لأنها كبيرة؛ فحلها بالجملة وليس بالمفرق!

لأنها كبيرة؛ فحلها بالجملة وليس بالمفرق!

إذا حاولنا تعداد المشكلات الملحة التي نحتاج لحلها كسوريين، سنجد أنفسنا أمام عدد كبيرٍ منها، بل وربما مخيف؛ استكمال توحيد البلاد. حصر السلاح وضبط المتفلت منه. تشكيل جيش وطنيٍ قادرٍ على تحقيق وظيفته في الدفاع عن البلاد وأهلها. ضمان السلم الأهلي وتعزيزه. نبذ الطائفية والأحقاد الانتقامية. تحقيق العدالة الانتقالية ومحاسبة المجرمين والفاسدين الكبار أمام قضاءٍ عادل. إعادة إقلاع الاقتصاد الوطني ومن ثم إعادة الإعمار. حل ملف المفقودين والمغيبين وتقديم تعويضات ودعمٍ مادي ونفسي للمعتقلين وأسرهم. مشكلات النازحين واللاجئين وخاصة منهم من لا يزال حتى اللحظة في الخيام. شكل الدولة والدستور الجديد وتوزيع السلطات والصلاحيات. الحوار الوطني الشامل والمؤتمر الوطني العام. التعددية السياسية وضمان تمثيل السوريين بكل تنوعهم السياسي-الاجتماعي. وقبل هذه المشكلة ومعها وبعدها، البطالة والفقر وحتى الجوع الذي تعاني منه قطاعات واسعة من السوريين. وغيرها وغيرها...

هنالك طريقتان للتعامل مع هذه المشكلات؛ الأولى هي محاولة حلها بالتقسيط، واحدةً وراء الأخرى، والثانية هي محاولة حلها كلها معاً، أي السير بحلها بالتوازي، والتقدم ضمنها جميعها خطوة وراء خطوة.
الطريقة الأولى أثبتت فشلها ليس في سورية فقط، بل وفي كل الأمثلة المشابهة لبلدان تخرج من أزمات وطنية كبرى قريبة مما عشناه طوال السنوات الماضية. فمثلاً، إذا حاولنا حل المشكلة الاقتصادية، وضمناً مشاكل الفقر وإعادة الإعمار، فإن هذا غير ممكن دون توحيد السوق الوطنية، وهذه غير ممكنة دون الوصول إلى تفاهمات كافية بين كل الأطراف السورية في كل المناطق، والوصول إلى توافقات هو الطريقة الوحيدة كي يتم حصر السلاح بشكلٍ سلمي وفعلي دون تجديد الاقتتال، ومنع تجديد الاقتتال يتطلب بدء السير بموضوع العدالة الانتقالية بمحاسبة المجرمين أمام قضاء عادل... وهذه الأمور كلها لا يمكن أن تتم بشكلٍ سلس دون حوارٍ وطني شامل وواسع وفي ظل حكومة وحدة وطنية شاملة ووازنة وواسعة التمثيل.
وبكلمة بسيطة، فإن الحل الوحيد الممكن هو أن نسير في كل القضايا بالتوازي، وأن يكون المرشد والدليل في سيرنا هو الحوار الوطني المستمر، وفي القلب منه المؤتمر الوطني العام.

معلومات إضافية

العدد رقم:
-