مع خروج أولى المظاهرات في عام 2011، بدأ الإعلام الخارجي والداخلي وبالاستناد إلى خطاب السلطة وبعض النخب السياسية يعمل على تقسيم السوريين على أساس موقفهم الشكلي من النظام، وسادت مصطلحات من نمط «مندسين» و«جراثيم» لوصف المحتجين وبرزت مصطلحات مقابلة مثل «شبيح» و«منحبكجي» لوصف المؤيدين، وتحول هذا التقسيم المشبوه إلى خط يفرق السوريين ويجعلهم على ضفتين متقابلتين وبات العبور من أحد الضفتين إلى الأخرى مهمة شاقة وصعبة، وأخذ كل فريق وبتجييش إعلامي وسياسي منظم يلقي كل أنواع الشتائم على السوريين في الطرف الآخر، تجهيزاً لقتالٍ دموي طويل الأمد... لكن مسألة هامة ظلت غائبة، وهي أنه في لحظة انفجار الأزمة في سورية كانت غالبية السوريين متضررين من سياسات النظام السياسي القائم، السياسيات التي أضرت بلقمة عيشهم ومصالحهم وكراماتهم ومنعتهم بآليات قمع ممنهجة عن الصراخ والرفض، وبدلاً من رص صفوف كل هؤلاء في جبهة واحدة، جرى قسمهم وإضعافهم وتاجر بهم أمراء الحروب كلٌ من موقعه ولمصلحته.