ثمّة مشهد هزيل للكتابة في سورية قلّما يتمّ الحديث عنه لأنه يتمّ في منطقة ظلّ. ففي صحف ومجلاّت النقابات والاتحادات والمنظمات (الشعبية) التي لا يعرفها سوى قلة حتى في صفوف تابعيها (الشعبيين) رغم أن أعمار بعضها ينوف على العقدين أو الثلاثة من الزمن، في هذه الصحف هناك كتبة لا تعرف من أمرهم شيئاً إلا أن دواعيهم للكتابة هي قيمة الاستكتاب المالي. ومع أن العشرات من هذه المطبوعات تتوفّر لها إمكانيات كبيرة من جميع النواحي الفنية والمادية التي يمكن أن تشكّل رافعة أو داعمة للصحافة السورية بالعموم، ستجد أن الكارثة تكمن في سياساتها التحريرية التي جعلت من الكتّاب الكومبارس ينظرون إليها بوصفها دجاجات بيّاضة وحسب، فهي تُقدّم بشكل لا يُهم أحداً على الإطلاق، إذ تركز على صور المسؤولين في تلك الجهات، وعلى (النشاطات) الداخلية فيها، دون أي اعتبار لهموم أخرى، مما يجعلها منابر شعاراتية بامتياز، لكن في المستوى السطحي للشعار، أو أنها نشرات في أفضل الأحوال، حيث يطالع القارئ فيها مقالاتٍ مطرزةً بالفصاحة منشّاةً بالرطانة، سيحرّر أصحابها فلسطين، وسيعيدون الجولان السليب، وسيحقّقون تحرير المرأة، ويقيمون أود العملية التربوية في البلاد، أما كيف ومتى وأين؟؟ فذلك ما لا يعلم به إلا الله!! ربما لأن المسألة برمتها ليست سوى أن مبلغاً من هذه النقابة أو تلك المنظمة يجمّع دخلاً لا بأس به لمدبّجي تلك الأقاويل! إنها صحافة الـ«1000 ل. س فقط لا غير»!!