(الدعم الاجتماعي):  فقاعة كبيرة في موازنة 2017..

(الدعم الاجتماعي): فقاعة كبيرة في موازنة 2017..

إن الدعم الاجتماعي على أوراق موازنة العام الحالي سيبلغ رقماً قياسياً: 1870 مليار ليرة، ويعادل 70% من الموازنة. فكيف، وأين، وما هو؟! 

قاسيون تبحث في آخر ملف من ملفات موازنة 2017 وهو رقم مخصصات الدعم الاجتماعي أو تثبيت الأسعار..

سيبلغ الدعم الاجتماعي، أو مبلغ تثبيت الأسعار، رقماً إجمالياً 1870 مليار ليرة، هكذا تقول موازنة عام 2017، وهذا الرقم الذي يعادل: 3.97 مليار دولار بسعر صرف الموازنة 470 سيتوزع: بين ما هو ضمن الموازنة بنسبة 22% ومبلغ 423 مليار ليرة، وبين ما هو خارجها، تحتفظ به الحكومة وتنفقه على وجهات الدعم المختلفة.

في العام الماضي 2016، كانت الحكومة قد خصصت مبلغ: 973 مليار ليرة للدعم وتثبيت الأسعار، وكان يعادل في العام الماضي: 3.89 مليار دولار بسعر صرف موازنة 2016: 250 ليرة مقابل الدولار.

وعليه، يكون رقم الدعم الاجتماعي هو الرقم الوحيد الذي لم ينخفض إذا ما قيس بالدولار، ولكن فعلياً هل هناك دعم؟!

ألم «يتعقلن الدعم»؟!

كما يعلم الجميع، وتكرر الحكومة، فإن المحروقات، والكهرباء هي الوزن الأكبر دائماً في مبلغ تثبيت الأسعار، أو الدعم في الموازنة، ولكن منذ أن قامت الحكومة بتحرير أسعار المحروقات، ونقلها إلى مستويات السعر العالمي، فإن مئات المليارات الموضوعة في بندي دعم المحروقات، ودعم الكهرباء، أصبحت غير مفهومة.

فكيف تتحرر الأسعار، وتقل مشتريات المحروقات، ويزداد التقنين الكهربائي، ويعلن وينفذ شعار «عقلنة الدعم»، وبالمقابل ويرتفع رقم الدعم إلى رقم 1870 مليار على صفحات الموازنة، ليتضاعف عن رقم العام الماضي مقاساً بالليرات السورية؟!

نستطيع القول: أن هذا الأمر المخالف للمنطق، له منطق محاسبي ما، فالرقم الكبير الوارد في الموازنة، هو تراكم الخسائر أو الدعم السابق، هذا بالنسبة للكهرباء، وهو أيضاً وللمفارقة إيرادات شركة محروقات التي تسجل خسائراً!

417 مليار أم 145 مليار للكهرباء؟!

دعم الكهرباء في 2017 سيبلغ: 417 مليار ليرة، وفق الموازنة وهو يسمى خسائر مدورة، أي أنه يحوي خسائر العام الماضي من دعم الكهرباء، والتي بلغت بحسب موازنة 2016: 326 مليار ليرة، ما يعني أن دعم الكهرباء للعام الحالي لن يتعدى 145 مليار ليرة.

وهذا كله مرهون طبعاً، باعتبار أن هذا الدعم المسجل في موازنتي 2015- 2016 يدفع بالكامل! فقد يكون مبلغ 326 مليار ليرة المسجل في العام الماضي غير منفق فعلياً..

فعلى سبيل المثال، دعم الكهرباء في عام 2015 زاد عن 400 مليار ليرة في أرقام الموازنة، بينما الإنفاق الفعلي على محروقات الكهرباء المنتجة في عام 2015 لم يتجاوز: 224 مليار ليرة. مع التذكير بأن المحروقات هي الكلفة الرئيسية بأكثر من 85% في إنتاج الكهرباء، وفي دعمها كذلك. وهذا يعني أن الكلفة هي نصف الدعم تقريباً، وأن الباقي من 400 مليار لدعم الكهرباء، مفقود.

