افتتاحية قاسيون 1061: ما بعد اوكرانيا ليس كما قبلها

افتتاحية قاسيون 1061: ما بعد اوكرانيا ليس كما قبلها

يراقب السوريون المعركة في أوكرانيا وامتداداتها وآثارها العالمية، ويتساءلون عن الكيفية التي ستؤثر بها على أزمتهم، وهل ستؤدي إلى إطالتها أم تسريع حلها.

بالنسبة للمتشددين من الطرفين، فإنهم يروجون لأوهام بالجملة، مرتبطة بانعكاسات الأزمة الأوكرانية، (سواء كانوا يصدقون تلك الأوهام فعلا، أو كانوا يستخدمونها في الإطار الدعائي فقط).

على ضفة متشددي المعارضة، يجري الترويج لإعادة اندلاع الحرب في سورية نفسها، كجزء من المعركة الدولية، ولا يتورع البعض منهم عن التصريح علنا باستعدادهم للعمل بالوكالة عن الأميركان من أجل (التصدي للروس)، وعلى الأرض السورية!
على الطرف المقابل، تكثر التصريحات والتحليلات التي ترى الرأي نفسه في نهاية المطاف، وإن من زاوية معاكسة; أي ترى (ضرورة) استئناف الأعمال العسكرية (لاستعادة المناطق الخارجة عن سيطرة الدولة بالقوة).

بالمحصلة، فإنّ هؤلاء وهؤلاء يشتركون في محاولاتهم توظيف الظرف الجديد للعودة لشعارات الحسم و الإسقاط ولدفن ٢٢٥٤ والحل السياسي نهائيا. وربما أبعد وأعمق من ذلك، أنهم بسلوكهم وطروحاتهم هذه يعيدون التأكيد على تقاطعهم مع الغرب في معاداته للحل السياسي و للقرار 2254، كما هي معاداته لاتفاقات مينسك، وهي المعاداة التي غطاها دائما بكم كثيف من التصريحات الكاذبة، بالتوازي مع العمل الفعلي لمنع تنفيذها.

بعيدا عن أوهام وأحلام وألعاب المتشددين، فإن التغير الهائل الذي نراه في ميزان القوى الدولي، والذي لا تشكل معركة أوكرانيا على أهميتها سوى أحد مؤشراته... هذا التغير الهائل من شأنه بكل تأكيد أن يؤثر على الأزمة السورية، ولكن قطعا ليس بالطريقة التي يتمناها ويحلم بها أعداء الحل السياسي... بالدرجة الأولى وقبل كل شيء، لأن إحداثيات تعطيل الحل، هي بالذات تلك الإحداثيات التي يكون فيها للغرب وعلى رأسه الأميركان والصهاينة ما يكفي من القوة والتأثير لمنع الحل وإطالة الأزمات... وهذه الإحداثيات هي بالضبط ما يتغير اليوم، وبشكل عاصف.

بكلام آخر، فإن الحل قبل أوكرانيا وبعدها هو ٢٢٥٤، مع فارق أساسي هو أن إمكانية تطبيقه الفعلي قد ارتفعت وسترتفع بشكل يومي مع كل تراجع إضافي للغرب.
ولما كان من غير الممكن ولا المقبول انتظار انتهاء حسم الموازين الدولية لحل الأزمة السورية، لأن انتظارها يعني فتح باب إنهاء سورية نفسها كوحدة جغرافية سياسية وكشعب، فإن الحل اليوم هو في مزيد من تقارب الوطنيين السوريين من كل الجهات، والمتمسكين حقا وفعلا بضرورة تغيير جذري عميق وشامل، سياسي واقتصادي اجتماعي...

وأما السياق الدولي لتنفيذ ٢٢٥٤، فقد بات أكثر وضوحا أنه ينبغي أن ينطلق من فكرة أن الحل ينبغي أن يسير قدما شاء الغرب أم أبى، اشترك أم لم يشترك... وعليه فإن ثلاثي أستانا ومعه الصين، هو الأقدر الآن على انتزاع المبادرة في رفع مستوى عمله لمساعدة السوريين في الوصول إلى الحل، ومرة أخرى: عبر التطبيق الكامل للقرار 2254.

(English Version)

معلومات إضافية

العدد رقم:
1061