«خطوط النار» لفواز حداد: الديمقراطية في أرض السواد
تأتي رواية «خطوط النار» (دار الريّس) للسوري فواز حداد بعد روايته «جنود الله» وكأن الكاتب قد اختار بلاد ما بين النهرين موضعاً لروايته كي يفضح حقيقة الغزو الأمريكي، ويكشف قناع الزيف عن سياسة أمريكا الديمقراطية.
تبدأ الرواية بلقاء يجمع السارد بطبيب نفسي أمريكي، في المطار، أثناء انتظار كل منهما للطائرة، بهذا اللقاء وما تتلوه من مراسلات تتكون الراوية كاملة، لتقدم شهادة جارحة لما جرى ويجري في أرض العراق، وما يتعرض له شعبه من قهر وذل وهوان، وذلك من خلال شخصية الفتاة الجامعية بثينة التي وقعت في براثن الذئاب البشرية الأمريكية فتعرضت للاغتصاب الجماعي، ومن ثم للتعذيب على يد جنود أمريكا لمدة ثلاثة شهور، هي ومعها فتاتان عراقيتان في مقتبل العمر، حيث يختار الأمريكان ضحاياهم من طالبات الجامعات خوفاً من الأمراض الجنسية.
وبعد إطلاق سراح بثينة تعلم أن جميع أفراد أسرتها قتلوا بقصف أمريكي أمها وأبوها وسبعة من إخوتها ماعدا أخاها الصغير ابن العشر سنوات الذاهب إلى بيت عمه في مدينة بعقوبة، فتقرر الفتاة الذهاب إلى بيت عمها ولكن الأمريكان يلقون القبض عليها ثانية بتهمة التعامل مع المنظمات الإرهابية، ومحاولاتها تنفيذ عمل تفجيري انتحاري في صفوف جنود الاحتلال .
أما الضحية الثانية في الرواية فهي المترجم (عباس الزايدي) المكنّى «أبو سعيد» الذي اضطرّ للعمل بشكل سري مع القوات الأمريكية، كي يؤمن لقمة العيش لأطفاله الصغار بعد وفاة والدتهم أثناء الولادة لعدم توفر الدم في المشفى، ويبين التناقض الذي يعيشه هذا الإنسان العراقي، وكيفية تواريه عن أنظار أبناء مدينته ودخوله سراً إلى المنطقة الخضراء، حتى لا يراه أحد ويتهموه بالخيانة.
وتظهر شخصية المترجم من التناقض عندما يقوم بالترجمة بين الطبيب النفسي «كيلي» الذي كلف بتحويل بثينة من انتحارية إلى فتاة منطلقة.. وهنا يتحول المترجم عن مهمته إلى محامي دفاع عن الفتاة، منتصراً لإنسانيته ووطنيته.
في الوقت نفسه الذي يقوم به الطبيب بمعالجة بثينة، يقوم الطبيب أيضاً «كيلي» بمعالجة الجندي الأمريكي «بيرنز» أحد الجنود الأمريكان الذين اختطفوها، والذي يؤكد على أقوالها ويقرّ بجريمته، وأنه نفذ أوامر قادته لكي تعترف الفتاة عن أماكن الإرهابيين في حيها لكنه لم يغتصبها، ويحاول الجندي الأمريكي الانتحار لما اقترفته يده بحق الفتاة العراقية، ولكنه لا يموت، فيقرر مساعدتها على الهروب والوصول إلى بيت عمها في بعقوبة، بالاتفاق مع المترجم (أبو سعيد) حتى تسامحه.
ينفذ الجندي وعده ويصل بهم إلى بعقوبة، وتلتقي بثينة بأخيها في بيت عمها، فيحاول أهلها قتل الجندي الأمريكي لكنها تمنعهم عن ذلك، وتقرر العودة مع المترجم إلى بغداد لتسلم نفسها للأمريكان. يدخل المترجم والجندي إلى المنطقة الخضراء، حيث يتعرضان للتحقيق، يقرر المترجم الاستقالة لكنه يقتل على يد مسلحين عندما يهم بالخروج من إحدى بوابات المنطقة الخضراء.
يتصل «كيلي» بأهل أبي سعيد ويخبرهم بموته، وعندما يذهب لتسليم الجثة يفاجأ بوجود بثينة وأخيها عندهم، لكنه يخفي ذلك عن الجنود، ويقرر المبيت عندهم حتى الصباح.. ويطلق منولوجه الحارق، حين يرى كيف يفترس الموت أرض العراق بفضل ديمقراطية أمريكا.