أزمة اليمن في ظل التوازن الدولي الجديد
صدر قرار مجلس الأمن رقم «2402»، الذي قدمت روسيا مشروعه، بالإجماع بعد استخدامها لحق النقض «الفيتو» ضد مشروع قرار بريطاني، لاعتراضها على بعض ما ورد فيه.
صدر قرار مجلس الأمن رقم «2402»، الذي قدمت روسيا مشروعه، بالإجماع بعد استخدامها لحق النقض «الفيتو» ضد مشروع قرار بريطاني، لاعتراضها على بعض ما ورد فيه.
الحديث عن التوازن الدولي الجديد، والتراجع الأمريكي، والتأكيد المستمر عليه، يعني بالدرجة الأولى: أن قدرة الولايات المتحدة على الهيمنة والتحكم بمسار الأحداث_ عسكرياً أو دبلوماسياً أو من خلال المؤسسات الدولية_ ليست كالسابق، وكما جرى في «أفغانستان_ يوغسلافيا_ العراق_ ليبيا» .
يعتبر عام 2018 عام الإقرار بالتوازن الدولي الجديد، حيث تكوّن إجماع عالمي حول ذلك، بين الأنظمة والحكومات، والمعارضات، والنخب السياسية والثقافية والإعلامية، بدءاً من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وانتهاء بأي «متثاقف» من كتّاب «القطعة بعشرة» في بلدان العالم الثالث، ومروراً بـ «ماكرون و عمر البشير...» الجميع يقر بأن ميزان القوى الدولي السابق قد تغير، وأن عصر الاستفراد الأمريكي بالقرار انتهى، وأن قوى أخرى باتت شريكة في صناعة القرار الدولي، وتحديداً روسيا والصين. ولكن هذا الاتفاق على التراجع الأمريكي لم يلغ تعدد زوايا الرؤية إلى التوازن المستجد، كل حسب موقعه ومصالحه ومداركه العلمية، وأدواته المعرفية، مما يؤدي إلى اختلاف طريقة التعاطي مع هذا الظرف الناشئ.
لم تأت استراتيجية الأمن القومي لإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشيء جديد على ما جاء في حملته الانتخابية، وإن كان عرض تلك الاستراتيجية قد تم في إطار العنجهية الأمريكية المعتادة والتي توحي بالتقدم، فإنه بقراءة ما بين السطور، يمكن التيقّن بأن الولايات المتحدة اليوم موغلة في تراجعها.
لماذا لا تهدأ نشرات الأخبار اليوم؟ ولماذا يأخذ المشهد العالمي سمة التوتر المتزايد؟ نعم، من الممكن إيجاد إجابة واحدة عن تلك الأسئلة، ومن الممكن وضع عنوان عريض لكل النزاعات والتوترات العربية والدولية في هذه المرحلة، دون الخوض في مسببات كل حالة على حدة: إنه التبدل الجاري لموازين القوى العالمية.
تتعزز يوماً بعد آخر مواقع القوى الدولية الصاعدة، فلم يعد بإمكان أي كان، تجاهل الدور الروسي – الصيني، وبات القبول بهذا الثنائي كقطب دولي جديد أمراً مسلماً به، حتى من قبل المركز الامبريالي الغربي نفسه، الذي طالما كان يكابر ويحاول تجاهل الوقائع الجيوسياسية الجديدة، والتنصل من تبعاتها.
تحذر جهات عديدة، دولاً وقوى وشخصيات من مخاطر تقسيم سورية، وتتعدد غايات هذه الجهات من التلويح بين فترة وأخرى بهذه الفزاعة، ليذهب الجموح بخيال البعض إلى حد اعتبار التقسيم أمراً واقعاً، أو خياراً لابد منه.
اتخذت دولٌ من القسم الشرقي لأوروبا تتمتع بعضوية رئيسية في الاتحاد الأوربي خطوات صغيرة، ولكنّها ذات أهمية جيوسياسية. وعلى الرغم من تجاهلها بشكلٍ كبير في وسائل الإعلام الغربية الرئيسة وفي بروكسل، إلا أنّها يمكن أن تفسح المجال لبديل اقتصادي على المدى الطويل، للبناء الفاشل المعروف المضلل القائم اليوم والمدعو الاتحاد الأوروبي، مع منطقة اليورو ذات العملة الموحَّدة والبنك المركزي الأوروبي المفلس.
بات واضحاً ومتفقاً عليه، بين أوساط إقليمية ودولية واسعة، أن أحد أهداف الحملة الخليجية – الأمريكية على قطر، هي تحميل هذه الدولة وزر تفشي نزعة الإرهاب والتطرف في المنطقة والعالم، وذلك في محاولة يائسة من قوى التحالف الأمريكي، للتنصل من مسؤولياتها في تعميم هذه النزعة، صناعة، وتمويلاً، وتدريباً، وتوفير ظروف تمدد هذه التيارات الفاشية.
تشعر الإمبريالية بالقلق مما تمثله مشروعات البنية التحتية العالمية الضخمة في الصين من تحدٍ للنظام العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة. استضافت جمهورية الصين الشعبية قمّة في 14 أيّار تدعى مبادرة «حزام واحد، طريق واحد»، والتي تعرف أيضاً باسم مشروع طريق الحرير الجديد. حضر القمة 29 رئيس دولة وممثلون عن 130 بلداً من مختلف أنحاء آسيا وإفريقيا وأميركا اللاتينية وأوروبا، ووقعت سبعون دولة منها اتفاقيات مع الصين للمشاركة في المشروع.