بانوراما غزة 2023
مع مطلع 2024 ومع مرور أكثر من ثلاثة أشهر على انطلاق عملية طوفان الأقصى، وما تلاها من عدوان صهيوني وحشي، ربما من المفيد إلقاء نظرة عامة على الحدث وتداعياته على المستويات المحلية الفلسطينية والإقليمية والدولية، وذلك في إطار وضع تصورٍ عامٍ لما يمكن أن تؤول إليه الأمور، وللنتائج التي ستترتب على الحدث.
في هذه المادة، نستعرض الآراء الأساسية لدى «الإرادة الشعبية» حول الحدث ونتائجه وآفاقه، وذلك من خلال مجموعة من الاقتباسات من افتتاحيات قاسيون، ومن مواد محررها السياسي، التي نشرت ابتداءً من 8 أكتوبر الماضي وحتى نهاية العام.
الافتتاحيات
العدد 1143: «الطوفان سيعم المنطقة بأسرها!»، 8 تشرين الأول 2023
«إنّ هذه المعركة هي أحد أبرز مؤشرات الانتقال الشامل نحو عالمٍ جديد؛ نحو عالمٍ تتداعى فيه السطوة الاستعمارية الغربية بقطبيها الأمريكي والأوروبي على السواء، وبشكليها التقليدي والجديد (الاقتصادي). وهي في الوقت نفسه دفعة إضافية هامة في عملية الانتقال هذه، سرعان ما ستظهر آثارها في مجمل منطقتنا... الارتباك والصدمة والضعف والفوضى في صفوف العدو، هي تعبيرٌ عن الأزمة الوجودية التي يعيشها الكيان الصهيوني، وفي الوقت نفسه، فهي تعبيرٌ عن أزمة التراجع الغربي العامة... إنّ التطور الهائل في قدرات ومعارف وإبداع قوى المقاومة، هو أيضاً تعبيرٌ عن الصعود الشعبي في العالم بأسره... إنّ كل طلقة تخرج من المقاومة الفلسطينية باتجاه العدو الصهيوني، هي في الوقت نفسه رصاصة ضد المشاريع الغربية والصهيونية في المنطقة وفي سورية ضمناً».
العدد 1144: «ملامح سُويس جديدة في الأفق..»، 15 تشرين الأول 2023
«تتشكل أمام أعيننا ملامح سُويس جديدة، أعظم وأكبر مما كانت عليه نسختها الأولى؛ تتشكل أمام أعيننا لوحة يتم فيها كسر شوكة الغرب الاستعماري بأسره، ويفتح الباب ليس فقط نحو انتصار الشعب الفلسطيني انتصاراً ناجزاً وواضحاً، بل وأيضاً: انتصار شعوب المنطقة معه، عبر إعادة تشكيل كامل المنظومة الإقليمية انطلاقاً من هذا الانتصار نفسه».
العدد 1145: «معركة غزة عنوان تحول عالمي وتاريخي»، 22 تشرين الأول 2023
«إنّ المعركة في فلسطين ليست معركة تحرر وطني محلية الطابع، بل هي معركة مع الغرب بأسره عبر ضرب قاعدته المتقدمة التي جرى إنشاؤها منذ اللحظة الأولى كأحد أسس نظام الاستعمار الجديد الذي أرسيت أسسه بعد انتهاء نظام الاستعمار القديم. هذه القاعدة التي سمحت بتكريس الاستعمار الجديد في منطقتنا وحمايته مع كل ما يترتب على ذلك من نتائج، بما فيها من تكريس منظومة إقليمية محددة تتبع بمحصلتها الغرب، أياً تكن الشعارات اللفظية التي تطلقها... وإذاً فهي في الوقت نفسه معركة ضد الاستعمار الجديد وضد قاعدته المتقدمة وضد انعكاساته ومنظومته الإقليمية التابعة له...».
