بصراحة .. النقابات والعمال الموقف مما هو قادم
يرتفع مستوى الحراك العمالي في العالم، وخاصة في الغرب وأمريكا، من خلال أشكال متعددة من الممارسة على الأرض (مظاهرات - إضرابات - اعتصامات...إلخ) يقوم بها العمال، وذلك استناداً إلى مستوى الحريات السياسية والديمقراطية النسبي السابق، والذي يتغير الآن، وإلى درجة التنظيم وقوة الحركة النقابية الجديدة، التي تتكون في مجرى الصراع الدائر مع قوى النهب من أجل انتزاع حق الطبقة العاملة في التعبير بالطرق والأشكال التي يعبر فيها العمال عن مصالحهم وحقوقهم، وفي مقدمتها حقهم في توزيع عادل للثروة التي ينهبها لصوص القيمة الزائدة، مدعومين بقوانين تثبت لصوصيتهم وتجعل حياة العمال في أسوأ حالاتها، وغرباء عن إنتاجهم المجبول بعرقهم ودمائهم.
العمال في سورية تاريخياً ليسوا مستثنين من النهب لقوة عملهم، وما زالوا على هذه الحال، وخاضوا معاركهم من أجل تحسين شروط عملهم، ومن أجل تحسين مستوى معيشتهم، ومن أجل حقهم بالتعبير عن مصالحهم، عندما كانوا بعيدين عن الهيمنة والمصادرة لهذا الحق. ولكن الواقع الذي هم فيه منذ عقود، وما زال مستمراً، قد حالَ دون الاستمرار بما كانوا عليه لعوامل كثيرة، في مقدمتها مستوى الحريات السياسية والديمقراطية التي حدّت من قدرة الطبقة العاملة السورية على الدفاع عن قضاياها المختلفة. وبهذا يكون العمال في مقدمة الطبقات التي تضرّرت على مدار العقود الفائتة، من جراء السياسات الليبرالية الاقتصادية والاجتماعية، وخاصةً خلال الأزمة الوطنية العميقة. حيث مكّنتْ هذه السياساتُ قوى النهب والاستغلال من التحكّم والسيطرة المطلقة على أرزاق البلاد والعباد، بينما العمال لم يتمكنوا من مواجهة هذه السياسات، وتُرِكوا لقَدَرهم يصارعون مِن أجل قوتِ يومهم حتّى نَخَر الفقر والجوع عظامَهم.
البلاد مقبلة على موجة جديدة من السياسات الليبرالية مستندة على القرار الأمريكيّ برفع العقوبات «المشروطة بالمطالب الأمريكيّة الإثني عشر» التي كانت وما زالت مفروضة على الشعب السوري، حيث يجري الآن إعلامياً وحكومياً الترويج الواسع لما سيحدثه رفع العقوبات من تغيير هائل في الوضع الاقتصادي والمعيشي والبطالة بسبب المشاريع الضخمة التي ستقام وبسبب إعادة الإعمار، مما يعني تشغيلاً كبيراً لليد العاملة السورية، وهذا إن حدث سيرتب على الحركة النقابية مهمات كبيرة خارج ما هو معتاد في طريقة عملها لتحافظ وتحمي حقوق العمال السوريين من الاستثمارات القادمة إن قدمت وتوفرت لها الشروط القانونية والأمنية للقيام باستثماراتها خاصة وأن قوانين العمل السورية المعمول بها الآن لا يمكن الركون إليها في تأمين الحقوق والمطالب العمالية وتجربة العمال ما زالت حاضرة مع هذه القوانين في حماية حقوقهم أثناء العمل أو في حالة التسريح.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1227