افتتاحية قاسيون 1143: الطوفان سيعم المنطقة بأسرها!
تتواصل منذ الساعات الأولى من صباح السبت 7 تشرين الأول 2023، معركة «طوفان الأقصى» البطولية، التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال «الإسرائيلي».
أوقعت هذه المعركة وما تزال في بداياتها، مئات القتلى وأضعافهم من الجرحى في صفوف العدو، وأسرت من جنوده عدداً غير مسبوق في كل تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، واقتحمت براً وبحراً وجواً مساحة تبلغ ضعف مساحة قطاع غزة، وأذلّت الاحتلال وكسرت شوكته.
إنّ هذه المعركة تشكل مفصلاً مهماً في مجمل الصراع، وستفتح الباب أمام تغيرات كبرى ليس على الصعيد الفلسطيني فحسب، وإنما على صعيد المنطقة بأسرها.
بين المحددات الأساسية الضرورية لوضع هذه المعركة في سياقها، ينبغي الانتباه إلى العناصر التالية:
أولاً: إنّ هذه المعركة هي أحد أبرز مؤشرات الانتقال الشامل نحو عالمٍ جديد؛ نحو عالمٍ تتداعى فيه السطوة الاستعمارية الغربية بقطبيها الأمريكي والأوروبي على السواء، وبشكليها التقليدي والجديد (الاقتصادي). وهي في الوقت نفسه دفعة إضافية هامة في عملية الانتقال هذه، سرعان ما ستظهر آثارها في مجمل منطقتنا.
ثانياً: الارتباك والصدمة والضعف والفوضى في صفوف العدو، هي تعبيرٌ عن الأزمة الوجودية التي يعيشها الكيان الصهيوني، وفي الوقت نفسه، فهي تعبيرٌ عن أزمة التراجع الغربي العامة.
ثالثاً: إنّ التطور الهائل في قدرات ومعارف وإبداع قوى المقاومة، هو أيضاً تعبيرٌ عن الصعود الشعبي في العالم بأسره، وسيكون لما يجري اليوم في فلسطين آثاره العميقة في تصويب وتعميق مجمل الحركات الشعبية في منطقتنا وفي العالم، وفي خلق بوصلة واضحة لها باتجاه تجذير المطالب الوطنية والاقتصادية الاجتماعية والديمقراطية، وبعيداً عن عمليات الاحتيال الغربي بأشكاله وألوانه المختلفة.
رابعاً: ما ستنجزه هذه المعركة لن يقف عند حدود حماية الأقصى، وتبادل أسرى، أو حتى تبييض معتقلات الاحتلال من الأسرى الفلسطينيين، بل وفوق ذلك كلّه فإنها ستمثل خطوة مهمة باتجاه مشروع الدولة الفلسطينية الحرة المستقلة وعاصمتها القدس؛ أي أنها ستسهم إسهاماً كبيراً في نضوج الظرف الموضوعي لتحويل الحلم إلى حقيقة، وفي آجالٍ غير بعيدة.
خامساً: إنّ الصهيوني كان يعلم تماماً أن التوازن الدولي يتغير في غير صالحه، وبسرعة، ولذلك فقد سعى ومعه الأمريكي لعقد اتفاقات أبراهام التطبيعية، لعلّ وعسى تشكل حجراً يسند جرة الكيان في وجه التغيرات القادمة لا محالة. هذه الحجرة لم تمنع الجرة من الوقوع، والجرة بانكسارها لن تنكسر على رأس الصهاينة وحدهم، بل وعلى رأس المطبعين أيضاً، والذين تزيد المؤشرات على أنهم يجهزون أرجلهم للركض هرباً من هذه الاتفاقات وتوابعها.
سادساً: إنّ وجود الكيان الصهيوني في قلب منطقتنا، تحول مع الوقت إلى جزء أساسي من المعادلات الداخلة في تركيب مجمل النظام الإقليمي، والمؤثرة في تركيب الأنظمة السائدة فيه. تهافت هذا الكيان وتراجعه والاقتراب من حل القضية الفلسطينية حلاً عادلاً وشاملاً، سيعيد تركيب كل المعادلة الإقليمية، وسيعيد تركيب مجمل الأنظمة في منطقتنا.
سابعاً: إنّ كل طلقة تخرج من المقاومة الفلسطينية باتجاه العدو الصهيوني، هي في الوقت نفسه رصاصة ضد المشاريع الغربية والصهيونية في المنطقة وفي سورية ضمناً. وهي طلقة تدعم وحدة سورية ووحدة شعبها، وحقه في تقرير مصيره بنفسه، وفي استعادة بلاده عزيزة كريمة، بعيداً عن كل أشكال الإتجار بها، الذي يمارسه المتشددون وتجار الحرب، وهي بهذا المعنى دعمٌ مباشر للشعب السوري في مأساته، ولكل شعوب المنطقة.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1143