عماد بيضون
email عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
جمعت العلاقات السابقة مع الغرب القوتان الكبيرتان في الشرق الأوسط، تركيا وإيران، وعادت هي ذاتها لتفرقهما. فقد تصاعدت العلاقات الثنائية بين البلدين إبان «حلف بغداد» والتحالف مع الغرب الاستعماري الذي جمعهما في حينه، إلى أن قامت «الثورة الإسلامية» في إيران التي قطعتها عن مرحلة التبعية السابقة للغرب.
بعد فشلها في توريط بعض الدول المشاركة في «عاصفة الحزم» للانزلاق نحو تدخل بري في اليمن، سحبت الولايات المتحدة ورقتها العسكرية من الحرب اليمنية، مبقيةً على أهدافها التي ستحاول فرضها سياسياً.
تتخذ أمريكا من المنطقة الممتدة من روسيا حتى جنوب المتوسط ساحة عمليات واحدة، باستراتيجية وتكتيكات مختلفة شكلاً ومتشابهة مضموناً. فما يحصل في ليبيا لإنشاء قاعدة ومركز انطلاق فاشي غير منفصل عن مفاوضات مينسك ولا عن الملف النووي الإيراني.
الحراك الشعبي الصاعد في أكثر من مكان في العالم ما هو إلا تعبير، بشكلٍ ما، عن تراجع وانهيار الآليات السابقة وسقوط الشكل القديم من المنظومة السياسية والاقتصادية العالمية.
حملت زيارة الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، إلى مصر منتصف الأسبوع الماضي، تحريكاً لعددٍ من الاتفاقيات والتعاون المشترك بين البلدين. مما يفتح الباب أمام مصر لتحقيق خروج مأمول من تحت العباءة الأمريكية- الخليجية وقيودها الضاغطة.
جرت العادة التاريخية أن يفرض الأقوياء مشاريعهم على الأضعف، واستطاعت أمريكا وحلفاؤها- بعد انهيار الاتحاد السوفيتي حتى نهاية العقد الأول من هذا القرن- تمرير أغلب ما تريد في دول الأرض من مشارقها حتى مغاربها.
يمكن لما جرى في ليبيا، منذ تدخل قوات حلف «الناتو» فيها، أن يُعمَّم كدرس تاريخي، وكنموذج للمشاريع الأمريكية إزاء منطقتنا والعالم. إنه التدخل العسكري المباشر بما نتج عنه من فوضى وانهيار لجهاز الدولة وانتشار العصابات.
«بنفس الطريقة التي لم نطالب فيها الولايات المتحدة بتغيير نظامها السياسي، نطالب باحترام نظامنا.. على أمريكا ألا تضع تغيير النظام الاشتراكي كشرط لهذه العلاقات». بهذه الكلمات، اختار الأمين الأول للحزب الشيوعي الكوبي ورئيس الدولة، راؤول كاسترو، أن يضع حدوداً لتحسن العلاقات، دبلوماسياً، بين كوبا وأمريكا.
ﻷن الحياة لا تقبل الفراغ، الفراغ الذي خلّفه غياب مؤسسات الدولة العسكرية والأمنية والاقتصادية اليمنية عن القيام بالدور الوظيفي في لحظات الانعطاف الكبرى، يُسمح بظهور حالتين: إما الفوضى في حال عجز الدولة عن القيام بدورها، وإما أن تنبري إحدى القوى السياسية لملء الفراغ بأن تقدِّم نفسها وتقدم برنامجها ورؤيتها للخروج من الأزمة.
يتنامى العنف، وتعمُّ الفوضى ليبيا، فيما يضغط الوضع الليبي الداخلي بملفاته الثقيلة على دول الجوار، وخاصة مصر والجزائر، اللتين تسعيان للضغط على الدول المشاركة في دوامة العنف الليبية.