وإذا ما كان إنتاج عام 2016 أقل من إنتاج عام 2015 بنسبة 18% على الأقل، فهل ستكون هذه المبالغ منفقة فعلياً؟! 

وبأحسن النوايا والأحوال، فإن مبلغ 417 مليار ليرة دعم كهرباء، هو رقم مضخم، بأعباء الأعوام السابقة، أي لن يتم صرفه في العام الحالي، ومبلغ الدعم الفعلي سيكون 145 مليار ليرة تقريباً.

الإيرادات في محروقات.. 

خسائر ودعم!

الرقم الأكبر في بنود الدعم، هو الخسائر التقديرية لشركة محروقات والتي ستبلغ: 730 مليار ليرة تقريباً، ونسبة 39% من الدعم المعلن عنه.

يسمي بيان الموازنة هذا الرقم (خسائر تقديرية لشركة محروقات)، ثم يوضح، بأنه ناجم عن تحويل فروقات الأسعار للمشتقات النفطية، الإيرادات، إلى الخزينة العامة للدولة، لتغطية الالتزامات المترتبة، والتي تقرر اقتطاعها من فروقات أسعار المشتقات النفطية.

ما يعني أن هذه الأموال تسجل في جانب الإنفاق على أنها دعم لخسائر شركة محروقات، وتسجل في جانب الإيرادات على أنها إيرادات من فروقات الأسعار، أي أن النسبة الأكبر من مبلغ الدعم الاجتماعي المذكور، أصبحت مغطاة من إيرادات شركة محروقات، وتسجل خسائر عليها!

فشركة محروقات في النصف الأول من العام الحالي، حققت أرباحاً، من مبيعاتها لقاء كلفة مشترياتها، وقدرت قاسيون هذه الأرباح بما يقارب: 160 مليار ليرة، بمشتريات بلغت 223 مليار ليرة، ومبيعات 383 مليار ليرة. ووزير النفط السابق كان قد صرح منذ نهاية عام 2015 بأن شركة محروقات، ومع عقلنة الدعم، قد انتقلت إلى تحقيق فائض، وليس دعم!

ورغم وجود هذه الأرباح، فإن الموازنة تضيف إلى بنود دعمها مبلغ: 177 مليار ليرة لدعم المشتقات النفطية.

النسبة العظمى من بنود الدعم في الموازنة والتي تصل إلى 1870 مليار ليرة مضخمة! فالكهرباء بمقدار 417 مليار ليرة، هي تراكم لسنوات سابقة، وقد يكون منها 145 مليار ليرة فقط دعم، وخسائر محروقات هي إيراداتها بمقدار 730 مليار ليرة تقريباً، أي ليست دعم، ودعم المشتقات النفطية مسجل بمقدار 177 مليار ليرة، بينما محروقات حققت أرباحاً تقارب 160 مليار ليرة في النصف الأول من 2016!

ومن أصل مبلغ: 1377 مليار ليرة للكهرباء والمحروقات، قد لا يكون الدعم الفعلي لهذا العام سوى: 322 مليار ليرة، 145 منها للكهرباء، و177 للمشتقات النفطية، وهذا قد يكون وقد لا يكون، طالما أن محروقات رابحة، والكهرباء مقننة!

هل سنستورد أكثر من 6 مليون طن طحين؟!

الرقم المثير أيضاً، هو رقم الدعم التمويني، والذي توصله الحكومة في هذا العام إلى 467 مليار ليرة تقريباً، منها 398 مليار ليرة للدقيق، والباقي للسكر والرز، بزيادة 297 مليار ليرة عن مخصصات عام 2016.

وإذا ما دققنا في رقم دعم الدقيق والبالغ قرابة: 846 مليون دولار، فإن مبلغاً كهذا كفيل باستيراد: 6.4 مليون طن من الطحين المستورد وحوالي 6,8 مليون طن من القمح، بالأسعار العالمية، وأعلى من حاجات الاستهلاك السوري قبل الأزمة، وتراجع عدد السكان المقيمين في سورية عندما كنا نستهلك قرابة 2.7 مليون طن.