العدد 1146: «كيف يكون لسورية دورٌ فاعل في المعركة؟»، 29 تشرين الأول 2023
«الأمريكي ومعه الصهيوني يعلمان أنّ لحظة وقف إطلاق النار، ليست فقط لحظة إعلان النتائج النهائية للمعركة الراهنة- أي لحظة إعلان الهزيمة الصهيونية الأمريكية- بل وأيضاً هي لحظة البدء بدفع الأثمان السياسية للهزيمة؛ ضمناً خسارة واشنطن لدورها المهيمن في الشأن الفلسطيني وفي كامل منطقتنا، ودخول أطراف دولية أخرى على خط التسوية الفعلية، والبدء بالانحسار الإلزامي للمشروع الصهيوني في منطقتنا، تزامناً مع فتح الباب لإنشاء الدولة الفلسطينية... وإذاً، فالمطلوب أمريكياً هو معركة طويلة، وطويلة جداً، ليس لتحقيق أهداف ضمن الأراضي الفلسطينية المحتلة، بل لتحقيق أهدافٍ في المحيط الإقليمي بأسره... إنّ الأمريكي يحاول الالتفاف على الهزيمة عبر إبقاء المعركة مستمرة لأطول وقتٍ ممكن، بالتوازي مع تفعيل الفوضى الشاملة في كامل الإقليم، في مصر والسعودية وإيران وتركيا والأردن، إضافة إلى كونها فعالة في سورية وإلى حد ما في لبنان».
العدد 1147: «من هم أعداء «الطوفان» وكيف يظهرون عِداءهم؟»، 5 تشرين الثاني 2023
«بعيداً عما تقوله الأنظمة، وما تقوله القوى السياسية عن «أفضالها» على الشعب الفلسطيني، وعلى دعم مقاومته، فالحقيقة هي أنّ الشعب الفلسطيني ومقاومته هو صاحب فضلٍ كبير على شعوب المنطقة، وعلى الشعب السوري خاصة؛ لأنّ نضاله الذي يخوضه اليوم ليس دفاعاً عن فلسطين فحسب، بل وهو دفاع عن وحدة سورية أيضاً، لأنّه ينسف جملة المشاريع الغربية الصهيونية التي تطبخ فوق وتحت الطاولة، مع المتشددين السوريين من كل الأطراف. وإذ ينبغي للقوى الوطنية السورية أن تعترف بهذا الفضل، فإنّه ينبغي عليها وعلى عموم الوطنيين السوريين، الدفع بعزيمة أكبر لاستعادة سورية لدورها في معركتها الوجودية ضد الكيان الصهيوني، والذي لا يمكن استعادته دون امتلاك الإرادة السياسية لخوض المعركة، وهذه بدورها تتطلب تغييراً جذرياً شاملاً على أساس الحل السياسي، على أساس التنفيذ الكامل للقرار 2254، وبالتعاون مع القوى العالمية والإقليمية الصاعدة، وبالاستفادة من الاصطفاف الذي بات بفضل الطوفان أكثر وضوحاً على المستوى العالمي والإقليمي والمحلي».
العدد 1150: «الهدنة: بداية الاعتراف بالانتصار الفلسطيني»، 26 تشرين الثاني 2023
«إنّ قبول هذه الهدنة يعني اعترافاً ضمنياً بالطرف المقابل الذي يتم عقد الهدنة معه، أي المقاومة الفلسطينية، وفي القلب منها حماس... إنّ طوفان الأقصى والصمود العظيم الذي تلاه، وكذا البطولات الهائلة على الأرض في غزة، كل ذلك قد تثبتت نتائجه الإيجابية العديدة، وبينها: أولاً: تم تجميد موجة التطبيع، بل وتم عملياً دفن اتفاقات أبراهام... ثانياً: الحملة العالمية غير المسبوقة المناصرة للحق الفلسطيني... ثالثاً: ... إنّ المقاومة هي دائماً أقل كلفة من الاستسلام والتطبيع. رابعاً: إذا كان الصهيوني هو المساهم الأنشط من خلف الستار في تدمير الدول العربية وتفتيتها، ... فإنّه الآن في الواجهة، وتحت نيران المقاومة الفلسطينية، وتحت النيران السياسية والإعلامية للشعوب. وهذا من شأنه عكس الاتجاه العام للأحداث في مجمل منطقتنا، بعيداً عن الدمار والتفتيت ونحو الاستقرار والتنمية».
