حول مشروع قانون الخدمة المدنية
ميلاد شوقي ميلاد شوقي

حول مشروع قانون الخدمة المدنية

بتاريخ 30 حزيران عام 2025 أصدرت وزارة التنمية الإدارية القرار 302 لعام 2025 بتشكيل لجنة الصياغة النهائية لمشروع قانون الخدمة المدنية ليحل محل القانون الأساسي رقم 50 لعام 2004.

وتضم اللجنة ممثلين عن وزارات وهيئات والجهات ذات الصلة من وزارة التنمية الإدارية والعدل والمالية والجهاز المركزي للرقابة المالية ونقابات العمال، ويرأسها وزير التنمية الإدارية. وأوكل إليها إعداد النسخة النهائية للقانون خلال 45 يوماً، وعقدت اللجنة أولى جلساتها خلال الأسبوع الأول من شهر تموز 2025 وركزت على حسب ما هو متداول على:

تعزيز مبادئ الجدارة وتكافؤ الفرص والشفافية والمساءلة وتطوير آليات التقييم والأداء والتدريب وإعادة تعريف مفهوم الوظيفة العامة بما يتماشى مع الإصلاح الإداري المنشود.

ماذا يعني هذا للموظفين

سيحل القانون الجديد مكان القانون رقم 50 لعام 2004 مما يعني وجود تعديلات جوهرية في تنظيم العلاقة بين الدولة والعاملين الحكوميين وقد أعلنت وزارة التنمية الإدارية أن القانون يهدف الى تعزيز الجدارة والنزاهة في التعيين والترقية وفرض المكافآت والعقوبات وفق تقييم الأداء بشكل جدي واعتماد الشفافية والعدالة في الرواتب والإجراءات الإدارية.

ومن أبرز ما ورد ضمن التصريحات الرسمية

إنّ هناك توجه نحو نظام وظيفي حديث يقلل من المحسوبيات ويعتمد الجدارة، ومنح الإدارة العامة مرونة أكبر في التعيين والفصل وربط الأداء بالترقيات والمكافآت، والتوجه نحو إعادة تعريف الوظيفة العامة كأداة أساسية لتحقيق التنمية الوطنية وضمان توازن فعال بين حقوق الموظفين ومتطلبات المصلحة العامة، وإدخال مفاهيم التدريب المستمر لتطوير القدرات الوظيفية وتشجيع الابتكار والتحسين في آليات العمل الحكومي وإعادة هيكلة الوظيفة العامة وتحويلها كأداة استراتيجية لتحفيز التنمية وضبط التوازن.

ومن المفترض أن تستكمل اللجنة أعمالها ضمن المهلة حتى منتصف شهر آب من عام 2025 وعرض المشروع على الحكومة للمناقشة والتعديل ومن ثم إصدار القانون ونشره رسمياً لتطبيقه بشكل تدريجي على الموظفين الجدد والقائمين تدريجياً.

تعليق

أولاً: هناك العديد من العقبات أمام اعتماد القانون الجديد وهي عقبات سياسية ودستورية في اعتماد قانون الخدمة المدنية؛ ولا سيّما عدم وجود مجلس الشعب لاعتماد القانون وإصداره، والأهم من ذلك أنه ليس من صلاحيات السلطة الانتقالية المساس وتعديل القوانين كونها سلطة انتقالية غير منتخبة، ووظيفتها محصورة بما تتطلبه المرحلة الانتقالية فقط من إعداد للحوار الوطني بمشاركة جميع مكونات الشعب السوري وإعداد دستور جديد للبلاد بالتوافق بين السوريين، وصولاً لانتخابات تؤسس لمرحلة الاستقرار. بعدها يمكن تعديل القوانين بما يتماشى مع المصلحة الشعبية والوطنية في المرحلة القادمة.

ثانياً: جميع التصريحات الحكومية حول القانون ظلت تتحدث ضمن الخطوط العريضة وعرض وجهة نظر الحكومة المستقبلية بشكل سطحي، دون الغوص بالخطة والتفاصيل التي تريد الحكومة السير بها لتحقيق هدفها بتطوير الوظيفة العام، بما يتماشى مع سياسة الإصلاح الإداري الذي نسمع عنه من أيام حكومة النظام السابق ودون الإفصاح عن مواد القانون الجديد، وعرضه للمناقشة الحقوقية ومع النقابات، كون القانون يمس شريحة واسعة من السوريين هم موظفو الحكومة ذوو الدخل المحدود، وهذا القانون يمس أدق تفاصيل حياتهم ويحدد مصيرهم ومستقبلهم، لا سيما أن التصريحات الحكومية لم تُخفِ نيتها إعطاء مرونة أكبر للإدارة العامة بالفصل والتعيين وهو ما يعني تهديد المركز القانوني للموظف وتعريضه للتسريح.

ومن الملاحظ بالتصريحات الحكومية أيضاً ما تحدثت به وزارة التنمية الإدارية عن اعتماد الشفافية والعدالة في الرواتب وهذا معناه وجود توجه حكومي نحو الفصل بين الوظائف الحكومية والتمييز بين رواتب الموظفين كلٌّ حسب طبيعة عمله، وربط الأجور بالإنتاج، وهو ما يتنافى ومبادئ العدالة، خاصة أن جميع العمال والموظفين في القطاعين العام والخاص يعيشون في الظروف الاقتصادية الصعبة نفسها التي لا تفرق بينهم، وأجورهم تكاد لا تكفيهم ليومين حتى بعد الزيادة الأخيرة، ومن باب العدالة ربط الأجور بالأسعار واعتماد سلم متحرك للأجور مرتبط بمستوى المعيشة.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1234
آخر تعديل على الأحد, 13 تموز/يوليو 2025 21:09