أرباح حكومية من معاناة الناس مع أزمة الوقود!
شهد الشهر الماضي ارتفاعاً جديداً في أسعار الوقود، حيث ارتفع سعر البنزين إلى 160 ليرة لليتر بدلاً من 150، وسعر المازوت إلى 130 ليرة لليتر بدلاً من 125. وتعد هذه الارتفاعات جزءأ من سلسلة ارتفعات طالت سابقاً العديد من المنتجات كالدواء والكهرباء والخبز، ناهيك عن كونه الإجراء الوحيد الذي تدأب عليه الحكومة في مواجهة عجوزاتها المالية، ويبقى السؤال الملح الذي فتحته قاسيون مراراً هل تعتبر ذريعة الحكومة منطقية برفع الأسعار في ظل انخفاض السعر العالمي؟
مراد جادالله
قاسيون أجابت مراراً عن هذا السؤال وبالأرقام، وهذه المرة وبعد إنخفاض سعر النفط عاليماً لمستويات قياسية، حيث بلغ سعر البرميل في نهاية آب الفائت حوالي 48 دولار للبرميل وفق أسعار خام برينت، وهي أخفض نقطة يصلها منذ شهر كانون الثاني الماضي. تعيد قاسيون تذكير الحكومة بالأسعار العالمية علها تتذكر حديثها الذي قالت فيه أنها ستخفض أسعار الطاقة المحلية فيما لو انخفضت أسعارها عالمياً.
ربح الحكومة بين 8-41 ليرة من كل ليتر بنزين!
بلغ سعر ليتر البنزين عالمياً (0،43) دولار، وفيما لو أضفنا تكاليف نقل وتأمين لليتر الواحد بمعدل 11%، وهو المعدل الذي لا تتحدث به الحكومة إلا ماندر، فإن سعر اليتر يبلغ (0،48) دولار لليتر. وفيما لو أردنا حساب سعر الليتر بالليرة السورية ينبغي ضرب هذا الرقم بسعر صرفها والذي يأخذ غالباً ثلاثة أشكال:
ا- سعر الصرف المركزي للتدخل وهو الخاص بالأغراض التجارية ومن المفروض أن الحكومة تستورد وفقاً له، وهو 247 ليرة للدولار، سنجد أن سعر الليتر ضمن سورية ينبغي أن يكون 119 ليرة لليتر أي أن الحكومة التي تبيع الليتر بـ 160 ليرة باتت تربح (41) ليرة من كل ليتر بنزين.
2-أما وفق سعر صرف المركزي لشركات الصرافة والبالغ 299 ليرة للدولار فإن سعر الليتر وفقه يكون: 143 ليرة وبناءً عليه فإن الحكومة لا تزال تربح 17 ليرة على كل ليتر.
3-فيما لو افترضنا أن الحكومة تستورد البنزين بسعر السوق السوداء ومن المفترض أن يكون هذا الخيار مستحيلاً، حيث أن ذلك مخالف للقانون، فإنه عند سعر 316 للدولار في ذروة الارتفاع الأخيرة سيبلغ سعر الليتر 152 ليرة، أي أن الحكومة تظل رابحة ولكن بـ 8 ليرات فقط!
المازوت ربح 8 ليرات.. أين الدعم؟!
بالنسبة للمازوت وفي ما استخدمنا طريقة الحساب ذاتها، فإننا سنجد أن سعره العالمي حوالي 0،44 دولار لليتر وبعد إضافة 11% تكاليف النقل والتأمين سيكون 0،49 دولار لليتر وعليه يكون السعر ضمن سورية، 121 ليرة وفقاً لسعر الصرف المعد لأغراض التدخل، وبالتالي تربح الحكومة وفق هذا السعر حوالي 9 ليرات.
أما وفق سعر صرف الخاص بشركات الصرافة، فإن سعره سيبلغ 147 ليرة لليتر، وبالتالي إن الحكومة تخسر حوالي 17 ليرة على الليتر، وأما وفق سعر السوق السوداء فإن سعره سيبلغ 155 ليرة لليتر أي أن الحكومة ستخسر حوالي 25 ليرة على كل ليتر.
وفقاً للسيناريو الأسوأ والذي على أساسه تخسر الحكومة 25 ليرة على الليتر وفيما لو افترضنا أن حجم استهلاكنا من المازوت يبلغ حوالي 1،7 مليار ليتر، فإنه ينبغي تغطيته بـ 43 مليار ليرة من مبلغ الدعم الذي أعلنته الحكومة في بداية العام والبالغ 338 مليار ليرة مخصصة للمحروقات! أما وفق أحسن السيناريوهات فإن الحكومة باتت تحقق أرباحاً تبلغ 15،3 مليار ليرة سورية من المادة التي تدعي دعمها طوال الوقت.
طبعاً بكل تأكيد وخلافاً لكل السنياريوهات، فإن المواطن العادي ووسائط النقل البسيطة لم تعد تحصل على مادة المازوت إلا بأسعار خيالية أقلها 150 ليرة لليتر، وتصل إلى 250 ليرة لليتر، وهو ما يعني أن الأسعار الموضحة أعلاه لاعلاقة لها بالواقع الذي تشرف عليه الحكومة، والذي بات يؤدي إلى مزيد من الغضب الشعبي الذي يبحث عن الوقود المختفي من الكازيات، والذي لطالما ادعت الحكومة أن رفع أسعاره هي الآلية الوحيدة لتأمينه!
فعلى ماذا سنحاسب الحكومة الآن؟ على ارتفاع الأسعار؟ أم على فقدان المواد؟ أم على عدم توضيح طرق تسعير هذه المواد؟ أما على رقم الدعم المضلل؟ يبدو أن الغضب الشعبي سيتجاوز كل الأسئلة فماذا سيجيب أصحاب القرار والمسؤولون الحكوميون المنفذون لقراراتهم؟!