عرض العناصر حسب علامة : الثقافة

بين قوسين: ابن رشد آخر

كان على نصر حامد أبو زيد أن يموت منفياً، وإن لفظ أنفاسه الأخيرة في أحد المسشفيات المصرية، كي تكتمل الفضيحة. لم يصمد قلب الرجل أمام الأهوال التي كابدها خلال حياته القصيرة. لقد جفّ الأوكسجين الاصطناعي في رئتيه أخيراً، إذ لطالما عومل- كواحد من المارقين-  الذين يستحقون الجلد على طريقة محاكم التفتيش في القرون الوسطى. حمل وزر الإلحاد، لمجرد اشتغاله في التأويل. لقد دخل منطقة الألغام إذاً، وكان لابدّ أن ينفجر به لغم مدفون تحت الأرض الهشة للتفكير، في بلاد لم تتردد في محاكمة طه حسين، ونجيب محفوظ، وفرج فودة، وقائمة طويلة من التنويريين. هذا ما جرى لمثقف إسلامي تنويري، فما بالكم بما ينتظر مثقف من الضفة الأخرى؟

مطبات: عارياًً يموت..

لن أذهب إلى أمي هذا المساء، ولن أتابع مباراة كرة قدم مشفرة، لن أكتب خبراً صحفياً، سأترك ابني (حازم) دون قطعة شوكولا، ولن أرضخ لرغبة زوجتي في عدم النوم على الأريكة القاسية.. سأذهب فقط إلى قلبي الشاعر الذي تركته على الرف منذ أن ابتلاني الله بمهنة الصحافة.

جلال الدين الرومي في «حالة عشق»

ينشد جلال الدين الرومي رباعياته: كلامنا العذب الذي تبادلناه/ أودعته القبة الزرقاء في قلبها الخفي/ ويوماً ما ستسكبه كالمطر/ وينمو سرنا في سعة العالم.. فيقدم رؤية المتصوفين بشكل عام في الحب كمطلق للتعامل مع الآخر ظاهراً كان أم باطناً، ويتعامل من منطق العشق مع المأساة التي لاحقته طيلة حياته، ومن هنا تشتق الكثير من فنون الشرق رؤيتها، فنجد كل عمل ينحو نحو التصوف والاندماج بالذات المطلق مستمداً من شخصية شرقية ما، سواء كان جلال الدين الرومي أو المعري أو الحلاج، إلا أن هذا النموذج الثقافي الفكري بحاجة إلى كف مبدع لكي تقدمه عام 2010 للجمهور على امتداد الخريطة، وهذا بالفعل ما حققته «حكاية عشق» العرض المسرحي الإيراني الموسيقي الراقص الذي قدّم على خشبة الدراما في أوبرا دمشق.

الدراما السورية.. بين هزيمة اليوم ووهم الماضي لماذا لا يبدأ البحث عن الحلول؟

تميزت كثير من الأعمال الدرامية السورية المعاصرة، بتصويرها الدقيق للواقع، إذ نقلت لنا على الشاشة صوراً من حياتنا، صوراً من الفشل والخذلان، نعرفها جميعاً، وتعيش معنا وبيننا. وعلى التوازي قدمت لنا الدراما السورية صوراً من تاريخنا القريب والبعيد، صوراً لا تنطوي في أغلبها على تحليل جديٍّ لما كان، وليس فيها محاولات مثمرة للإجابة على سؤال: «لماذا انتهينا إلى ما نحن عليه اليوم؟»، وإنما جاء معظمها تغنياً بأمجاد الماضي، أو سرداً بصرياً لمرحلة من مراحله.

ابدأ.. العرض: الطريق إلى بيت أبي خليل القباني

هل تقصد قصر كيوان، تعني البيت المنهار خلف قصر كيوان، لا أعرف، أنا لست من سكان المنطقة، أنا أسكن هنا منذ فترة وجيزة، صاحب المصبغة يعرف المنطقة جيداً، ليس لدينا جار بهذا الاسم.. هي إجابات المجاورين لبيت رائد المسرح العربي، أول رجل قاد حياتنا إلى الخشبة، والفنان الذي علمنا عندما نشتاق إلى الوطن ندندن بعشق: «يا مال الشام يلا يا مالي».

وحيداً يا أبي!!

