عصام حوج
email عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
منذ بداية الأزمة، وحتى انعقاد مؤتمر موسكو، لعبت الكثير من وسائل الإعلام دوراً مؤثراً في تعقيد الوضع المعقد أصلاً، وقد كان وما يزال الشغل الشاغل لها، التشويش على كل جهد خيّر، عبر إبراز ما هو إشكالي حصراً دون غيره، وعبر التركيز على ما هو مختلف عليه بالحد الأقصى، وعبر طرح ما يستفز هذا الطرف أو ذاك، ويزيد من تخندقه، وعبر محاولة تضخيم دور جهة ما، وتقزيم وزن جهة أخرى، وأخيراًعبر تجاهل ما يمكن أن يكون أمراً جامعاً..
من الأمراض المزمنة التي تعاني منها بعض النخب الثقافية والسياسية السورية المعارضة، داء الـ«أنا» المتورمة، داء الذاتية المفرطة، حيث تعتبر الذات المريضة نفسها محور الحدث، فاللقاءات لن تكون ناجحة إذا لم ينظمها هو حصراً، أو على الأقل إذا لم يتصدرها هو، باعتباره الوحيد الضامن، والمؤتمن غير المشكوك في نزاهته ومصداقيته، وهو الوحيد الذي من حقه أن يمنح الشرعية لهذه الجهة المعارضة أو تلك أو يحرمها منه، حتى يكاد أن يردد معزوفة «الممثل الشرعي والوحيد»..
مرة أخرى تكشف الماكينة الإعلامية عن بؤسها وسطحيتها في سياق تناول الحدث الفرنسي، بضخ مزيد من الدجل والتزييف. أغلب القراءات التي حاولت مقاربة حدث الاقتحام والاغتيال في مقر صحيفة «شارلي ابيدو» الفرنسية، دارت ضمن تلك الحلقة المفرغة التي تصور الأمر وكأنه صراع بين العلمانية والتدين، بين التخلف والحداثة، بين ثقافة وأخرى.. وغيرها من مفردات الاستهلاك الإعلامي التي تساهم في التغطية على جوهر الصراع الدائر، في أسبابه العميقة، في أدواته المتعددة التي تبدو أنها متناقضة ولكنها تخدم الهدف ذاته..
هامش أول / الزمن لم يكن يوماً ما عنصراً حيادياً في المعادلات السياسية ولن يكون، وخصوصاً في ظل الإيقاع المتسارع للأحداث، بل كان وما زال تأخر حل الأزمة سبباً لظهور عناصر طارئة، وغريبة، استطاعت أن تحدث تغيراً نوعياً وكمياً في العناصر كلها،
تتحفنا وسائل الإعلام باستمرار بخرائط جديدة، حيث ستزول دول، وتظهر كيانات أخرى، أو ربما تحل محلها الـ«لا دولة»..!
يعتبر علم الاجتماع عموماً، والحقل السياسي منه على وجه التحديد في أحد جوانبه، أداة التمكن لقراءة اتجاه التطور الحقيقي والاستناد إلى ذلك في صياغة البرامج ووضع السياسات، وتوفير الأدوات الكفيلة للوصول إلى ما يجب الوصول إليه، وعدا عن ذلك فإن السياسة تكف عن كونها علماً،
من لم يعش حالة السوري وهو يحاول تأمين جرة غاز، أوبيدون مازوت، أوربطة خبز، من لا يكترث بقلق المهاجرين في بواخر الموت لا يستطيع أن يحدد الموقف الصحيح مما يجري، من لم يختبر نفسه في قهر الانتظار على «مواقف السرافيس» في دمشق...،
دأبت بعض وسائل الإعلام منذ بدء الأزمة على تقسيم السوريين إلى مجرد طوائف ومذاهب وقوميات وأديان بحيث يبدو بأنهم هم مجرد مجموعات بشرية على أساس هذه الانتماءات وليس أكثر من ذلك،
من تجليات الأزمة في جانب علم النفس الاجتماعي تفشي ظاهرة ما يمكن تسميته بـ «جلد الذات» التي تتجلى بأشكال مختلفة، وتأخذ بعداً مجتمعياً وتاريخياً.. فما نحن فيه هو «نتاج تخلفنا» و«نستحق» ما يحصل لنا، لتصل لدى البعض إلى «مازوشية» ذات محتوى سياسي تبرر استجداء الخلاص حتى من إبليس، طالما «نحن» عاجزون عن فعل شيء، وما دامت «مجتمعات متخلفة» وصولاً إلى شتم «تاريخنا الأسود» ..كذا؟!
كل ما ما هو قائم على مملكة الأرض يتزعزع، يضطرب، آيل إلى السقوط، طالما أنه لا يستجيب لحاجات البشر الحقيقية، قد يطيل عمره ردحاً من الزمن، قد تكون لدية القدرة على المناورة والتكيّف، قد «يخيف» ويرعب بما لديه من توحش وسادية، قد.. وقد .. وقد..