أي أننا إذا أردنا ان نستورد حاجاتنا كلها من الدقيق، والبالغة أٌقل 2.7 مليون طن، فإن التكلفة يجب أن تقارب 356- 360 مليون دولار، أي حوالي 170 مليار ليرة، فما تفسير أكثر من 500 مليون دولار إضافية؟!

كيف تضع الحكومة رقم 846 مليون دولار لدعم الدقيق؟! وعلى أي أساس؟! هل سنستورد أكثر من ضعفي حاجاتنا قبل الأزمة من الطحين الجاهز؟ أم أننا سنستورد بأكثر من ضعفي التكلفة العالمية؟!

كان مدير المطاحن قد صرح في بداية 2016، بأن كلفة الطن الواحد من الطحين تبلغ: 107 آلاف ليرة، وفق موازنة المطاحن لعام 2016، أي حوالي: 428 دولار للطن، بسعر صرف الموازنة 250 في 2016.

فإذا ما كانت تكلفة القمح المستورد في شهر 11-2015، عندما توضع الموازنات قد بلغت 160 دولار للطن، أي حوالي 37% من التكلفة، فما هي قرابة ثلثي التكلفة المتبقية ليصل مبلغ التكلفة لطن الطحين المحلي 428 دولار للطن! هل توصل تكاليف النقل، وتكاليف أجور العمال في سورية، ومستلزمات العملية من نفقات وقود وغيرها، كلفة الطحين المحلي لتكون أعلى من الدقيق العالمي بمرة ونصف؟!

فهل تكون هذه التكاليف المضخمة، للطن، هي السبب في إيصال الدعم إلى ما يفوق 800 مليون دولار في الموازنة؟! وأين تذهب هذه المبالغ المضخمة؟!

إن أرقام التقديرات الواقعية للدعم، الواردة في الشكل، قد تكون مخففة أيضاً بناء على التالي:

 دعم المحروقات المقدر بـ 177 مليار ليرة، قد لا يكون موجوداً فعلياً، لكون شركة محروقات تحقق أرباحاً من مبيع المحروقات بلغت 160 مليار ليرة تقريباً في نصف 2016.

 دعم الكهرباء المقدر بـ 145 مليار ليرة، يعتمد على حجم التقنين وتوقيف المحطات نتيجة عدم توفر الوقود!

افترضنا أن مبلغ صناديق المعونة الاجتماعية، والدعم الزراعي، ودعم السكر والأرز، رقم فعلي كما ورد في الموازنة. 

 

846 مليون $

846 مليون دولار رقم دعم الدقيق التمويني في موازنة عام 2017، حيث بلغ 398 مليار ليرة، بسعر صرف 470 في الموازنة.

 

6.4 مليون طن

إن مبلغ دعم الدقيق التمويني المذكور في الموازنة كاف لاستيراد حوالي 6,4 مليون طن من الدقيق بالسعر العالمي في شهر 11-2016: 132 دولار للطن.

 

268 $ - طن

إن كلفة طن الطحين المحلي في موازنة 2016 بلغت 107 آلاف للطن، أي حوالي 428 دولار في حينها، وهي أعلى من سعر العالمي للقمح حينها بمقدار 268 دولار للطن!

 

••ملاحظات

إن أرقام التقديرات الواقعية للدعم، الواردة في الشكل، قد تكون مخففة أيضاً بناء على التالي:

1-دعم المحروقات المقدر بـ 177 مليار ليرة، قد لا يكون موجوداً فعلياً، لكون شركة محروقات تحقق أرباحاً من مبيع المحروقات بلغت 160 مليار ليرة تقريباً في نصف 2016.

2- دعم الكهرباء المقدر بـ 145 مليار ليرة، يعتمد على حجم التقنين وتوقيف المحطات نتيجة عدم توفر الوقود!

3-افترضنا أن مبلغ صناديق المعونة الاجتماعية، والدعم الزراعي، ودعم السكر والأرز، رقم فعلي كما ورد في الموازنة. 

 

 

 

 

 

 

معلومات إضافية

العدد رقم:
790
آخر تعديل على الثلاثاء, 27 كانون1/ديسمبر 2016 16:31