الكهرباء.. واقع مُزر ومزاودة
تردى واقع التزود بالطاقة الكهربائية بشكل كبير خلال الفترة القريبة الماضية، تزامناً مع موجة الحر الشديدة، والتي كانت بحسب مسؤولي الكهرباء سبباً في زيادة الاستهلاك، وبالتالي، زيادة ساعات القطع.
تردى واقع التزود بالطاقة الكهربائية بشكل كبير خلال الفترة القريبة الماضية، تزامناً مع موجة الحر الشديدة، والتي كانت بحسب مسؤولي الكهرباء سبباً في زيادة الاستهلاك، وبالتالي، زيادة ساعات القطع.
يعاني المواطنون في جميع المحافظات السورية وأريافها، خصوصاً محافظة ريف دمشق، من أزمة خانقة تتمثل في زيادة ساعات التقنين الكهربائي بشكل كبير، فضلاً عن انقطاعات العشوائية وغير المنتظمة في التيار، في ظل الطقس البارد والقاسي، مع انعدام العدالة في التقنين لبعض المناطق، بالرغم من كل الوعود السابقة التي سمعناها بتحسين وضع الكهرباء.
الشكر الذي تم توجيهه للمواطنين لتحملهم ظروف التقنين الكهربائي وتقدير معاناتهم بسبب زيادة ساعاته، كان لفتة جديدة من وزارة الكهرباء لم يعهدها المواطنون سابقاً من أية جهة مسؤولة عن خدماته، سواء كانت عامة أو خاصة.
ما زالت أزمة الكهرباء مستمرة، بل ازدادت واستفحلت خلال الفترة الأخيرة، برغم «كَيل» الكثير من الوعود عن تحسن الواقع الكهربائي، وبرغم استنفاذ غالبية الذرائع والحجج المساقة لتبرير سوء الخدمة.
تعلن وزارة الكهرباء أنها تعمل على تقليص الاستجرار غير المشروع للكهرباء، وأن هذه العملية تتوسع سنوياً، ولكن البيانات المنشورة تقول عكس ذلك... فما مدى فعالية ضبوطات الوزارة في رصد سرقة الكهرباء، وكيف يمكن أن تكون أكثر فعالية؟
الوزارة نشرت بيانات حول الكميات والقيم الكلّية للكهرباء المسروقة خلال النصف الأول من العام الحالي، نستطلع أهم أرقامها.
لم تدم فرحة السوريين بانتظام التيار الكهربائي، وقلة ساعات التقنين طويلاً، فقد بدأ التيار الكهربائي بالتقطع دون مواعيد ثابتة، وبشرهم مدير الشركة العامة لكهرباء ريف دمشق: أن التقنين هذا الشتاء لن يكون أكثر من ساعتين متتاليتين في القطعة الواحدة.
حتى الثمانينيات كانت لا تزال مهمة إيصال الكهرباء موضوعة على جدول أعمال بعض المحافظات السورية لبعض القرى والبلدات، وفي العقد الماضي في سورية بدأت تظهر بوضوح أثر إخفاقات هنا وهناك في مواجهة الأحمال على الشبكة، مع توسع الأحياء والنشاطات الاقتصادية التي تولد في الظل، وتسرق حاجاتها الكهربائية أما اليوم فالكهرباء المقننة أصبحت المقياس الأهم على شدة التدهور...
وردت إلى جريدة قاسيون شكوى من سكان حي المزارع- دف الصخر خلف الفرن الآلي في مدينة جرمانا بـ ريف دمشق، حول السياسة الجديدة الجائرة التي اعتمدها شركة الكهرباء في المدينة.
في الواقع كل الدول تقوم بتطوير وتحديث قطاع الكهرباء والطاقة بشكل مستمر، وبما يتماشى مع النمو السكاني والصناعي لديها، ويأخذون بعين الاعتبار زيادة الطلب المستقبلية على الكهرباء والطاقة ، ويكون لديهم ما يسمى بالاحتياطي، فإذا ما انهارت عنفة ما أو محطة ما لسبب أو لأخر يكون لديها القدرة على تدارك الوضع عندها، إلا أنه وفي سورية، وبعد أن كان لدينا فائض بنحو 1300 ميغا واط دوار في عام 2000، فإنه جرى استنزافه، لنصل بعد بضع سنوات إلى عجز معاكس يقارب الـ 1000 ميغا واط، دون السعي إلى تدارك هذه الحالة من النقص، أو اللجوء إلى ضخ الاستثمارات الحكومية بالقطاع الكهربائي لعدم تحول النقص الآني إلى أزمة بنيوية في جسم القطاع الكهربائي، وما جرى هو إهمال هذا القطاع، وإبقاؤه على حالة التردي المستمر التي يعانيها، وهذا ما افرز أزمة صيف عام 2006، وأزمة الكهرباء التي تلتها في عام 2007، وهذه هي إحدى أهم الاسباب التراكمية لحدوث الازمة التي يعانيها القطاع الكهربائي اليوم
تتوازى وتيرة انقطاع الكهرباء في المحافظات السورية مع تزايد وتسارع حجم التصريحات الرسمية المنطلقة من أروقة الوزارة، والإطلالات المتكررة لوزير الطاقة الكهربائية لتبرر هذا الانقطاع بشتى الوسائل، فالتبرير على ما يبدو أكثر أهمية لدى بعض الجهات الرسمية من محاولة إيجاد واستنباط الحلول، فـ«جداول التقنين» لم يعد من الممكن وصفها بهذا الاسم، لأن ساعات الانقطاع وصلت إلى 12 ساعة في اليوم الواحد، أي أن ساعات التغذية الكهربائية لا تتعدى 50% يومياً، وهذا ما لا يمكن تسميته تقنيناً، فأزمة القطاع الكهربائي الآن تعكس حقيقة الخلل البنيوي والهيكلي في جذور هذا القطاع، والذي يتجاوز تفجير أحد خطوط النفط، أو تعثر تزويد المحطات بالوقود اللازم لتشغيلها بالقطارات إلى بعض المناطق...