هل من التباس في الدور الرسمي تجاه الحمضيات؟
ترى هل من جديد إذا قلنا بأن موسم الحمضيات يتم استهدافه سنوياً، حاله كحال الفلاحين والمنتجين؟
ترى هل من جديد إذا قلنا بأن موسم الحمضيات يتم استهدافه سنوياً، حاله كحال الفلاحين والمنتجين؟
في جلسته المنعقدة بتاريخ 31/10/2017، وافق مجلس الوزراء على تقديم دعم مادي مباشر للفلاحين، للحصول على بكاكير الأبقار ذات المردودية العالية.
إن الدعم الاجتماعي على أوراق موازنة العام الحالي سيبلغ رقماً قياسياً: 1870 مليار ليرة، ويعادل 70% من الموازنة. فكيف، وأين، وما هو؟!
لم تتعلم الحكومة السورية الحالية من سابقتها، وتابعت سلوكها المصر على ضرب القطاع الزراعي من خلال رفع مدخلات عملية الإنتاج الزراعي، والتي تشكل الأسمدة أهمها إلى حد ما.. فها هي الحكومة منذ أيام قليلة رفعت أسعار الأسمدة رسمياً بنحو 8 ألاف ليرة سورية، وهذا ما زاد أعباء الفلاحين الذين يعانون من تراجع أرباحهم عاماً بعد أخر، رغم الارتفاع في الأسعار، لدخول حلقات وسيطة تأكل «البيضة والتقشيرة»، ولارتفاع أسعار مدخلات عملية الإنتاج الزراعي أيضاً..
الشروط السبعة التي تخول المواطن السوري الحصول على الدعم النقدي والمقدر بـ10 آاف ليرة سورية قد أقرت، وهي تنص على: أن يكون مستحق الدعم عربياً سورياً، وأن يكون الدخل المتاح له ولأفراد أسرته القاطنين معه لا يتجاوز 400 ألف ليرة سورية, وألا يملك المواطن سيارة سياحية, وليس لديه سجل تجاري أو صناعي أو زراعي أو سياحي, أو عقارات سكنية أو تجارية باستثناء منزل السكن الذي يقطن به، تدر عليه دخلاً إضافياً ولأفراد أسرته القاطنين, وأن يكون متوسط إنفاقه وأفراد أسرته معه على الكهرباء والماء والهواتف الثابتة والنقالة لا يتجاوز 4500 ليرة سورية، والتي كانت في حقيقة الأمر شروطاً لحرمان 4 ملايين أسرة سورية من حقها الدستوري في الحصول على الدعم، والتي استبدلت بتجربة القسائم بعد اكتشاف وضبط 13 ألف حالة تزوير لدفاتر قسائم المازوت، والسؤال هنا: هل تستوجب هذه الآلاف من حالات التزوير حرمان 80 % من الشعب السوري من الدعم، المساعد في تأمين تدفئتهم وأولادهم من برد الشتاء.
مع أن عيد الأضحى أضحى قاب قوسين وأدنى من الدخول علينا بعد أمسيات لا يتجاوز عددها أصابع اليد الواحدة، إلا أن حركة السوق من بيع وشراء في أدنى مستوى لها منذ أشهر عديدة، حيث تتفاقم الأزمات يوماً بعد يوم وتضعف القدرة الشرائية عند المواطن السوري. وأنا، كمواطن سوري، حالي هو حال العشرين مليوناً الآخرين، طبعاً باستثناء القلة القلية الذين يعلمون ما هم فاعلون، والذين بالعيد ومظاهره كل يوم يستأثرون، أنظر في المرآة فأستغرب شبحاً شاحباً ينتصب أمامي، تعلو وجهه إمارات البؤس والقهر والذل، وأنا هنا لا أستغرب بل أستنكر الحال المزرية التي وصلنا إليها كمواطنين سوريين، نتيجة صعوبة المعيشة والهم والقلق الدائم وانعدام الطمأنينة ليوم غد سعيد، وقد أصبحنا مجرد أشباح ذوي وجوه شاحبة، لا تتملكنا أية أحاسيس أو مشاعر، بل تحولنا إلى آلات تتحرك وتعمل دون الشعور بحاجة إلى الراحة والتنفس والانطلاق نحو يوم آخر مشرقين مقبلين على الحياة بنهم وحيوية، لا بل أصبحنا لا نشبه أنفسنا، فنحن بالأصل شعب يحب الحياة والأمن والاستقرار، ونبدع في خلق جماليات العيش وبساطته، وقد سُرِق منا كل ذلك بسبب الوضع المعيشي السيئ الذي يعيشه المواطن السوري على مساحة الوطن، بسبب السياسات الحكومية التي لم تؤد في المحصلة إلا للإضرار به، عن طريق التحكم السلبي بلقمة عيشه اليومية.
أقسم أبو خلدون (صاحب بقالية) أنه ذهب إلى سوق البزورية (رجل لقدام ورجل لورا)، وأضاف أن بائع جملة الحلويات والشوكولا قال له: «ما مرق علينا مثل هالعيد». هذا حال أغلب من سألناهم أثناء تجوالنا، كمواطنين لا كإعلاميين، من أبي خلدون مروراً بأصحاب محالِّ الألبسة والأحذية، ويكاد يجمع أهل السوق على ذلك، وكما قال أبو هاشم صاحب محل الحلويات الشهير: «الحال من بعضه، كل الأرزاق معطلة، الناس ما معها مصاري، والشتوية فوق رأسنا»، أما من أخذ الأمر بصدر رحب هو بائع بسطة «شحاطات» حيث قال: «لن تجد زحاماً إلا في صباح العيد، على نبات (الآس) لزيارة الأموات.. الله يرحمنا!».
كأنما لم يكفنا أن أيام الأسبوع التي نلهث طوال ساعاتها، نهاراتها ولياليها، لتأمين لقمة حلال سبعة، وأبواب جهنم التي يتوعدنا الكثيرون بها سبعة، والمحرمات القديمة الجديدة سبع، والسماوات الضاغطة على صدرونا سبع...إلخ.. حتى خرجت الحكومة علينا بسبع جديدة، سبع قد لا يستطيع أغلبنا أن ينحت نفسه وعائلته ودخله وخرجه لتنطبق عليه، فشروط الدعم التعجيزية التي طلعت علينا من مقر الحكومة بحرابها السبع.. كأنما هي رسالة من واضعيها بأن ما سيحصل عليه البعض الآن بصعوبة، وعلى دفعتين متباعدتين، سيكون حلماً مستحيلاً للجميع في زمن قريب قادم..
كان موضوع الغلاف لمجلة «ابيض وأسود» في عددها رقم (71) تاريخ 8/3/2004 تحت عنوان: «الدعم التمويني يلفظ أنفاسه الأخيرة.. والسياسة الاقتصادية توسع الهوة بين الفقراء والأغنياء».. وفي هذا الإطار التقت المجلة مع الرفيق د. قدري جميل، وفيما يلي نص ما جاء في المقال:
جرى مؤخراً، اتفاق ما بين وزارة الاقتصاد، وبنك الاستثمار الأوروبي، وذلك لتقديم قروض تدعم القطاع الخاص، وقد طلب بنك الاستثمار هذا تقديم ضمانات من قبل وزارة الاقتصاد، ومن المقرر أن يقدم البنك الأوروبي /25/ مليون يورو إلا أن المرجح هو أن يزيد المبلغ بمقدار 50 مليون يورو جديدة بعد البدء بتطبيق الاتفاق..