ابنك طويلا يا حجة.. ودعيه وخففي عنه ألمه.. وجدنا فيه نسباً مرتفعة من التلوث الاشعاعي.. حالك كحال الكثيرين هنا في البصرة يا خالة.. فليكن الله في عونك..» التفتت الأم إلى الفتاة «الغريبة» التي لم تفارقها منذ إدخال ابنها إلى هذا المستشفى، أطرقت الفتاة إلى الأرض وهي لا تدري ما تقول، نهضت بصمت والتقطت بعض الصور للصغير الممدد على السرير، إنها الناشطة اليابانية «هاروكو موريكاتي» ، وهي ليست بـ«الغريبة» أبداً عما يجري هنا.
استغرق انتظاره دقائق طوالاً، أمعن النظر في الشاشة أمامه وهو يرى ذلك التجمع الكبير من السيارات حول المكان، لقد أثمرت عملية المراقبة الطويلة نتائج ممتازة، ها هي الطائرة المسيرة من دون طيار تنقل الصور الحية من أحد البيوت النائية على أطراف الصحراء، عدسة الكاميرا التقطت الوجه المطلوب عند دخوله إلى ذلك المنزل، وأصبح الأمر مؤكدا، إنه القيادي الأكثر خطراً الآن
هرعت الممرضات إلى غرفة العناية المشددة، كان الأطباء قد تجمعوا هناك منذ بعض الوقت وتحلق الجميع حول الغرفة الزجاجية العازلة في المنتصف، بدأت المرأة في الداخل بالاختلاج كما لو أنها تعاني من نوبات صرع شديدة، بدأت الأجهزة المتصلة بها بإطلاق العديد من الأصوات التحذيرية وسط ذهول جميع الحاضرين، يبدو أن جسدها لم يعد قادراً على الاحتمال أكثر من ذلك