لقاح ضد .. «الحياة»
«يتوجب على نخبة من الشعب أن تتولى مهمة قيادة المجتمع، على أن يكون هدفها الحفاظ على منسوب معتدل من السكان، وهنا يجب أخذ الكثير من العوامل بعين الاعتبار، كالحروب والمجاعات والأمراض وغيرها، عندها يمكن الإبقاء على تجمع معقول من السكان لا تتضخم فيه الأعداد ولا تضمر، وهنا يتوجب على تلك النخبة أن تحرص على سرية قواعد القيام بذلك وإلا ستلاقي تمرداً عارماً في وجهها..»
كتب الفيلسوف اليوناني «أفلاطون» ذلك منذ أكثر من ألفي سنة بين دفتي «جمهوريته»، ويبدو بأن هناك من يرى بأن تلك «النصائح» قابلة للتحقيق اليوم، هناك الكثير من المجاعات والأوبئة، وبالطبع، هناك الكثير من الحروب التي لم تهدأ طوال العقود الماضية في شرقنا بالذات، واليوم تكمل «داعش» وأخواتها ما بدأته قوى الفاشية الجديدة حول العالم، وتظهر «المالتوسية الجديدة» كنظرية لا رجعة فيها عندما يتعلق الأمر بالسياسة الخارجية الأمريكية بالذات، بعد أن دعا «توماس روبرت مالتوس»، القديس والباحث البريطاني في الاقتصاد السياسي والسكان، إلى ترك الحروب والأوبئة والمجاعات تحل مسألة عدم التناسب بين المستوى المرتفع والسريع للنمو السكاني مقابل المستوى المنخفض والبطيء لتراكم ثروات الأرض، وها هي أخبار اليوم تحمل المزيد لمن ما زال يشكك في «واقعية» تلك النظرية.
«مؤسسة بيل وميليندا غيتس»
يواجه المحسن الكبير «بيل جيتس» وأحد أثرى رجال العالم بعض المشاكل، وهي ليست من النوع الذي يمكن شراؤه بالمال على أية حال، حيث تواجه «مؤسسة بيل وميليندا غيتس» دعوى قضائية عرضتها محكمة الهند العليا تتهم فيها المؤسسة بتوزيع لقاحات فاسدة لأطفال بعض المدارس في الهند في العام 2010، وفي التفاصيل، تصرح المحكمة بأن «مؤسسة بيل جيتس بالإضافة إلى ثلاث مؤسسات أمريكية أخرى قد قامت بتوزيع اللقاح التجريبي على الأطفال بعد أن أهملت »جرمياً« إخبار الكادر الإداري والتدريسي والأهالي البسطاء بالأعراض الجانبية لمثل ذلك اللقاح التجريبي» مما أدى في النهاية إلى وفاة خمسة أطفال بعد أسابيع قليلة وتفشي أمراض الحساسية المفرطة عند بقية الأطفال ليرتفع العدد بعد عدة شهور إلى أكثر من عشرين، عندها سارعت السلطات إلى التحقيق في الحادث، وزادت اكتشافاتها «في الطين بلة»، بعد أن أدركت بأن شركة « GlaxoSmithKline» الدوائية قد لقحت أكثر من 14000 طفل من أطفال مناطق الهند القبلية البعيدة بأحد منتجاتها، الشركة ذاتها التي كانت تواجه دعوة قضائية قدمتها الحكومة البلجيكية بعد أن تثبت قيامها بالتخلص من سوائل تحوي على فيروس شلل الأطفال في أحد الأنهار البلجيكية وصولا إلى شبكة الصرف الصحي هناك!
