هل يكسر اليمن العتبة الأمريكية الخليجية؟
جرت العادة التاريخية أن يفرض الأقوياء مشاريعهم على الأضعف، واستطاعت أمريكا وحلفاؤها- بعد انهيار الاتحاد السوفيتي حتى نهاية العقد الأول من هذا القرن- تمرير أغلب ما تريد في دول الأرض من مشارقها حتى مغاربها.
مع الفيتو المزدوج الروسي الصيني عام 2011، انتقل العالم إلى إحداثيات جديدة، حيث خرجت قوى جديدة فرضت قيوداً على حركة الأمريكي ضمن الميزان الدولي الجديد غير الثابت بعد. والواقع المتحرك في الموازين الدولية يجعلنا نستنج أنه من أواخر العام الماضي وبداية عام 2015، قد انتقلت تلك الموازين من حالة تثبيت وشل الفعل الأمريكي إلى جعل أمريكا وحلفائها لاحقاً يمارسان ردة فعل، ويحاولان تعطيل إنجاز الحلول السياسية التي يصر عليها أصدقاء شعوب المنطقة.
على الأرض، أخذ التراجع الأمريكي أشكالاً عدة في أكثر من مكان، منها جلسات الحوار السوري- السوري في موسكو، وتعطيل مشروع الدستور اليمني المكتوب بأقلام فرنسا في دولة الإمارات، والهادف إلى تقسيم اليمن وحرقه وإشعال حرب جديدة.
اليمن محاولة لفرض التقسيم دستورياً
على الخارطة اليمنية السياسية، يبدو للحظة الأولى أن «الإخوان المسلمين» يطرحون مسألة الفدرلة ويدافعون عنها، متحالفين مع فضاء سياسي مكوَّن من أحزاب اللقاء المشترك وبعض قيادات حزب الرئيس السابق علي عبد الله صالح وبعض المكونات السياسية اليمنية. خاصة في محافظة حضرموت النفطية.
من جهتهم، قام الحوثيين بمحاصرة القصر الرئيسي وتعطيل الخطوة المقررة لإقرار الدستور، فيما قام الرئيس اليمني كردة فعل غير محسوبة بتقديم استقالته تزامناً مع وصول جمال بن عمر المبعوث الدولي والخليجي لليمن، والذي تزامنت زيارته مع ارتفاع منسوب العنف والمظاهرات على مستوى البلد. مما يؤكد الرغبة الخليجية الأمريكية بإقرار الدستور أو تعطيل البلد ووضع اليمن أمام خيارين إما الفراغ أو التقسيم.
لكن السؤال الذي لم يجب عليه أحد: هل فقط الحوثيين معارضين للتوقيع وإقرار الدستور الجديد؟ ولما التركيز العالي إعلامياً على دور الحوثيين على أنه نتيجة الرغبة الإيرانية بالضغط على السعودية وأمريكا لتقديم تنازلات إقليمية حول القضايا السورية والملف النووي الإيراني وضمن الصراع الإقليمي. لكن الحقيقية تتجاوز دور الحوثيين، فهم لن يستطيعوا الحركة على الأرض لولا الحياد الذي يقوم به الجيش اليمني، وهو في المضمون ليس «حياداً» بل فرض وزنه لمنع إقرار الدستور، ومنع تقسيم البلاد والدخول في حرب أهلية ستفتت اليمن وتنشر فيه القوى الفاشية المتطرفة.
التجاذب يستحدث تهويلاً
لأن أمريكا لا تستطيع فرض مخرجاتها كما تشاء، تلجأ الآن للتصعيد بهدف تخريب فعل القوى المضادة لها، والموجودة في اليمن وفي الإقليم، وتمثل هذا التصعيد بالمسعى الأمريكي للتنصل من كل الاتفاقات التي جرت بين الحكومة اليمنية ومعارضيها. غير أن تأثير قوى السلم لا يزال يدفع باتجاه حلٍ سياسي في البلد.