قاسيون
email عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
مع هروب السلطة السابقة، تأمّل السوريون جميعاً طي صفحة الماضي والذهاب إلى مستقبلٍ قادم يثبت أنهم شعبٌ واحد، وتحديداً أن فرار السلطة بهذا الشكل أنهى واحدة من أكثر القضايا الخلافية بين السوريين، لكن طريقة تطور الأحداث منذ بدء المعركة في حلب والتسارع الشديد في الأحداث، سبب تشويشاً لدى البعض، الذي رأوا أن ما جرى كان انتصاراً لجزء من الشعب على جزء آخر!
منذ أن انفجرت الأزمة السورية في آذار 2011 انقسم فقراء سورية إلى فريقين متضادين «الموالاة / المعارضة»، واستثمرت الطغمة الفاسدة في النظام والمعارضة هذا الانقسام وعمقته، وأشعرت كل طرف أن التفاهم مع الطرف الآخر مسألة مستحيلة، وعلى هذا الأساس وعد أمراء الحروب وداعموهم في الخارج السوريين والمتخندقين بالنصر على إخوتهم في الطرف الآخر.
لا يختلف اثنان حول ضرورة الحفاظ على الأمن والسلم الأهلي في سورية التي تعيش ظرفاً شديد الحساسية. وعملية الحفاظ على الأمن والسلم الأهلي، ينبغي أن تنطلق من فهم المنهج والطريقة التي اتبعتها السلطة السورية الساقطة، للابتعاد عنها وتجنب تكرارها؛ فمفهوم الأمن لا يمكن النظر إليه من زاوية واحدة تتعلق بالقدرة على الضبط والقمع تحت مسمى «الحلول الأمنية»؛ حفظ الأمن يحتاج بطبيعة الحال إلى هذه الدرجة أو تلك من استخدام القوة، ولكن على هذه القوة أن تكون محصنة بإجماعٍ شعبي واسع حولها، وبرضا عامٍ من الناس، وبالاعتماد عليهم بالدرجة الأولى...
عرف السوريون شعاراً رُفع بدءاً من احتجاجات آذار 2011 حين صرخ السوريون قائلين: «الشعب السوري ما بينذل»؛ لكن الشعار الذي ردده الآلاف جرى استخدامه سابقاً في شباط 2011 حين تجمهر عشرات في سوق الحريقة في دمشق يهتفون «حرمية… حرمية… حرمية» قبل أن يصيح أحدهم قائلاً: «الشعب السوري ما بينذل»، وقبل ذلك مرات عديدة كانت إحداها أمام البرلمان قبل ذلك بسنوات، وتحديداً في أحد الاعتصامات التي كانت تملأ شوارع دمشق نصرة للقضية الفلسطينية ورفضاً لاحتلال الجولان السوري...
مع بدء الحركة الاحتجاجية في سورية في آذار 2011 اجتمعت هيئة تحرير جريدة قاسيون الناطقة باسم حزب الإرادة الشعبية في دمشق، وهناك اتخذ القرار بفتح ملف بعنوان «سورية على مفترق طرق» كان الهم الأساسي في حينها أن يتحمل الحزب مسؤوليته السياسية، ويقدم لجمهوره حصيلة خبرته السياسية، ورأيه في القضايا المختلفة، استناداً إلى منصة علمية رصينة، وفي ذلك الوقت انكبت كوادر الحزب الشابة على كتابة عشرات المقالات لنقاش القضايا الأساسية المطروحة، لكن صوت السلاح دفع ملايين السوريين للانكفاء مجدداً، والابتعاد المؤقت عن العمل السياسي، ومع تعقد الأزمة ضاقت فسحة الأمل، وجرّفت البلاد من أهلها، وظل الباقون فيها جالسين ينخرهم اليأس... أما اليوم، وقد سطعت الشمس مجدداً، ودفّأت العظام الباردة، فإننا نواصل من منبر «قاسيون» وحزب الإرادة الشعبية من خلفها، وعبر الأقلام الشابة بشكل أساسي، طرح مجموعة من المسائل أمام السوريين، علّها تركّز الضوء على المخرج الوحيد من أزمة وطنية وسياسية عميقة، جثمت فوق صدورنا لسنوات... سعياً وراء انتصارات أكبر قادمة... لأن أجمل الانتصارات هي تلك التي لم تأتِ بعد...
ما زال تحقيق التوازن بين دعم الإنتاج المحلي وحماية الصناعة الوطنية (العام والخاص)، في ظل سياسات الانفتاح والتحرير الاقتصادي، يمثل تحدياً كبيراً على المستوى الوطني.
إحلال بدائل المستوردات، وبغض النظر عن التشوهات التي لحقت بهذه العبارة من خلال سياسات السلطة الساقطة التي أظهرت تبنيها شكلاً وأجهضتها تنفيذاً، هي استراتيجية اقتصادية ذات بعد وطني تهدف إلى تقليل الاعتماد على المنتجات المستوردة من خلال تعزيز الإنتاج المحلي للسلع التي يتم استيرادها، وبما يعزز الاستقلال الاقتصادي بالنتيجة.
يتزايد الحديث، في لجة بعثرة الأولويات الوطنية بعد انهيار السلطة الساقطة، عن الاقتصاد الحر والمفتوح وكأنه عنوان مستجد سيُخرج الزير من البير!
على مدى العشرين يوماً الماضية، بات واضحاً أن قرار إنهاء الدعم عن المواد الأساسية ليس مجرد إجراء اقتصادي، بل زلزال اجتماعي وسياسي يعيد تشكيل حياة المواطن بكل تفاصيلها.
عندما تكون الحكومة في وضع تصريف وتسيير الأعمال، أو حكومة مؤقتة بعد تعليق الدستور، فإن صلاحياتها تكون محدودة بشكل عام.