من أعطى الأمر بالضغط على الزناد في الساحل؟
ما الذي يجري؟ ولماذا الآن؟ أسئلة كهذه، تُطرح في سورية اليوم، وتحديداً منذ تعرّضت عدة نقاط ودوريات للأمن العام لهجوم قامت به ما باتت تعرف بـ«فلول النظام»، ثم ما تبع ذلك من جرائم طائفية راح ضحيتها مئات من المدنيين، ترافقت مع حملات تحريض هائلة لم تر فيها شركات وسائل التواصل الاجتماعي مشكلة تذكر! وذلك على الرغم من أن هذه الشركات بالذات كانت أثبتت «جدارتها» في حجب كل الأخبار الداعمة للمقاومة الفلسطينية خلال الشهور الماضية!
وبالتزامن مع الهدوء النسبي الذي بدأ يخيّم على الساحل جاء خبر اتفاق مفصلي بين السلطة الجديدة وقوات سورية الديمقراطية، وهو ما أدخل على الأيام القليلة الماضية بعداً إضافياً لا يمكن قراءتها إلّا بعد أخذه بعين الاعتبار.
ربما تكون الخطوة الأولى في فهم كل هذه الأحداث المتزامنة هي بالتذكير بفكرة كتبناها على صفحات «قاسيون» سابقاً، مفادها أن في سورية أطرافاً ثالثة تسعى بشكلٍ حثيث، ومنذ لحظة هروب بشار الأسد، لسرقة فرح السوريين، وذلك عبر توتير أجواءٍ هنا وسفك دماءٍ هناك، على أمل أن تؤدي هذه الأحداث مجتمعة لتقسيم سورية، وقد يظن البعض أن القول بوجود «أطراف ثالثة» يعني إنكار أدوار القوى التي في الداخل، ولكن مقصدنا هو شيء آخر، ولذلك لا بد لنا من أن نعيد ترتيب القصة:
ما جرى في سورية كان بالتأكيد عكس ما تمنته عناصر إجرامية ارتبطت بالنظام السابق، وتحديداً أولئك الذين اعتاشوا لسنوات على تهريب المخدرات وغيرها من بضائع الاقتصاد الأسود، وهؤلاء بالتحديد لهم مصلحة بدفع الأمور إلى الفوضى مجدداً، لكن الهجوم المدروس على نقاط الأمن يعكس مستوى أعلى بكثير من قدرات وإمكانيات هؤلاء، ولا يمكن إنجازه إلّا عبر دور استخباراتي خارجي. وكانت بيد مركز العمليات الحقيقي أوراق مختلفة لا تنحصر فقط في بعض العناصر الإجرامية المرتبطة بالنظام السابق، بل تملك مراكز الاستخبارات هذه نفوذاً واسعاً أيضاً على المقلب الآخر، وتحديداً بين صفوف عدد من الفصائل التي أدّت بدورها المرحلة الثانية من العملية ذاتها!
لكن يبقى السؤال حول علاقة كلّ هذا بالاتفاق بين «سورية الديمقراطية» والسلطة الجديدة، وهنا يمكن حلّ اللغز: «إسرائيل» تعمل ليل نهار على تقسيم سورية ويبدو وضوحاً أن استخباراتها كانت على علم باقتراب الوصول إلى اتفاق، ما يعني انتزاع ورقة مهمة من يدها، ولذلك كان لا بد من سفك دماء السوريين سواء من الأمن العام أو من المدنيين في الساحل، ومحاولة دفع الأمور إلى حرب طائفية أملاً في أن تقطع الطريق على اتفاق من هذا النمط. بالمحصلة، فإن الطرف الثالث في هذه الحالة هو «إسرائيل» عدوّة الشعب السوري؛ لأن القاعدة الأهم في السياسة هي «فتّش عن صاحب المصلحة»؛ وصاحب المصلحة الأول في الفتنة في سورية هو «إسرائيل»، وهي المتضرر الأول من الاتفاق الذي جرى والذي ينزع فتيل تفجير خطير طالما حاولت اللعب من خلاله...
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- -