العدد 1151: «غزة تعيد رسم الإقليم»، 3 كانون الأول 2023
«حدود المعركة بالنسبة للمركز الأمريكي والتابع «الإسرائيلي»، ليست حدود فلسطين، بل أوسع وأبعد من ذلك بكثير؛ فالأمريكي يخوض بشكلٍ متوازٍ، وفي عدد من ساحات الصراع العالمي، حربه الشاملة للدفاع عن هيمنته العالمية المتداعية، وضد ميزان القوى الدولي الجديد. والخسارة في فلسطين، لن يطول بها الوقت حتى تتحول إلى ترجمة سياسية واضحة في كامل منطقتنا، والتي تعتبر مفتاحاً بالمعنى الجيوسياسي ربما يفوق في أهميته أي ساحة أخرى من ساحات الصراع العالمي... إنّ واشنطن تسعى سعياً محموماً لتوسيع الصراع، ولكن بطريقتها؛ أي عبر محاولة استخدام النار المشتعلة في غزة كفتيل تفجير للمنطقة بأسرها، ضمن «فوضى شاملة» قائمة على صراعات داخلية... رغم الآلام والمآسي والتضحيات الضخمة، إلا أنّ النصر الفلسطيني بات واضحاً لكل ذي بصر. وهذا النصر، وإنْ لم يكن نهائياً، إلا أنّ من أفضاله ومن أفضال الشعب الفلسطيني ومقاوميه، أنهم سرّعوا ويسرّعون التحولات العالمية بالاتجاه المطلوب والمناسب لمصالح الشعوب. وبما يخص منطقتنا، فهم يسرّعون إعادة رسم الخريطة السياسية الإقليمية بكاملها، ويسهمون في وضعها على السكة الصحيحة، باتجاه استقلال ناجزٍ سياسي واقتصادي، لم يعد بعيداً. وحين يتم، سيكون أول استقلال كامل سياسي واقتصادي في التاريخ الحديث لهذه المنطقة، وسيكون استكمالاً لانهيار الاستعمار القديم، عبر دفن الاستعمار الجديد إلى جانبه في مقبرة التاريخ».
العدد 1152: «الطوفان يقرّب الحل السوري»، 10 كانون الأول 2023
«طوفان الأقصى، ورغم أنّ نتائجه النهائية لم تتبلور بعد بشكلها الكامل، إلا أنه أفرز حتى الآن نتائج مهمة في إطار الصراع ضمن سورية؛ فهو قد خفّض وزن الأمريكان وشركائهم، وزاد من التقارب بين أستانا ودول عربية أساسية، وبالتالي عزز من فرص الذهاب نحو الحل السياسي دون الغرب وبالرغم عنه، وعلى أساس التطبيق الكامل للقرار 2254... إنّ الملفات التي كانت موضوعة على الطاولة السورية قبل الطوفان، كان من الممكن أن تسير بضع خطوات شكلية خلال الشهرين الماضيين، لكنها كانت ستبقى خطوات غير مكتملة وقابلة للتخريب. بالمقابل، ورغم التجميد الشكلي للخطوات باتجاه الحل خلال الفترة الماضية، إلا أنّ إمكانيات السير الفعلي بخطوات ثابتة نحو الخلاص، قد ازدادت بعد الطوفان».
العدد 1154: «ما وراء غزة...»، 24 كانون الأول 2023
«لعل أهمّ استنتاج يمكن تثبيته بخصوص الإدارة الأمريكية للمعركة، هو أنّ المعركة المطلوبة أوسع بكثير من حدود قطاع غزة، ومن حدود فلسطين؛ وشعارات «لا لتوسيع الحرب» بالتوازي مع «لا لوقف إطلاق النار»، المقصود منها هو بالضبط: منع حرب مباشرة بين الكيان وعدة دول في المنطقة، بمقابل ضرورة توسيع الحرب على شكل فوضى شاملة تشمل الإقليم بأسره... إنّ المدى الزمني للمخطط الأمريكي في تفجير كامل المنطقة، ليس محصوراً بأسابيع أو أشهر، بل يتطلب فعلياً عدة سنوات. والحرب على غزة، وعلى فلسطين، ضمن هذا المخطط، ليست الغاية النهائية، بل هي أداة في رفع الحرارة ورفع التناقضات في مجمل المنطقة، لتسهيل الوصول إلى الغاية: الفوضى الشاملة...».
