تقول الكتابات التي نصادفها هنا وهناك، على الجدران أو السيارات أو الإعلانات.. أشياء كثيرة لا يمكن إلا الوقوف حيالها.. ولعل كاتباً بمستوى ماركيز كان سيجعل من جملة «بيجي أعطني قبلة» المكتوبة على جدار في حيه مقالاً طريفاً تتناقله اللغات.
في المدرسة كانوا يقولون إن الحيطان دفاتر المجانين، ومع الوقت رحنا نعبّر عن جنوننا بكثير من الشغب واللامبالاة.. فكم مرة كتبنا على جدار: «عصابة الكف الأسود»، أو كم مرة ضحكنا لعبارات من قبيل: «لا تلحقني مخطوبة»، أو «كلما ازدادت معرفتي بالبشر ازداد احترامي للكلاب»، ولعلنا ألفنا عبارات من قبيل «لا (تبول) هنا يا حمار!»..
في الصباح، ربما في المساء.. شمالاً، ربما جنوباً.. وبالتحديد لا يمكن التحديد. فتح بطل الرواية الكتاب الأنيق إخراجاً وطباعةً كما تفتح النافذة وقفز خارجاً.
تمطى كالمستيقظ تواً من النوم، وقام بنفض أثار الحبر عن جسده المنتفخ لشدّة التقلب في مزاج الكاتب.. ثم مضى.
لم أسافر كثيراً لظروف مختلفة، لم أشاهد مدناً أبعد من وطني، حتى أنني ككل السوريين لم أزر بعض المدن السورية، لكنني أقرأ وأرى وأسمع، أتحاور مع آخرين، وأرى صور وكالات الأنباء، وأشاهد برامج وثائقية، عن مشاريع عادية وعملاقة، عن مدن تبنى من جديد، ومدن تهدمها الزلازل، وتخربها الحروب، وألتقي بسوريين عائدين من دول العالم.. أستنتج حسب رأي ياسر العظمة مما سمعت وقرأت وشاهدت أننا استثناء لحالة العالم، وأن مدينتي على الأقل تعيش في حلقة متكررة، الدوران نفسه، والمشهد نفسه، والغريب دقة الموعد نفسه.
التعبير عن العواطف عند الإنسان والحيوانات
«التعبير عن العواطف عند الإنسان والحيوانات» تأليف تشارلز داروين، ترجمة الدكتور محمد عبد الستار الشيخلي.. كتاب صدر حديثاً عن المنظمة العربية للترجمة، وهو من أكثر أعمال داروين المقروءة لما فيه من طُرَفٍ واستشهادات وملاحظات استقاها المؤلف مباشرةً من أصدقائه وأولاده.
تأتي رواية «خطوط النار» (دار الريّس) للسوري فواز حداد بعد روايته «جنود الله» وكأن الكاتب قد اختار بلاد ما بين النهرين موضعاً لروايته كي يفضح حقيقة الغزو الأمريكي، ويكشف قناع الزيف عن سياسة أمريكا الديمقراطية.
أحدثت الانهيارات الكبرى والمنعطفات الحادة التي عصفت بالعالم منذ نحو عقدين، اهتزازات كبرى عامة وشخصية، أثرت بدرجات متفاوتة على معظم الناس والقوى والتيارات وحركات التحرر والدول والتكتلات، ونتج عنها لغط وفوضى وانعدام وزن ورؤية على الأصعدة كافة.. فتزعزعت المعايير وتسطّحت، وتداخلت المفاهيم، ولمعت في الواجهة الفكرية والسياسية والاقتصادية نظريات وطروحات جديدة أو متجددة لم يكن لها تأثير يُذكر قبل الانعطاف، لعل أبرزها نظرية «نهاية التاريخ»، والـ«نيوليبرالية»، و«حوار الحضارات» و«التعايش السلمي»... محاوِلةً إزاحة أفكار راح يتم وصفها بأنها «بالية» ومن بقايا زمن «الحرب الباردة»، مثل «الاشتراكية»، و«التخطيط المركزي» و«الصراع الطبقي»، و«الكفاح المسلح»، و«الأدب الملتزم»... وقد جذبت هذه «الموضة» الطارئة إلى مواقعها الكثير من القوى والحكومات «الثورية» و«اليسارية» بسبب الطبيعة الانتهازية لهذا «الكثير»، أو بفعل اليأس أو
سانتا إيفيتا
حين صدرت رواية «سانتا إيفيتا» للكاتب الأرجنتيني الراحل توماس أيلوي مارتينيث هبّ غابرييل غارسيا ماركيز ليقول: «ها هي ذي، أخيراً، الرواية التي لطالما رغبتُ في قراءتها»، أما القارئ العالمي ألبرتو مانغويل فقد قال: «إنها أفضل رواية من أمريكا اللاتينية منذ مئة (عام من العزلة)».
الرواية التي أصدرتها دار الحوار2010 بتوقيع المترجم صالح علماني تتحدّث عن ساتنا إيفيتا: الأسطورة الحية، المرأة الفاتنة، الأم والمحسنة والأنموذج كما ينظر لها كثيرون، والأمية الجاهلة، الحاقدة والمتسلقة، العادية والمجنونة ورئيسة ديكتاتورية المتسولين في نظر آخرين. إنها رواية تنتقل بين أضواء ما لم يكن، وظلمات كل ما كان يمكن أن يكون..
عن دار عبد المنعم ناشرون بحلب صدرت رواية «هو في الذاكرة» للأديبة والإعلامية بيانكا ماضيّة، وهي التجربة الروائية الأولى لها بعد صدور كتابها «سليمان الحلبي» عام 2007.
تجري أحداث الرواية بين حلب ودمشق وباريس وتعتمد على تقنيات حديثة في فن الرواية العربية بأسلوب شاعري فتّان، وتوظيف موفّق للمقولات النقدية في فن القصة والرواية يأتي في صورة هوامش تغني اللعبة السردية وتضيف إلى جعبة القارئ زاداً ثقافياً مهماً.
كان يجب أن يُرسم سهمٌ من الصفحة المقابلة «شؤون فكرية» التي تحمل الرقم (ص10) إلى هذه الزاوية، لأن المنشور هنا من المفترض أن يوضع ويتموضع هناك.. وطبعاً لا شك في أن كل المطارح، في الصحيفة كما في المجالس، خير وبركة، إلا أن هناك توضيحاً لا بأس منه.. باختصار؛ نشر هذا الموضوع هنا هو ضرب من الاحتجاج!!
الاحتجاج يأتي على شكل سؤال هو التالي: لماذا تغيب الثقافة عن «مشروع الموضوعات البرنامجية» الذي يحمل قراءة واسعة الطيف سياسياً واقتصادياً واجتماعياً؟؟