ضعف الحماية في قانون العمل
ميلاد شوقي ميلاد شوقي

ضعف الحماية في قانون العمل

رغم أن قانون العمل رقم 17 لعام 2010 وضع لينظم العلاقة بين العامل وصاحب العمل وضمان بعض الحقوق الأساسية، إلا أنه يعاني من عدة مساوئ ونواقص تجعل نصوصه مجرد حبرٍ على ورق وتحول حقوق العمال إلى مجرد أوهام لا يستطيع أي عامل الحصول عليها، فمن خلال التطبيق العملي للقانون أثبت أنه قانون فاشل بل إنه جاء في ضد من مصلحة الطبقة العاملة.

ضعف الحماية الفعلية للعمال

رغم وجود نصوص قانونية تحمي حقوق العمال إلا أن التطبيق غالباً ما يكون ضعيفاً على أرض الواقع، ولا سيما في القطاع الخاص؛ فغالبية العمال في المعامل والمنشآت لا يحصلون على الحد الأدنى من الحقوق، مثل الأجور العادلة التي تتناسب والحد الأدنى من تكاليف المعيشة أو ساعات العمل المنضبطة والتزام أصحاب العمل بقواعد الصحة والسلامة المهنية والتعويضات الكافية عن الحوادث المهنية أو التأمين الفعال ضد الإصابة، والتدريب الوقائي للعمال، والالتزام الجدي من أصحاب العمل بتأمين بيئة عمل آمنة، وإشراكهم بمؤسسة التأمينات الاجتماعية. كما يجري التلاعب بالقوانين، وهناك سهولة بفصل العامل، حيث يمنح القانون أصحاب العمل صلاحيات واسعة لفصل العمال تعسفياً ومن دون مبرر.

كما يستثني قانون العمل فئات عديدة من شمول أحكامه مثل العمال الموسميين وعمال المنازل والعمال في الاقتصاد غير الرسمي، فهؤلاء يعملون من دون وجود مظلة قانونية تحميهم.

غياب التنظيم النقابي الحقيقي

مع غياب شبه تام للرقابة النقابية، تبرز التأثيرات السلبية لضعف النقابات العمالية وعدم استقلالها وعدم قدرتها على جذب عمال القطاع الخاص، بسبب موقفها الضعيف الذي يعود لانقطاع صلتها بالعمال ومشاكلهم، رغم أنه يفترض بالنقابات أن تكون أهم جهة رقابية معنية بتطبيق قانون العمل والدفاع عن حقوق العمال ومعالجة أوضاعهم.

غياب الرقابة الفعالة

كما أن الرقابة الحكومية والتفتيش من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل شبه غائبة، فجهاز التفتيش العمالي يعاني من نقص في الكوادر المدربة وانتشار الفساد وقلة موارده لمراقبة العدد الكبير من المؤسسات، مما يتيح لصاحب العمل تجاوز القانون دون رادع أو عقوبة أو خوف.

محدودية الحقوق الاجتماعية والتأمينات

التغطية التأمينية والاجتماعية ليست شاملة، وهناك مشاكل عديدة في تطبيق قانون التأمينات الاجتماعية، خاصةً في القطاع الخاص غير المنظم، حيث عدد كبير من العمال يعملون دون عقود مكتوبة، وإنْ وجدت تلك العقود فغالباً ما تكون غير موثقة، أو تحتوي على بنود مجحفة بحق العامل ومنحازة لصالح صاحب العمل. ومع عدم وجود عقد مكتوب يصعب إثبات العلاقة العمالية في حال النزاع أو في حال طلب الاشتراك بالتأمينات الاجتماعية.

صعوبات في آليات التظلم والتقاضي

يلعب طول وتعقيد الإجراءات القضائية دوراً في تضييع حقوق العمال، حيث تبقى الدعاوي لسنوات طويلة وهو ما يضيع حقوق العمال التي لا تقبل المماطلة، فضلاً عن الكلفة المرتفعة لتوكيل محامٍ، وعدم كفاية التعويضات وصعوبة تنفيذ الأحكام. كل هذا يجعل من المحكمة العمالية بلا فائدة على أرض الواقع.

ولفرض رقابة فعالة على تنفيذ قانون العمل بعد تعديله جوهرياً، يجب مثلاً اتخاذ مجموعة من الإجراءات المؤسسية والتشريعية والتنفيذية التي تضمن الالتزام والردع، ومنها:

• تقوية جهاز التفتيش العمالي عبر زيادة عدد المفتشين وتوزيعهم جغرافياً بشكل عادل، وتدريب المفتشين بشكل دوري على القانون وحقوق العمال وأخلاقيات المهنة وتزويدهم بصلاحيات حقيقية للدخول إلى مواقع العمل دون إنذار مسبق.

• إنشاء قاعدة بيانات مركزية وربطها مع الجهات الحكومية ووزارة المالية والتأمينات الاجتماعية، ووزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، لضمان الرقابة المستمرة، وفرض عقوبات مالية فورية على المخالفين، أو أغلاق مؤقت أو دائم للمنشآت التي تنتهك القانون بشكل متكرر، ونشر أسماء المؤسسات المخالفة كنوع من الضغط الاجتماعي.

• إشراك النقابات والمجتمع المدني حيث يلعب استقلال النقابات دوراً رقابياً حقيقياً من خلال الجولات التفتيشية وتلقي الشكاوى ومراقبة تنفيذ حقوق العمل، وتقديم تقارير دورية للسلطات حول أوضاع العمال، وإطلاق حملات إعلامية وتثقيفية عن حقوق العمال وواجباتهم، وإدخال مواد عن قانون العمل في المناهج الفنية والمهنية.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1227