سوريون ...

سوريون ...

دأبت بعض وسائل الإعلام منذ بدء الأزمة على تقسيم السوريين إلى مجرد طوائف ومذاهب وقوميات وأديان بحيث يبدو بأنهم هم مجرد مجموعات بشرية على أساس هذه الانتماءات وليس أكثر من ذلك،

ولم يخل المشهد من الدعوة إلى «الأخوة» وما إلى ذلك من «مواعظ» على الأسس ذاتها طبعاً؟؟!

لاشك أن التنوع في سورية أمر واقع، هكذا أراد المسار التاريخي لهذه البلاد أن تكون، و كان ذلك على الدوام إحدى دلالات الغنى الحضاري، حتى أصبحت هذه الأرض إحدى ساحات التلاقح الثقافي، ولكن هذا التعدد لم يكن يوماً نقيضاً للانتماء الوطني في الوعي الشعبي السوري، ولم تصبح هذه البلاد يوماً ساحة تنازع على هذه الأسس كما يريد لها من يريد، بل على العكس من ذلك، فعلى الرغم من أن سورية تنتمي إلى إحدى مناطق التوترمنذ تشكلها، ورغم ان الاحتلال الفرنسي حاول أن يزرع في الجسد السوري هذه الجينات المسرطنة، رغم كل ذلك كانت الانقسامات في سورية ومنذ تشكل الدولة السورية على أساس الوطني واللاوطني، على أساس المصالح الاجتماعية، وليس على أساس هذه الانتماءات التقليدية، وحدث أن لقن السوريون دروساً لمن حاول العبث بذلك، وسورية التي أنجبت يوسف العظمة، وفارس الخوري، وسلطان باشا الأطرش، والشيخ صالح العلي، وابراهيم هنانو، وسعيد آغا الدقوري، ليست عاقراً.

عدا عن تجارب التاريخ فإن السوريين في ظل الأزمة نفسها ورغم كل جعجعة وسائل الإعلام، ورغم السعي الحثيث من هذا وذاك إلى إشاعة هذا «الوعي» البدائي، إلى تقديم هذه الصورة النمطية عن الشعب السوري، أكد السوريون على أنهم شعب واحد، وأن المعاناة واحدة، والدم واحد، والمصالح واحدة، والمستقبل واحد، ولم يكترثوا بنعيق «طيور الظلام» و«المستثمرين» في الأزمة من كل شاكلة ولون، وعلى الأرض السورية تدور بشكل يومي وقائع ما يؤكد هذه الحقيقة، وإن كانت وسائل الإعلام تتجاهلها وتغيّبها.

فالوطنية السورية بأبعادها المتكاملة والعميقة، السياسية والاقتصادية الاجتماعية، هي سفينة الخلاص للسوريين جميعاً في ظل هذا الطوفان.