العدد 1155: «آمالٌ واقعية على بوابة السنة الجديدة»، 31 كانون الأول 2023
«ينقضي عام 2023 بكل ما حمله للسواد الأعظم من البشر، ولشعوب منطقتنا خاصةً، من آلامٍ ودماءٍ ودمار. ولكنه، وبقدر عمق الآلام التي حملها، ثبّت وكرّس الآمال الواقعية ببناء عالمٍ جديد؛ عالمٍ تتقهقر فيه سطوة المركز الغربي، الأمريكي- الصهيوني، ومعه سلطة رأس المال المالي العالمي الإجرامي، ونظام الاستعمار الحديث، وفروعه التابعة في مختلف بقاع العالم. قانون تسارع التاريخ، الذي اكتشفه ماركس مبكراً، يفعل فعله بأكثر الصور وضوحاً في عصرنا الراهن؛ فالميل العام لتطور الأحداث على المستوى العالمي، الذي بات ملموساً مع بداية المعركة في أوكرانيا 2022، لم يتثبت في 2023 بشكلٍ لا رجعة فيه وحسب، بل وانتقل إلى طورٍ جديد أوسع مدىً وأكبر سرعةً مما سبق».
المحرر السياسي
«لماذا تحوز المعركة في فلسطين كل هذه الأهمية؟»، 22 تشرين الأول 2023
«الاحتجاج الشعبي ضد الموقف المؤيد للصهاينة، هو ضمنياً أحد تعبيرات الاحتجاج الداخلي في الدول الغربية ضد أنظمة الحكم فيها، ويعني على المستوى العالمي أحد تعبيرات الاحتجاج ضد أنظمتها أيضاً، وضد المنظومة العالمية على حد سواء، لأنها باتت مقتنعة بأنّ أنظمتها المحلية، بمعظمها، هي امتدادٌ للنظام العالمي السائد، والمهيمن عليه غربياً، أو على الأقل الذي ما يزال الغرب يحاول الحفاظ على هيمنته عليه... الصهيونية ليست مجرد «حركة قومية»، بل هي أحد مراكز وأدوات النخبة المالية العالمية، التي لا تفتك بالشعب الفلسطيني فحسب، بل وبكل شعوب العالم. ولذا فإنّ الموقف منها هو موقف من الصراع من أجل عالمٍ جديد، موقف من الصراع ضد الاستعمار بأشكاله القديمة والجديدة، بأشكاله الوحشية المباشرة، والوحشية غير المباشرة الاقتصادية والثقافية... إنّ غزة مهمة جداً، وفلسطين مهمة جداً، وبالنسبة لكل العالم، ولكل الشعوب التي تناضل من أجل كرامتها وإنسانيتها وحقوقها... وبكلمة، فهي مهمة للإنسانية بأسرها في إطار صراعها مع الهيمنة الغربية، وفي إطار انتصارها عليها، وفي إطار انتقالها نحو عالم جديد عادلٍ وإنساني بحق».
«ما الذي يكمن وراء ثلاثية واشنطن (لا لوقف للنار، لا للاجتياح البري، لا لتوسيعٍ إقليمي للحرب)؟»، 29 تشرين الأول 2023
«ما يحتاج إلى تفسيرٍ، هو على نحو خاص موقف الولايات المتحدة، الذي يُصرّ في آن معاً على ثلاثة أمور: عدم وقف إطلاق النار. منع توسيع الحرب. عدم السماح بالاجتياح البري لغزة... ينبغي النظر إلى تفاعلات ما يجري في فلسطين وحولها، ليس في فلسطين فحسب، بل وفي كامل الإقليم. فإطالة المعركة ضمن الشروط الثلاثية الأمريكية التي ذكرناها، لا يتعلق بالمعركة في فلسطين نفسها، بقدر ما يتعلق بمعركة الأمريكي حول وجوده ووزنه في كامل المنطقة، وعبر في العالم... إنّ الأمريكي والصهيوني، وبينما تبدو الأنظار مركزة باتجاه فلسطين، يُحضران لفوضى عارمة شاملة في الإقليم بأكمله... إذا تمكن الأمريكي والصهيوني من إشعال فوضى متزامنة شاملة في كامل المنطقة، فإنّ هذا قد يؤمن مخرجاً حقيقياً، وإنْ مؤقتاً، ليس للكيان فحسب، بل وأهم من ذلك، للأمريكي نفسه ومعه الغربي، بحيث يكون «الشرق الأوسط» ساحة مشتعلة تؤجل إعلان نتائج الصراع الدولي إلى أجل غير مسمى، وتضغط على الدول الصاعدة على أمل قلب الموازين مع الوقت».
