ربما ..! دفاتر الشعب
تقول الكتابات التي نصادفها هنا وهناك، على الجدران أو السيارات أو الإعلانات.. أشياء كثيرة لا يمكن إلا الوقوف حيالها.. ولعل كاتباً بمستوى ماركيز كان سيجعل من جملة «بيجي أعطني قبلة» المكتوبة على جدار في حيه مقالاً طريفاً تتناقله اللغات.
في المدرسة كانوا يقولون إن الحيطان دفاتر المجانين، ومع الوقت رحنا نعبّر عن جنوننا بكثير من الشغب واللامبالاة.. فكم مرة كتبنا على جدار: «عصابة الكف الأسود»، أو كم مرة ضحكنا لعبارات من قبيل: «لا تلحقني مخطوبة»، أو «كلما ازدادت معرفتي بالبشر ازداد احترامي للكلاب»، ولعلنا ألفنا عبارات من قبيل «لا (تبول) هنا يا حمار!»..
الصحافة لم توفر اقتناص هذه العبارات والكتابة حولها، ويندر أن توجد مطبوعة لم تفكر في طرح هذه المسألة، خصوصاً من خريجي قسم الصحافة في جامعة دمشق الذين لا يتعبون أنفسهم في البحث عن موضوع جديد، فقلما تمسك برسالة تخرج لأحدهم إلا وتجده قد طرح الموضوع على الفور.. بينما الرهيب في الأمر هم كتّاب العبارات أنفسهم، هؤلاء الذين يمكن ضمهم إلى ديوان «شعراء البيت الواحد»، وشخصياً أرشّح مؤلف عبارة : «هدف حياتي كان تسلل» التي وضعها على باصه، وراح يسير بها، لا بالباص، بكل ما أمكن من الفخر..
ابحثوا عن هذه العبارات.. احتفلوا بها.. فوحدها من بين كل الطروحات النقدية والثقافية قد جعلت من الشعر كائناً شعبيّاً..
نحن الناس.. الشعب، الذين تُكتب صفحات الجرائد الأولى بالنيابة عنا، والأخبار العاجلة والبطيئة والمكررة كذلك.. لم نجد من دفاتر إلا حيطان الحارات، فهل انتبهتم؟