الحكومة.. ودورها
يصب السوريون اليوم جام غضبهم على السياسات الحكومية، وعلى أداء الحكومة المقصّر، وتتعالى الأصوات المطالبة بإقالتها، وتكثر الإشاعات والأقاويل، حول اقتراب هذه الإقالة، وكأنّها ستكون الحل الشافي لأوضاع البلاد الاقتصادية المتردية؟!
يصب السوريون اليوم جام غضبهم على السياسات الحكومية، وعلى أداء الحكومة المقصّر، وتتعالى الأصوات المطالبة بإقالتها، وتكثر الإشاعات والأقاويل، حول اقتراب هذه الإقالة، وكأنّها ستكون الحل الشافي لأوضاع البلاد الاقتصادية المتردية؟!
يتدهور وضع الكهرباء في الفترة الحالية، كواحدة من جوانب التصعيد وتعقيد تفاصيل معيشة السوريين. العنصر الرئيسي الواضح في التدهور الكهربائي الحالي، هو عنصر الطاقة، فالغاز تراجعت كمياته بعد المعارك في المنطقة الوسطى وخسارة جزء هام من إنتاج الغاز السوري، والفيول مرهون بتأمين الوقود استيراداً، بالطريقة الممكنة في الظروف الحالية المعتمدة على الخط الائتماني الإيراني.
شهد الشهر الماضي ارتفاعاً جديداً في أسعار الوقود، حيث ارتفع سعر البنزين إلى 160 ليرة لليتر بدلاً من 150، وسعر المازوت إلى 130 ليرة لليتر بدلاً من 125. وتعد هذه الارتفاعات جزءأ من سلسلة ارتفعات طالت سابقاً العديد من المنتجات كالدواء والكهرباء والخبز، ناهيك عن كونه الإجراء الوحيد الذي تدأب عليه الحكومة في مواجهة عجوزاتها المالية، ويبقى السؤال الملح الذي فتحته قاسيون مراراً هل تعتبر ذريعة الحكومة منطقية برفع الأسعار في ظل انخفاض السعر العالمي؟
عقدت نقابات العمال مؤتمراً لصناعة الاسمنت بتاريخ 15-8-2015، اجتمعت فيه إدارات الشركات والمعامل العامة التابعة لهذه الصناعة جميعها، وعددها ثمانية: اثنتان منها في حلب توقفتا نهائياً عن العمل، وإحداها في الرستن يحميها عمال الشركة وإدارتها وعائلاتهم، أما معملي طرطوس وعدرا فيعملان جزئياً، ويتم صيانة الخطوط بعقود التشاركية مع شركة فرعون. بينما البورسلان متوقفة تنتظر عروض الشركاء الآن، لتبقى الشركة السورية في حماة لإنتاج الإسمنت مستمرة بالعمل مع توقفات من فترة لأخرى، مرتبطة بحل المشاكل الكبرى: الكهرباء والوقود ورفع الطاقة الإنتاجية..
السياسة الاقتصادية السورية، خلال الحرب لديها سمة وحيدة واضحة هي رفع مستوى الأسعار، وتكييفها مع مستويات التكاليف المرتفعة وهوامش الربح المطلوبة، أي تكييفها مع السوق، مقابل إلغاء تدريجي أصبح مكتملاً تقريباً لعمليات الإنفاق الحكومي على أي جانب من جوانب الدعم الآتي من المال العام الذي يديره موظفون حكوميون في موقع القرار.
عقدت رئاسة مجلس الوزراء جلستها بتاريخ 19-8-2015، حيث أشادت بالأداء الحكومي وأكدت على محاربة الفساد، وتأمين حاجات المواطنين،
اختارت وزارة التجارة الداخلية يوم الخميس قبل العطلة الأسبوعية، لإصدار قرار رفع سعر ليتر البنزين الواحد إلى 160 ليرة سورية، بدلاً من 150 بمقدار 10 ليرات، ما سبب صدمة للمواطنين، نتيجة استمرار الحكومة بنهج رفع الأسعار رغم حالة الغضب الشعبي من ذلك، وسوء الوضع الاقتصادي.
يخوض عمال القطاع العام الصناعي معركة إثبات وجود في ظروف الحرب، تظهر نتائجها بأخبار حول إعادة الإنتاج -وإن بحدود دنيا- إلى معامل دُمّرت خلال الحرب، وخُسّرت قبلها، قاسيون تتابع رصدها لهذه المعامل والشركات ساعية إلى إظهار حقيقة وقيمة الجهد المبذول من جهة، مقابل توضيح الخطوات البسيطة الممكنة ولكن المتباطئة، والضرورية لدعم صناعاتنا التي كانت ناجحة يوماً من جهة أخرى..
ليست هذه هي المرة الأولى التي تستمرئ الحكومة السورية فيها رفع أسعار الوقود، وبغض النظر عن التبريرات الحكومية فإن معدلات الرفع تشير إلى أن الحكومة تبغي زيادة عوائدها من البنزين المادة التي باتت تدر دخلاً وأرباحاً صافية على الخزينة الحكومية منذ عدة أشهر.
منذ اندلاع الحرب في سورية أعلنت السياسة الاقتصادية عنواناً عريضاً، هو ضرورة تأمين المواد، وعدم نقصها، وتحول هذا الشعار الذي يبدو مقنعاً، يقابله الكثير من الدعوات غير المستجابة، لتبني سياسة تصنيع المواد القابلة للتصنيع في سورية، وتقليص الاستيراد للحدود الكبرى الممكنة، وتحديداً بعد العقوبات، وبعد الأثر الكبير للاستيراد على قيمة الليرة والإنتاج السوري.