افتتاحية قاسيون 1145: معركة غزة عنوان تحول عالمي وتاريخي
تستحق المعركة الجارية اليوم على الأرض الفلسطينية أن توصف بأنها معركة تاريخية وعالمية في آن معاً، وأنها تفتح صفحة جديدة في النظام العالمي.
فهي معركة ضد آخر نظام فصل عنصري في التاريخ، ونتيجتها لن تكون محلية أو إقليمية فقط، بل وعالمية أيضاً؛
- فهذا الكيان الغاصب يستنفد كل إمكانيات استمرار عدوانيته، ولا شك أنه قد خسر المعركة منذ بدئها، وذلك أياً يكن حجم الهمجية الانتقامية التي يسعى من خلالها لتغطية خسارته؛ فهذا النوع من الهمجية الاستعمارية ليس أمراً جديداً في التاريخ، وقد شهدته الشعوب في معظم أمثلة حركات التحرر الوطني من جنوب إفريقيا إلى الجزائر إلى فيتنام إلى الصين، ولم تمنع وحشية المستعمرين تحقق الاستقلال، بل وكان ازدياد الوحشية مرتبطاً باقتراب الاستقلال وباستنفاد المستعمر لأدواته.
- أكثر من ذلك، فإنّ المعركة في فلسطين ليست معركة تحرر وطني محلية الطابع، بل هي معركة مع الغرب بأسره عبر ضرب قاعدته المتقدمة التي جرى إنشاؤها منذ اللحظة الأولى كأحد أسس نظام الاستعمار الجديد الذي أرسيت أسسه بعد انتهاء نظام الاستعمار القديم. هذه القاعدة التي سمحت بتكريس الاستعمار الجديد في منطقتنا وحمايته مع كل ما يترتب على ذلك من نتائج، بما فيها من تكريس منظومة إقليمية محددة تتبع بمحصلتها الغرب، أياً تكن الشعارات اللفظية التي تطلقها... وإذاً فهي في الوقت نفسه معركة ضد الاستعمار الجديد وضد قاعدته المتقدمة وضد انعكاساته ومنظومته الإقليمية التابعة له.
- ومن هنا يصبح مفهوماً الدفاع المستميت للغرب عن العدوان «الإسرائيلي» الذي يفتقد حتى إلى الأسباب المنطقية والعملية ناهيك عن افتقاده أي مبررات أخلاقية؛ إن الغرب الاستعماري بدفاعه عن الكيان، إنما يدافع عن نفسه في معركة يعلم تماماً أنها معركة حياة أو موت؛ لأنّ انهيار الكيان ليس «أثر فراشة» وليس «حجر دومينو» وراءه سلسلة، بل هو انهيار لأحد أهم أحجار العقد في بنيان المنظومة بأكملها، وبهدمه ينفرط البنيان بأكمله أو يكاد.
- إنّ موجة التعاطف والتضامن الشعبي الواسع مع القضية الفلسطينية، والتي اجتاحت العالم بأسره، وضمناً العالم الغربي رغم كل محاولات القمع الإعلامي والسياسي والأمني، هي تعبيرٌ واضح عن الاتصال المباشر بين القضية الفلسطينية وبين كل القضايا المحقة حول العالم، وتعبير عن مركزية القضية الفلسطينية ليس بالنسبة لهذه الفئة أو تلك، لهذا النظام أو ذاك، بل مركزيتها في النضال الشعبي العالمي ضد الاستعمار وضد منظومات النهب والقمع في كل العالم... موجة التضامن هذه، هي في الوقت نفسه تعبير عن غضب الشعوب على أنظمتها، وهي بالتالي جزء من موجة جديدة من الحركة الشعبية على المستوى العالمي، لا تكف عن الارتفاع، ولن تكف حتى تغرق المنظومة القديمة بأسرها.
- إقليمياً ومحلياً، فإنّ هذه الموجة تعني أيضاً انهيار كل محاولات التطبيع، وعزلة الحكام والمتنفذين وتجار الحروب الذين يحاولون إنقاذ أنفسهم عبر العلاقات مع الكيان من فوق ومن تحت الطاولة... وهذا ليس إلا الخطوة الأولى في عملية التغيير الجذري الشامل في كامل المنطقة.
أخيراً فإنّ ما جرى ويجري، يثبت أنّ الحل النهائي لن يكون إلا بإرغام الغرب على تنفيذ القرارات الدولية التي قبل بها نفاقاً وعمل ضدها على الأرض طوال سنوات وعقود، من 242 ووصولاً إلى 2254... وهو ما سيتم شاء الغرب والصهاينة ذلك أم أبوا.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1145
آخر تعديل على الأحد, 22 تشرين1/أكتوير 2023 20:59