توزيع الدعم النقدي.. والشروط السبعة

كأنما لم يكفنا أن أيام الأسبوع التي نلهث طوال ساعاتها، نهاراتها ولياليها، لتأمين لقمة حلال سبعة، وأبواب جهنم التي يتوعدنا الكثيرون بها سبعة، والمحرمات القديمة الجديدة سبع، والسماوات الضاغطة على صدرونا سبع...إلخ.. حتى خرجت الحكومة علينا بسبع جديدة، سبع قد لا يستطيع أغلبنا أن ينحت نفسه وعائلته ودخله وخرجه لتنطبق عليه، فشروط الدعم التعجيزية التي طلعت علينا من مقر الحكومة بحرابها السبع.. كأنما هي رسالة من واضعيها بأن ما سيحصل عليه البعض الآن بصعوبة، وعلى دفعتين متباعدتين، سيكون حلماً مستحيلاً للجميع في زمن قريب قادم..

فإذا تجاوزنا شرط الدخل السنوي (400 ألف ل.س) رغم أنه يستحق الوقوف عنده مطولاً، فإن الشروط الستة المتبقية، كلها إشكالية، فما معنى أن المستحق للدعم يجب أن يكون «عربياً سورياً أو من بحكمه»؟ فهنا، ما هي الحال بالنسبة للمجردين من الجنسية بسبب الإحصاء الاستثنائي لعام 1962، علماً أن عددهم بمئات الآلاف؟ هل يموتون وأطفالهم من البرد، وهم المعدمون الذين حُرموا من حقوقهم دون ذنب؟
وفي شرط آخر، ما معنى «عدم وجود أي دخل إضافي له أو لأي فرد من أفراد أسرته القاطنين معه»؟.. ألكي تحصل أسرة سورية كادحة على مبلغ زهيد كمبلغ الدعم، يجب أن تتوقف عن دعم نفسها بأي رافد يدعمها للبقاء على قيد الحياة؟.
أما بالنسبة لشرط السيارة، فما معنى أن يأتي بعد فتح باب استيراد هذه السلعة/الحلم للسوريين، حتى تورّط معظم محدودي الدخل بسيارات بأقساط من شتى «السيسيات»؟ هل كانت الحكومة وما تزال تنصب فخاً للناس، تغريهم بحاجاتهم، ثم تحجب عنهم (خيراتها)، وتحاول إقناعهم أنهم أصبحوا أغنياء؟
وفي شرطي ملكية «عقارات» أو وجود «سجل تجاري أو صناعي أو زراعي أو سياحي»، فأبسط ما يقال هنا إن الحكومة ساوت بين من يملك مطعماً صغيراً وفندقاً ضخماً، وبين من يملك شقة سكنية يؤجرها ليأكل من مردودها، ومن يملك قرى سياحية.. فأي منطق هذا؟
أما الشرط الذي لم يكن أحد ليتصور تجرؤ الحكومة على الحديث عنه، فهو فواتير الكهرباء والماء والهاتف، وحصرها مجتمعة لمن يود الاستفادة من الدعم بـ5000 ليرة سورية شهرياً، وهي التي تدرك أن معظم الأسر في سورية، وخاصة سكان المدن، يدفعون أكثر من ذلك بكثير مقابل هذه الخدمات... وفي كثير من الأحيان لا يحصلون إلا على أسوئها!!
ولعل الأسوأ من كل ما سبق هو آلية التوزيع المعقدة بوضعها، وبتكرارها، لأن المواطن المستحق سيضطر خلال أقل من شهرين أن يقف في الطابور، وأن يتدافع مع نظيره، وأن يرشو الحجّاب وغير  الحجاب، وأن يتعطل عن أعماله... ليحصل على مبلغ قد لا يكفيه دواءً إذا تعرض لنزلة برد..
هنيئاً لنا أيها السادة بحكومتنا، فقد دعمتنا على أكمل وجه..

معلومات إضافية

العدد رقم:
430