قطر المأزومة:  هل تقطر غيرها؟

قطر المأزومة: هل تقطر غيرها؟

بات واضحاً ومتفقاً عليه، بين أوساط إقليمية ودولية واسعة، أن أحد أهداف الحملة الخليجية – الأمريكية على قطر، هي تحميل هذه الدولة وزر تفشي نزعة الإرهاب والتطرف في المنطقة والعالم، وذلك في محاولة يائسة من قوى التحالف الأمريكي، للتنصل من مسؤولياتها في تعميم هذه النزعة، صناعة، وتمويلاً، وتدريباً، وتوفير ظروف تمدد هذه التيارات الفاشية.

 

ولأن قطر، كانت بالفعل أحد أهم القوى الإقليمية، ولكن ليست الوحيدة- التي تتحمل مسؤولية تفشي هذه الظاهرة، فإن اتهامها اليوم، من قبل حلفائها، وإخراجها من الخدمة، يعني:

- تصدع الحلف الداعم للإرهاب، اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً، وعجزه عن القدرة على توظيف ظاهرة الإرهاب، كأداة لتمرير المشروع الأمريكي - الفوضى الخلاقة – ويعزز التراجع الأمريكي على المستوى العام، والتساقط المستمر لأدواته في استمرار الهيمنة.

- إن وضع قطر تحت هذا المستوى من الضغط والابتزاز، يعني عملياً الحكم بالإعدام على داعش، وجبهة النصرة، عسكرياً وسياسياً، ويعني أيضاً تحجيم دور الإخوان المسلمين، باعتبار إن إمارة الغاز، كانت الوكيل المعتمد أمريكياً وإقليمياً، لرعاية واحتضان هذه القوى على مدى السنوات الماضية، مع ضرورة التنبه إلى احتمال إعادة تدوير هذه القوى بأسماء، وهياكل جديدة، وتوظيفها في ساحات أخرى لإشعالها. 

- إعادة الدور الإقليمي لهذه الإمارة النفطية لحجمه الطبيعي، بعد أن جرى تضخيمه، وبعد أن تم توريطها بمهام تفوق وزنها الحقيقي، الأمر الذي يعني مرة أخرى، أن المركز الامبريالي المأزوم، يتعامل مع حلفائه بمنطق البيزنس، ويرميهم على قارعة الطريق، بعد تأدية الدور الوظيفي المناط بهم، وهو مضطر أن يتخلص من الأحمال الزائدة، بعد استهلاكها، وهذا ما ينبغي أن يكون درساً جديداً لكل حلفاء واشنطن، ومن يراهن عليها، مع الإشارة إلى أن استمرار التراجع الأمريكي، يعني بأن قوى أخرى في هذا الحلف قد تجد نفسها لاحقاً في نفس موقع قطر الحالي.

إن الأزمة المستمرة، والتراشق الإعلامي المتبادل، بين من كانوا حتى الأمس القريب، حلفاء، وأخوة، وأشقاء، وبغض النظر عن مآل هذا التوتر، يعكس فشل منظومة سياساتها الإقليمية السابقة، وخصوصاً في الأزمة السورية، ويفرض على هذه الكيانات دفع كفارة هذه السياسات، وخصوصاً ما يتعلق بعرقلة الحل السياسي، ومحاولات فرض قوى سورية بعينها كحزب قائد للمعارضة السورية. 

وبالإضافة إلى كل ذلك، إن أهم الدروس التي ينبغي استخلاصها، من الأزمة الخليجية بالنسبة للمعارضة السورية، هي، أن منطق التبعية، والاستزلام، والاستقواء بالخارج، في العمل المعارض مصيره الفشل، وانسداد الأفق أمامه، فهذه الأزمة إن كانت دليلاً جديداً على استمرار تخبط التحالف الامريكي، وتراجعه العام كما أسلفنا، فإنها في الملموس السوري، تعني تراجع القوى التابعة له، وتعني انتصار برنامج المعارضة الوطنية، ومشروعها في التغيير الوطني الديمقراطي الجذري والشامل والعميق، عبر الحل السياسي، وأداته المتوافق عليها دولياً أي: مفاوضات جنيف، على أساس القرار 2254.

معلومات إضافية

العدد رقم:
814