الأسلحة الروسية تفتك بالهيمنة الأمريكية

الأسلحة الروسية تفتك بالهيمنة الأمريكية

لم يكن خطاب الرئيس بوتين أمام الجمعية الاتحادية هذا العام تقليدياً، بل يمكن اعتباره علامة فارقة في تغير موازين القوى الجاري، ومرحلة جديدة في العلاقات الدولية القائمة.



الجديد والنوعي في الخطاب، على الصعيد العسكري والاستراتيجي، هو ما يمكن اعتباره استكمالاً لعملية ضرب التفوق العسكري الأمريكي، مع الإعلان عن أنواع جديدة من الأسلحة تمتلكها روسيا، ليس لها مثيل، ولا تستطيع المضادات الأمريكية التصدي لها. هذا بالإضافة إلى ما تطرق إليه الخطاب من تغيرات داخلية كبرى على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي، تتمثل بهدف مضاعفة نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في روسيا بنسبة 150% في منتصف العقد المقبل، وتوسيع هامش الحريات، وزيادة الإنفاق على الصحة وغيرها...
ماهي الأسلحة الروسية الجديدة؟
الأسلحة الروسية الجديدة التي تم الإعلان عن بعضٍ منها، تم اعتماده ودخل حيز التجريب، والبعض الأخر لا يزال في طور التصنيع والتطوير. وحسب الرئيس بوتين فقد اعتمدت القوات المسلحة الروسية أكثر من 300 نموذج جديد من المعدات العسكرية منذ عام 2012، وأن تجهيز القوات المسلحة الروسية بالأسلحة الحديثة ازداد 3,7 مرات.
الرئيس الروسي أكد في خطابه أن موسكو تصنع منظومات أسلحة استراتيجية غير بالستية، تعجز منظومات الدفاع الجوي عن اعتراضها، قائلاً: «بدأنا بتطوير أنواع جديدة من الأسلحة الاستراتيجية، التي لا تستخدم مسار الصواريخ البالستية عندما تتحرك نحو الهدف. وبالتالي فإن منظومات الدفاع الصاروخي لا تنفع أمامها». وكشف بوتين عن عملية اختبار ناجحة تمت في نهاية عام 2017 لإطلاق صاروخ مجنح يعمل على الطاقة النووية. هذا بالإضافة إلى تطوير أسلحة جديدة أخرى موضحة بالشكل المرفق.
دلالات ورسائل
من المؤكد أن إعلان بوتين عن الأسلحة الحديثة في خطابه الأخير، يحمل دلالات أبعد من التأثير على الانتخابات الرئاسية المقبلة، فهو يمثّل رسائل معلنة وواضحة لواشنطن، بأنه وإن كانت محصلة الفروقات في القدرات العسكرية التقليدية هي في مصلحة واشنطن، فإن موسكو اليوم تقف على أعلى منصة علمية فيما يخص السلاح، وأن تغيراً متسارعاً وجدياً يحدث على صعيد التوازنات العسكرية وقدرات الردع. أي: أننا اليوم نقف على مفترق طرق، وفي حال استمرت واشنطن في حربها غير المعلنة ضد موسكو وحلفائها، أو ارتكبت أية حماقة أو تصعيد عسكري، فإنها ستكون عاجزة عن مواجهة القوة العسكرية الروسية. وهو ما عبر عنه بوتين صراحةً بقوله: «أعتقد بأنه من واجبي أن أؤكد أن أي استخدام للسلاح النووي ضد روسيا أو حلفائها، سواء أكان بقوة صغيرة أو متوسطة أو أخرى، سنعتبره هجوماً نووياً على بلادنا. والرد سيكون فورياً مع كل ما يترتب على ذلك من عواقب».
تقييد واشنطن، والأمن الدولي
تتعلق الرسائل المرتبطة بالتكنولوجيا العسكرية الجديدة، بالحفاظ على أمن روسيا وضمان التكافؤ الاستراتيجي، ومن ثم حماية الأمن الدولي، بالربط مع انسحاب واشنطن من معاهدة إزالة الصواريخ النووية متوسطة وقصيرة المدى، المبرمة مع موسكو، هذا ما أعرب عنه الرئيس بوتين. واشنطن بالمقابل أعربت عن خيبة أملها على لسان وزير الدفاع الأمريكي جون رود: «نحن على علم بتطور الأسلحة الروسية ونحن قلقون بشأن بعض التغييرات في العقيدة العسكرية الروسية وبرنامج التدريبات العسكرية، لكننا نشعر بخيبة أمل، لأن الرئيس الروسي قرر تقديمها بالضبط، كما يراها».
من الطبيعي أن تشعر واشنطن بخيبة الأمل، بل أكثر من ذلك، وهي محقة بعد كسر تفوقها العسكري، وإضافة بعد آخر وهام لتراجعها، بالتزامن مع التراجع الاقتصادي أمام النموذج الجديد الذي تعمل روسيا أيضاً مع شركائها، وتحديداً الصين على استكماله، وتراجع دورها السياسي والقدرة على التأثير في المؤسسات الدولية، أي: أن جميع مقومات كسر الهيمنة الأمريكية للأبد أصبحت حقيقة ملموسة وواقعاً.