أبي يعقد قرانه على الريح، وكانت الريح تصطاد أبي في ذاكرته ومخيلته الخصبة،  وكان كلما حملنا إلى السهل نحن أولاده، أخذنا فؤوسنا المسننة جيداً لنحتطب الشوك هناك في السهل الذي أيضاً لعبت به الريح وفعلت فعلتها به، إلا أننا لم نكن إلا راضين ومطمئنين إلا أن أباً مثل أبي بجرأته ووحشيته في الحب،  سيقودنا أبداً إلى الكلام السعيد في الحكاية غير المنتهية، بصراحة لا أشك مطلقاً أن الكلام هنا الآن، في هذه اللحظة العصيبة من تاريخي الشخصي الهش، يختلف عن مجرى الحكاية والسرد الذي بنيت عليه، مثلا لم ينتصر الخروف على الذئب،  والذئب لم يرحم الخروف، عندما مثل بجسده الغض، والرجل الذي التقى أبي ورأى شحوب وجهي ، وتغضن كفي من عمل أزاوله فنصحه أن عد به إلى البيت، لا حيلة لهذا الفتى مع الريح وسهلها، كان الرجل أيضا يصطحب ابنه إلى حيث أنا ذاهب وكان أبي أعلم بذلك مني، وكنت أفرح إذ أتوهم أن الشمس هناك أجمل، وان أصدقائي كثر وينتظرون بكل مايحملون من ضغينة تجاه آبائهم القساة، الموت هنا مجازي، رجل هو في حياتك، وامرأة تواطأت معه، وإخوة يشبهون إخوة يوسف لكنك لست يوسف لترأف بهم، وأبوك ليس يعقوب ليشفع لهم عند يوسف بن يعقوب ولده وهو أعمى الآن ويتحسس عطر ابنه النبي، أحمل فأسي وأهوي بها على شجيرة الشوك التي تعلمت قتلها، فأرى الدم ينز منها، وأهوي ثانية لأرى تدفق اللحم السائل أمامي فلا أسأل، وهل علي أن أسأل كلما قتلت أحدها، علمني أن أفعل، والعادة أني أثق بكل مايقوله هذا الرجل الذي تربطني به علاقة بيولوجية، ومن عادتي أن أتشبه بالأنبياء ليس تديناً وإنما حملاً لصخرة ينوء ظهري بحملها، فلا أجد فكاكا، من أن أعزي نفسي بهم، وأعود إليهم كلما ضاقت الدائرة، حتى أني صرت أصلي صلوات مختلفة، وكثيراً ما يتهيأ لي أن بعض البشر الذين أراهم ماهم إلا ملائكة، وربما قلت في سري هي المكافأة، وهي اليد ترعاك، ولن تموت وأن تسارعت نبضات قلبك واصفرت الحياة من حولك، متحولة إلى الكابي اللون الذي طالما يتحدث عنه من يزعمون أنهم اقتربوا من وحش ضبابي لايمكن قهره،

بالسكون يحلو الكلام

خرج علينا منذ أيام خلت رئيس مجمع اللغة العربية بدمشق، أقدم وأعرق المجامع اللغوية يناقش في حوار فضائي مفتوح واقع اللغة العربية، وما آلت إليه، وهل هي فعلاً مهددة بالانقراض، ولعمري إنه قد أحسن وأجاد مع رفيقه المصري في تشخيص حال اللغة، وتبين الحلول الناجعة لتناسب العلم والعصر.

موقع «كأنك يومي الأخير» من الحداثة

هناك سؤال يخطر على بال قارئ «كأنك يومي الأخير» لينا تقلا (دار الينابيع ـ دمشق) ألا وهو: هل الديوان قصيدة واحدة؟ والداعي إلى هذا السؤال هو عدم وجود العناوين، إنما توجد نقاط بين القصيدة والقصيدة، ونحن لا نعلم لماذا تصرفت الشاعرة هكذا.. ونعتقد أن هذا لا يعرفه إلا هي، فهل هذا تطور معين في عدم عنونة القصيدة؟ وخلال القراءة اكتشفنا أن كل القصائد تنتهي عند النقاط.. إذاً نقول: إن الشاعرة حرمتنا متعة مشاركة العنوان في رفع سوية القصيدة مع أنه يعني الإشارة والإيماء، والتشويق، والتصوير وغير ذلك.

بين قوسين: ملء الفراغ... إلكترونياً

تعاطى كثيرون، مع الـفيس بوك (facebook) أول ظهوره، بوصفه (صرعة) تافهة ومشبوهة، لن تلبث أن تفقد بريقها سريعاً لتحل محلها (صرعة) أخرى، وراحوا يرمون المتحمسين للدخول إلى هذا العالم الافتراضي بالتفاهة و(قلة العقل)، وأحياناً بتهم أكثر إيلاماً، لكن مع الإقبال الكبير والمتزايد واليومي على الاشتراك في هذا الموقع، شكّل ذلك، وخصوصاً لدى بعض (الرسميين)، ظاهرة (خطيرة)، أو بالحد الأدنى (غير مفهومة)، وبدوا مذهولين أمام اندفاع الناس من مختلف الشرائح العمرية، بمختلف مستويات تعليمهم وثقافتهم، للانخراط فيه.

ربما ..! اعتذار عن الاعتذار

مع المقال الذي كتبه المخرج السوري الشاب نضال حسن (عنوان: «أعتذر بدون أن أعتذر» جريدة «السفير») عادت مشكلة إدارة المؤسسة العامة للسينما إلى الواجهة من جديد، بعد فترة سادها هدوء نسبي لم نسمع خلالها عن أي إشكال بين مخرج سينمائي سوريّ ومدير المؤسسة الذي طال عهد تسلطه على مملكة لم تعد تحوي سوى الخواء.