تلقيح العالم الثالث
ما زالت القضية في الهند في بدايتها ويبدو أنها تجذب الكثير من الاهتمام، وتدعم الكثير من الحقائق التي تجاهلتها الصحافة بأنواعها حول «مؤسسة بيل وميليندا جيتس» ومثيلاتها من امبراطوريات صناعة اللقاح وتوزيعه حول العالم، والتي تم توحيدها منذ العام 2000 عن طريق التعاون الخبيث بين بيل جيتس ومؤسسة الصحة العالمية، لنحصل على ما يسمي «التحالف العالمي للقاحات والمناعة» أو «GAVI» الذي بدأ على الفور «بتلقيح العالم الثالث» بهمة عالية! لكن الحقيقة لم تخف عن الكثير من المهتمين بالشأن الصحي حول العالم وارتفعت أصوات قليلة تتحدث وبالوثائق عن قيام هذا «التحالف» – كلمة ليست ببعيدة اليوم– بتجربة لقاحات التحكم بالخصوبة في العديد من المناطق، وهذا ما أدلى به «بيل جيتس نفسه صراحة في إحدى ندواته الأخيرة قائلاً: «يبلغ عدد سكان الأرض 6.8 مليار نسمة اليوم، إنه يقترب من الرقم 9 مليارات، لذا يتوجب علينا العمل بجهد أكبر في مجال اللقاحات الجديدة والرعابة الصحية المتكاملة لتخفيض هذا الرقم 10 أو 15 بالمائة على الأقل»!
الإجهاض القسري بالحقن
إليكم مثالا بسيطاً عن هذه الإنجازات العلمية التي يتحدث عنها «جيتس» والتي لطالما تبنتها الحكومة الأمريكية، لكن يتوجب علينا العودة إلى العام 1989 حيث بدأت الأبحاث آنذاك حول تصنيع لقاح خاص - دعي لاحقاً بـ «تيتانوس»- يعمل على إيصال نوع معين من الجزيئات العضوية يستحث النظام المناعي البشري على إصدار جسيمات مضادة تستهدف تثبيط عمل ذلك الجزيء الغريب، لكن تلك العملية تفقد المرأة خصوبتها، كما أنها تحرص على منع حاملة اللقاح من تكوين الجنين داخل رحمها من الأساس، وتوالت عمليات تطوير اللقاح إلى أن تكشفت جميع التفاصيل في تصريح خاص لشركة «روكيفيللر» المنتجة للقاح في العام 2010، لكن تلك العقود الطويلة لم تخل من تجارب ناجحة وفاشلة لـ «تيتانوس» تبين بأنها استهدفت جميع الدول على قائمة العام 1974 للأمن القومي المتعلقة بمعدلات السكان، والتي اقترحت منذ ذلك الوقت زيادة الدعم المادي لجهود «الإجهاض القسري بالحقن» كما سمته!
في غذاء الأطفال
تجاهلت العديد من الحكومات التحذيرات التي نشرتها الصحف والتلفزيونات منذ تشكيل «تيتانوس» إلى اليوم، والتي كان أشهرها التقرير الذي عرضه تلفزيون BBC البريطاني في العام 1995 تحت عنوان «المختبر البشري»، حينها تحدث التقرير عن تجربة لقاح «تيتانوس» في الفيليبين وتأثيره على نساء مدينة «آكا» الفيليبينية، أولئك الزوجات الحوامل الذين أجبروا على تلقي هذا اللقاح وغيره لكي تتم الموافقة على تسليمهم بطاقات شخصية لأطفالهم اليافعين! مما أدى إلى تفشي حالات الإجهاض في مشافي المدينة، كما أن تقارير صحفية أكثر حداثة بدأت تتهم شركة «روكيفيللر» بالبحث عن سبل بديلة لحقن اللقاحات بدلاً من الإبرة التقليدية، حيث تنوي الشركة تضمينه في علب غذاء الأطفال بدلا من ذلك، عندها يمكن للجميع تخيل عواقب مثل هذا «التطوير»!
حقنة صغيرة نحو النهاية
تبدو الحرب ضد «ارتفاع عدد السكان» أمرا واقعاً، وهي تستنزف الكثير من الجهود الإمبريالية التي تهدف إلى إحداث تخفيض قسري في عدد السكان بهدف الحفاظ على نمط توزيع الثروة الجائر في العالم، عندها يصبح سكان «العالم الثالث» وما دون هدفاً لمؤامرة كبرى تريد إلغاءه من الوجود والهيمنة على القليل مما يملكه، فمن لم يمت بمرض قاتل أو بصاروخ هادر أو بفيضان عارم، سيلقى مصيره المحتوم بحقنة صغيرة يتلقاها راضياً مع ابتسامة لطيفة!