إلى وزارة الكهرباء.. مع التقدير ولكن!
الشكر الذي تم توجيهه للمواطنين لتحملهم ظروف التقنين الكهربائي وتقدير معاناتهم بسبب زيادة ساعاته، كان لفتة جديدة من وزارة الكهرباء لم يعهدها المواطنون سابقاً من أية جهة مسؤولة عن خدماته، سواء كانت عامة أو خاصة.
وسواء اقتنع المواطنون بتفاصيل مضمون البيان الصادر عن الوزارة نهاية الأسبوع الماضي، على مستوى «تقدير الظروف العامة التي تمر بها البلاد عامة وقطاع الطاقة خصوصاً، بسبب عوامل عديدة، أهمها: زيادة حدة الإجراءات الاقتصادية، مما أدى إلى توقف واردات مادة الفيول المخصص لتوليد الكهرباء، وبأن برامج التقنين توضع وفق الكميات المتاحة من هذه المواد»، أم لم يقتنعوا، فواقع الحال يقول: «مُكرهٌ أخاك لا بطل».
تم تقدير ظروف البلاد فماذا عن ظروف العباد؟
ساعات التقنين الكهربائي ازدادت عملياً في كافة المحافظات والمناطق، وهو أمر ربما يمكن تقديره بحسب المبررات والمسوغات أعلاه، برغم ثِقَل هذه الحال على تفاصيل الحياة اليومية والاحتياجات للطاقة الكهربائية.
لكن ما لا يمكن تقديره أو إيجاد المبررات والمسوغات له من قبل المواطنين أربع قضايا مرتبطة بموضوع التزود بالكهرباء، وبساعات التقنين.
القضية الأولى: هي عدم انتظام برنامج التقنين نفسه في الكثير من المناطق، والنتيجة السيئة التي يحصدها المواطنون جراء ذلك هي أنهم يصبحون عاجزين عن برمجة يومياتهم المرتبطة بتوفر الطاقة الكهربائية، وخاصة على مستوى التزود بالمياه والغسيل والتغسيل، وغيرها من الاحتياجات الحياتية الأخرى المرتبطة بالكهرباء.
القضية الثانية والأهم: هي انعدام العدالة في توزيع ساعات التقنين، فبعض المناطق تصل فيها ساعات القطع إلى أكثر من 20 ساعة في اليوم، بينما بعضها الآخر لا تتجاوز 8 ساعات وربما أقل من ذلك، ناهيك عن أن بعض المناطق لا تصلها الطاقة الكهربائية إطلاقاً لأسباب ومبررات أخرى مختلفة.
القضية الثالثة هي: أن ساعات الوصل نفسها بموجب ما يمكن تسميته برامج تقنين تتخللها الكثير من فترات التقطع، والتي تصل لحدود ضياع ساعات الوصل كلها في بعض الأحيان، وغالباً ما تكون التبريرات هي الأعطال الناجمة عن زيادة الأحمال المرتبطة بارتفاع معدلات الاستهلاك، وكأن قدر بعض المناطق أن تبقى معاناتها مع الأعطال الكهربائية دائمة ومستمرة، بل وكأن عدم قدرة الشبكة على تحمل معدلات الاستهلاك من مسؤولية المواطنين، وليست من مسؤولية شركات الكهرباء المسؤولة عن التجهيزات الكهربائية في هذه المناطق؟!
أما الأسوأ من كل ذلك فهو: تذبذب التيار الكهربائي عند الوصل، وما يخلفه من نتائج كارثية على الأدوات والتجهيزات الكهربائية المنزلية، والكلف المرهقة التي يتكبدها المواطنون من أجل إصلاح وصيانة هذه التجهيزات، مع عدم تغييب الاحتمالات الأكثر سوءاً، والتي قد تسبب الحرائق في بعض الأحيان.
فإذا تم تقدير الظروف التي تمر بها البلاد وفقاً لمضمون بيان الوزارة أعلاه، فمن سيقدر ظروف العباد من المواطنين على مستوى حلحلة القضايا الأربع أعلاه، وتشعباتها بانعكاساتها السلبية الإضافية على حياتهم واحتياجاتهم وحقوقهم، فهذه القضايا لا علاقة للحصار بها، كما لا علاقة لنقص الفيول المشغل لمحطات التوليد بها أيضاً.