افتتاحية قاسيون 1044: أستانا + الصين قاطرة 2254
الثابت خلال سنوات الأزمة كلها، إضافة إلى أدوار المتشددين من السوريين، والمحكومين بمصالحهم الأنانية، أنّ دور الغرب وعلى رأسه واشنطن وبالتعاون اللصيق مع «إسرائيل»، قد عمل منذ اللحظة الأولى وحتى الآن ضد الحل السياسي، وبشتى الأدوات والأساليب، وليس آخرها العقوبات والحصار.
ويستمر الغرب الآن- رغم ما يقدمه من إيحاءات كاذبة برغبته في الحل السياسي- في العمل نحو تكريس تقسيم الأمر الواقع، بالتوازي مع محاولة جرّ سورية إلى اصطفاف واستقطاب إقليمي تقف فيه من حيث لا تشاء، وعبر انتحال المطبعين مع الكيان لصفة العروبة، ضمن جبهة أمريكية في الشرق الأوسط ضد التوازن الدولي الجديد، وليس ضد تركيا وإيران فحسب.
وإذا كانت روسيا قد تمكنت من توجيه ضربة قاصمة لداعش، ومن ثم تمكنت أستانا عبر أكثر من 4 سنوات من عمرها، أن تنجز مهمة وقف إطلاق النار من حيث المبدأ، وأن تبقي العملية السياسية قيد الحياة عبر اللجنة الدستورية، وهذان أمران في منتهى الأهمية، إلا أنّ الأداة الأساسية التي بقيت عائقاً أمام تطبيق شامل للقرار 2254 وأمام إنهاء الكارثة السورية باتت تتمثل في مسألتين:
الأولى: الابتزاز الغربي عبر مسائل العقوبات والحصار وإعادة الإعمار، إضافة إلى استمرار الوجود العسكري الأمريكي غير الشرعي في مناطق من سورية، والذي لم يعد قادراً وحده أن يمنع المضي نحو الحل.
الثانية: محاولة الاستفادة من انتهازية وضيق أفق المتشددين من الأطراف السورية عبر الترغيب والترهيب لإبقائهم في فلك المخططات الغربية.
إنّ أي قارئ موضوعي لمجمل السلوك الغربي والأمريكي- الصهيوني خاصة، طوال السنوات الماضية، يمكنه أن يجد ما يكفي ويزيد من الأدلة الدامغة على أنّ الثابت الأساسي في السياسة الأمريكية اتجاه سورية، ورغم كل تحولاتها، هو منع إنهاء الكارثة، وإيصال سورية إلى إحدى نهايتين: إما إنهاء دورها الوظيفي بالمعنى الإقليمي كحد أدنى، وإما إنهاؤها نفسها كوحدة جغرافية سياسية كحد أعلى.
ضمن هذه القراءة، فإنّ الطريق الوحيد العملي والفعلي لحل شامل للأزمة ولتطبيق كامل للقرار الدولي، بما يسمح باستعادة سيادة الشعب السوري واستعادة وحدة أراضيه، وبما يفتح أبواب التغيير الجذري الشامل لمصلحة الشعب السوري، يمر عبر ثلاث مسائل أساسية:
أولاً: الارتقاء بدور ثلاثي أستانا من العمل التفصيلي وخاصة العسكري، إلى مستوى العمل السياسي الشامل، بما يسمح بانتزاع المبادرة نحو تطبيق الحل، سواء رغب الغرب في الانضمام أم لم يرغب.
ثانياً: كي تتمكن أستانا من القيام بذلك، ولكي تخرج من دائرة الابتزاز الغربي، فلا بد من الاستعانة بالصين في الشأن الاقتصادي على الأقل؛ فصيغة (أستانا + الصين)، يمكنها أن تحاصر الحصار الغربي وتحول العقوبات والابتزاز المالي إلى أداة ضد الغرب بدل أن تكون أداة بيده.
ثالثاً: لا بد بالتوازي مع نقلة من هذا النوع، أن يكون لدى القوى الوطنية السورية ما يكفي من التوافقات، ومن العزيمة الصلبة للمضي نحو الحل ونحو تجميع إرادات الأغلبية الساحقة من السوريين باتجاه الخروج نحو سورية الجديدة، ذات التموضع الواضح المعادي للـ «إسرائيلي»، وذات العلاقات السليمة والندية مع دول الجوار.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1044