فلينتصر الحوار على البندقية!

فلينتصر الحوار على البندقية!

شهدت سورية خلال الأيام القليلة الماضية حدثين كبيرين؛ الأول أدمى قلوب السوريين وأثار فيها الفزع والخوف من الانزلاق مجدداً نحو الفتنة والاقتتال، والثاني جاء مُعزياً وزارعاً للأمل الذي لم ينقطع يوماً بعودة البلاد العزيزة واحدةً موحدة. الأول جرى في ساحلنا السوري وسُفكت فيه دماءٌ سورية غالية من الأمن العام ومن المدنيين السوريين، وعلى يد مجرمين ومخربين يكملون بعضهم البعض ويلعبون بالدم السوري ذهاباً وإياباً، وبتحريض خارجي واضح، وخاصة من عدوة السوريين جميعهم؛ «إسرائيل».

الحدث الثاني جرى في شامِنا وشمالنا الشرقي عبر الاتفاق الذي وقع بين الرئيس السوري أحمد الشرع وقائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي.

الحدث الأول كان عنوانه البندقية، والحدث الثاني كان عنوانه الحوار... الحوار الذي طالما قلنا إنه الطريق الوحيد الصحيح للخروج من الكارثة، والذي يثبت اليوم أنه الطريق الأسلم والأقل تكلفةً والأعظم فائدة وخيراً للبلاد وأهلها. وهو الطريق الذي ينبغي أن نتابع السير فيه. أما طريق البندقية بين أبناء البلد الواحد، فينبغي إغلاقه مرةً وإلى الأبد!

استكمال طريق الحوار حتى نهايته يعني أن نضع ملف العدالة الانتقالية في مكانه الصحيح؛ أي في المحاكم وأمام القضاء العادل. وألا نسمح بأي شكل من الأشكال بسيادة خطابات الكراهية الطائفية والدينية والقومية، وأن نجرمها ونجرم معها التحريض والقتل الطائفي وكذلك من ينكر جرائم النظام الساقط، وأنْ نحل محل خطابات الكراهية، خطاب الأخوة والمواطنة السورية المتساوية. ويعني أيضاً أن نبلور الحوار الحقيقي بين السوريين، كل السوريين، في أطر واضحة تصل بنا جميعاً إلى المؤتمر الوطني العام المعني باتخاذ القرارات الكبرى في حياة البلاد وأهلها، وعلى رأسها الدستور. ويعني أيضاً أن نمضي على وجه السرعة باتجاه حكومة وحدة وطنية شاملة ووازنة وواسعة التمثيل، تكون حجر الأساس في بناء المرحلة الانتقالية، وسارية سفينتنا نحو بر الأمان.

لم تمض ساعات قليلة على إعلان توقيع الاتفاق بين الشرع وعبدي حتى بدأ الصهيوني بغارات على عدة مناطق في سورية، وهو أمرٌ متوقعٌ لأن الاتفاق يأتي بالضد من مصلحته تماماً... ومن المتوقع أن يحاول مجدداً تفجير سلمنا الأهلي، ولذا لا يجوز التأخر في استكمال الحوار الوطني نحو توحيد بلادنا...

ولينتصر الحوار على البندقية!

معلومات إضافية

العدد رقم:
-