«المطلوب: نزع سلاح الكيان الصهيوني»، 26 تشرين الثاني 2023
«إنّ فكرة «دولة فلسطينية منزوعة السلاح»، ليست فكرة حول أفق مستقبلي لحل القضية الفلسطينية، بقدر ما هي فكرة تحمل معاني ملموسة وراهنة ومباشرة؛ فهي تعني نزع سلاح فصائل المقاومة الفلسطينية، وضمناً وبالدرجة الأولى حماس. وتعني بالتالي، محاولة تأمين مخرجٍ للكيان الصهيوني لتنفيذ المهمة التي وضعها على عاتقه في الإجهاز على حماس، والتي بات واضحاً لكل عاقل أنها مهمة مستحيلة التنفيذ... إنّ فكرة دولة فلسطينية منزوعة السلاح، هي إقرار ضمني بالسردية «الإسرائيلية» والغربية في «حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها» وفي أنها واقعة تحت التهديد، وفي أنها المعتدى عليه، وليست المعتدي والمحتل... ينبغي أن يكون واضحاً، أنّ دفع فكرة «دولة فلسطينية منزوعة السلاح» لا يعني فلسطين وحدها، بل إنّ من سيقبلون بها من العرب سيكونون قد وقفوا في طابور نزع سلاحهم هم أنفسهم بالتتالي... إنّ الظرف الدولي الراهن، بتوازناته الجديدة الدولية والإقليمية والمحلية، وبالتهتك غير المسبوق لبلطجي أمريكا في المنطقة، يجعل الفكرة الواقعية القابلة للتطبيق والصالحة كمدخل فعلي للحل، هي بالضبط فكرة نزع سلاح الكيان... وهذا ما ينبغي الدفع باتجاهه دولياً وإقليمياً... وعلى الخصوص عربياً».
«ما الذي يكمن وراء الحديث عن «علم إسرائيل المسبق» بـ 7 أكتوبر؟» بـ 7 أكتوبر؟»، 4 كانون الأول 2023
«أولاً: هي محاولة لإنقاذ سمعة الأجهزة العسكرية والاستخبارية الصهيونية... ثانياً: هي محاولة لإلقاء ظلالٍ من الشك على حماس، عبر اتهامها بشكل مباشر، أو غير مباشر بأنها متعاونة مع الكيان وتعمل لتحقيق أهدافه... ثالثاً: يسمح الحديث عن «تآمر إسرائيلي حمساوي»، بإعطاء هامش مناورة للأنظمة المطبعة، أو الراغبة بالتطبيع، لمحاولة استخدام هذا الكلام في الحد من غضب شعوبها، وفي تعليق الآمال على العودة لمسار التطبيع... رابعاً: إعادة التأكيد على «سوبرمانية» الكيان، عبر ترويج نظريات المؤامرة، من شأنها (من وجهة نظر الصهيوني والأمريكي)، أنْ تخفف من حجم الخسارة التي وقع فيها الكيان، ومن شأنها محاولة التقليل من تقييم حجم التطور النوعي الذي أحرزته المقاومة الفلسطينية... تكثيف الحديث عن «المؤامرة»، له هدف إضافي شديد الأهمية فيما نعتقد، وهو تحضير الإقليم بأسره، والعالم ككل، لما يجري التخطيط له أمريكياً كمخرج من المأزق العميق، ليس مأزق الكيان فحسب، بل والمأزق الأمريكي أيضاً... فالنار في غزة- من وجهة النظر الأمريكية- يجب استخدامها كصاعق تفجيرٍ متسلسل ضمن الإقليم، لأنّ أي شكلٍ ستنتهي له المعركة ضمن فلسطين، سيكون خسارة موجعة لكل من الكيان وأمريكا معاً، ولن يكونا قادرين على تحمل التبعات التي ستترتب عليها في كامل الإقليم... ربما من المفيد التنبه جدياً إلى هكذا احتمالات، رغم أنّ قدرة الأمريكان على تنفيذها ما تزال موضع شكٍ كبير. ومن الضروري أيضاً العمل ضدها بشكلٍ استباقي. وأهم أدوات العمل ضدها هي تغيير إحداثيات معادلة الصراع باتجاه كسر لاءات أمريكا وعلى رأسها «لا لتوسيع رقعة الصراع».. وهذا ينبغي بالضرورة أن يتم بشكل إبداعي».
