هل تحمل السنة الجديدة حلاً ليبياً؟

هل تحمل السنة الجديدة حلاً ليبياً؟

يمكن لما جرى في ليبيا، منذ تدخل قوات حلف «الناتو» فيها، أن يُعمَّم كدرس تاريخي، وكنموذج للمشاريع الأمريكية إزاء منطقتنا والعالم. إنه التدخل العسكري المباشر بما نتج عنه من فوضى وانهيار لجهاز الدولة وانتشار العصابات.

من العراق إلى ليبيا وسورية وسائر المنطقة، كان العالم شاهداً على الفشل الأمريكي في إدارة الصراع العالمي، حيث باتت كل «الحلول» الأمريكية- من ضربات خاطفة وحسم عسكري- أدواتً فقدت قدرتها على التأثير كما هو مراد أمريكياً، ليبقى مشروع الفوضى، والمزيد من الحرائق حول العالم الأداة «الناجعة» لتأخير تراجع المركز الإمبريالي.
هكذا كانت أمريكا مسؤولة بشكل رئيسي عن تعميم مشاريع الفوضى، بما يمنع الشعوب من إنجاز عملية التغيير المنشود. وكان للشعب الليبي الحصة الأكبر من التدخلات في شؤونه الداخلية، حتى باتت البلاد بأكملها ترزح تحت سطوة تنظيمات مسلحة ما انفكت لعبةً بيد الدول الكبرى والإقليمية.
ساحة مفتوحة لتهديد المحيط
في سياق المشروع الغربي، تحولت ليبيا إلى رقعة حرب مفتوحة وجاهزة للامتداد فيما إذا اقتضت الحاجة الغربية ذلك. وباتت احتمالات الفوضى تهديداً جدياً أمام مصر والجزائر، الدولتين الجارتين اللتين أبرزتا مواقف مناقضة في أحيان كثيرة للتكتيكات الأمريكية المتبدلة في المنطقة.
من هنا، يمكن فهم المساعي المستمرة لدول جوار ليبيا، ولا سيما مصر والجزائر، لترسيخ حل سياسي في ليبيا يضع حدوداً للفوضى فيها ويحصّن حدود دول الجوار. وتزامن ذلك مع مساعي القوى الدولية المناهضة للعنجهية الأمريكية لإنجاز حل سياسي يردم ما أغتنمه الأمريكيون في أوقات سابقة كان هامش المناورة الغربية خلالها واسعاً.
في محاولات متتالية، سعت دول الجوار إلى حل الأزمة الليبية، فكان اجتماع الخرطوم الذي حاول أن يجمع أطراف الصراع الليبي إلى طاولة الحوار، وهذا ما تم بالفعل لكنه لم يأخذ مساره الكامل، نتيجةً للعرقلة الغربية، وحجم التعقيد العالي للمسألة الليبية، ولا سيما بعدما باتت التنظيمات المسلحة متعددة الولاءات والتبعيات.
مبادرة جديدة للحوار..
وقوى التعنت مستمرة
أعلن مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا، برناردينو ليون، أن تاريخ 5/1/2015 سيكون موعداً لانطلاق جلسات الحوار الليبي، «بعد اتفاق كل الأطراف على كون الحوار هو الحل»، فيما صرح دبلوماسيون في الأمم المتحدة أن خارطة الطريق تنص على حكومة وحدة وطنية، ووقف لإطلاق النار وانسحاب جميع المليشيات ونزع سلاح الفريقين.
رغم العراقيل التي بدأت القوى السياسية بخلقها مع اللحظات الأولى لإعلان المبادرة، إلا أن جميعها أعلنت تأييدها بدون شروط، ما يعكس المزاج العام لدى شعوب المنطقة والعالم بإنجاز الحلول السياسية الكفيلة بلجم مشاريع الفوضى. كما يدلل على انتصار منطق القوى العالمية المحبة للسلام، على حساب الإمبريالية الساعية إلى المزيد من الحرائق.