«حول وهم «تصفية القضية الفلسطينية»!»، 7 كانون الأول 2023
«إذا سلّمنا بأنّ «تصفية القضية الفلسطينية» هي احتمالٌ واقعي، فإنّ ذلك سينعكس مباشرة في طريقة صياغة المهمة التي علينا إنجازها، والتي ستكون في هذه الحالة: «منع تصفية القضية الفلسطينية»! وليس حلها، ليس التحرير، ليس إقامة الدولة الفلسطينية، ليس إنهاء نظام الفصل العنصري... وإنما «منع تصفية القضية» ... أولئك الذين يصدقون أنّ هنالك احتمالاً واقعياً لـ«تصفية القضية الفلسطينية»، يقعون في خطأين قاتلين؛ الأول هو جهلهم بقدرات وطاقات الشعب الفلسطيني. والثاني هو جهلهم وعدم فهمهم حقيقة التوازن الدولي الجديد، والنتائج التي ترتبت وستترتب عليه... إنّ قياس وفهم التوازن الدولي في اللحظة التي نعيشها، هو أمر بالغ الأهمية في تحديد تموضعنا والمهام التي على عاتقنا، والإمكانيات الفعلية التي بين أيدينا... قيام الكيان الصهيوني واستمراره، كاستعمار استيطاني وكقاعدة غربية في قلب منطقتنا، ارتبط عضوياً بتوازنٍ دوليٍ محدد سادت فيه تدريجياً، ثم كلياً، منظومة بريتين وودز، منظومة الاستعمار الجديد الاقتصادي... الظروف العالمية التي نعيشها، ليست ظروف «تصفية القضية الفلسطينية»، وليست ظروف «منع تصفية القضية الفلسطينية»، بل هي ظروف التحضير النهائي لحل القضية الفلسطينية حلاً عادلاً وشاملاً على أساس القرارات الدولية، وعلى أساس تصفية صهيونية الكيان وعنصريته».
«بايدن يسعى لتحييد نتنياهو... لإطالة العدوان وليس لإنهائه!»، 15 كانون الأول 2023
«جوهر هذه الخطة يقوم، لا على السعي لوقف إطلاق النار، بل على العكس من ذلك؛ السعي لإطالة إطلاق النار إلى أطول فترة ممكنة؛ فلنتذكَّرْ أنّ لاءات واشنطن الثلاثة ما تزال موضع التنفيذ إلى هذا الحد أو ذاك. (لا لوقف إطلاق النار، لا لتوسيع نطاق الحرب، لا لاجتياحٍ برّيٍ واسع يمكنه أن يقود لتوسيع نطاق الحرب) ... ما تسعى له واشنطن هو حرب واسعة النطاق، حربٌ تشمل الشرق الأوسط بأكمله، لكنْ حربٌ من نوعٍ آخر، وبالأحرى: مجموعة حروب... المخرج بالنسبة للولايات المتحدة هو استخدام درجة الحرارة المرتفعة في فلسطين، كصاعق تفجير داخلي في عدة دول في المنطقة... ضمن هذه الإحداثيات، يصبح مفهوماً أنّ تغييراً كبيراً ضمن طاقم القيادة في الكيان بات ضرورياً من وجهة النظر الأمريكية؛ فمحاولة نتنياهو النجاة بنفسه سياسياً، وتكييف الحرب وفقاً لذلك تدفعه نحو حماقات كبرى في إدارة الحرب... هذا النمط من «الإدارة الأمريكية للصراعات»، لم يعد جديداً؛ فالنظر إلى الصراعات والأزمات الجارية في سورية والسودان وليبيا والعراق واليمن وأوكرانيا، يسمح بالاستنتاج بأنّ كلّ معركة جديدة يجري فتحها حول العالم، ينبغي أن تستمر إلى ما لا نهاية من وجهة النظر الأمريكية؛ مشروع الهيمنة الأمريكية العالمية بات قائماً على فكرة واحدة مهما تعدّدت أدواتها: ينبغي إشعال أكبر قدر ممكن من الصراعات في مختلف أنحاء العالم، وينبغي منع إنهاء أيٍّ منها».
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1156