قاسيون
email عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
من موسكو بعد سقوط الاتحاد السوفييتي، إلى بغداد بعد الغزو الأمريكي، مروراً ببلدان أمريكا اللاتينية في الثمانينيات والتسعينيات، كان المشهد واحداً: نظام سياسي ينهار، دولة تتفكك، وتطلّ علينا على الفور جوقة من المبشّرين بالاقتصاد الحر.
في 12 آب الجاري، أصدر مصرف سورية المركزي بياناً طالب فيه المواطنين بحصر تعاملاتهم في مجال الصرافة والحوالات الخارجية بمؤسسات الصرافة المرخصة أصولاً، مرفقاً وعداً بنشر قائمة بأسمائها، ومؤكداً عزمه إغلاق أي نشاط غير مرخّص. من حيث الشكل، يبدو البيان خطوة تنظيمية، لكن من حيث المضمون، يعكس فجوة خطيرة بين الصلاحيات الممنوحة للمركزي وبين ممارساته الفعلية على أرض الواقع.
لا يبدو أن للحزن نهاية في حياة السوريين. فما إن يلتقطوا أنفاسهم من مأساة حتى تأتي أخرى أدهى وأقسى. أمس، كانت النيران في بلدة شطحة بريف حماة الغربي أشد قسوة من أن تُحتمل؛ ألسنة لهب خرجت عن السيطرة، التهمت البيوت والحقول، وامتدت بلا رحمة إلى المناطق السكنية، لترسم فاجعة جديدة على وجه هذه البلاد المنهكة.
بين حين وآخر، تطالعنا الجهات الرسمية في المحافظات السورية بخطط ميدانية لمعالجة ظاهرة التسوّل، تتضمن الرصد والمعالجة والدعم وضبط الشبكات المنظمة. وللوهلة الأولى، يبدو الحديث جاداً، لكنه ما يلبث أن يتهاوى أمام حقيقة صارخة أن التسوّل ليس ظاهرة طارئة، ولا سلوكاً فردياً شاذاً، بل نتيجة طبيعية ومباشرة لانهيار المنظومة الاقتصادية والاجتماعية في سورية، وهي منظومة ساهمت الدولة نفسها في تدميرها، ثم تنصّلت من واجبها تجاهها.
في هذه الأيام، يختبر السوريون صيفاً لا يشبه أي صيف، فصلٌ صار عنوانه العطش والحر والعتمة. ثلاثية قاتلة تجتمع في وقت واحد، موجة حر خانقة تضرب البلاد، انقطاع كهربائي طويل، وشح مياه يهدد أبسط مقومات الحياة. مشهد يبدو وكأنه مقتطع من فيلم عن نهاية العالم، لكنه هنا، يوميات يعيشها ملايين البشر.
في اجتماع حول القضايا الاقتصادية، وصف رئيس روسيا انخفاض التضخم بأنه إنجاز مهم. فإذا كان مستوى التضخم في آذار قد بلغ 10.3 % على أساس سنوي، فإنه في نهاية حزيران تراجع إلى 9.4% وبحلول تموز وصل إلى 8.8 %. أمّا في الأسابيع الأولى من آب فقد تسارع هبوط أسعار بعض السلع الاستهلاكية مرات عدّة.
مرة جديدة يطلّ علينا حاكم مصرف سورية المركزي الدكتور عبد القادر الحصرية محمّلاً بعبارات التقدير والاحترام للمتقاعدين، وكأن الكلمات تكفي لإطعام أسرٍ تنتظر بفارغ الصبر قبض رواتب بالكاد تكفي لسد رمقها.
والله يا جماعة صرنا نحس حالنا عايشين بمسلسل فانتازيا... مو ببلد.
كل يوم منفيق على خبر: «مشروع ضخم بالمليارات...» «استثمار خارق للعادة...» «فرص عمل بتكفي نص الكرة الأرضية...»
خرج رئيس الوزراء الصهيوني في 12 آب الجاري ليكشف مجدداً عن نزعة عدوانية أصيلة في المشروع الصهيوني، نزعة من شأنها تهديد دول المنطقة والإقليم، وتدفعهم لمقاومة هذا المشروع ويجعل من ذلك خياراً إجبارياً للحفاظ على دولهم موحدة مستقرة، فبعد أن مرت المنطقة بفترة بدت فيها وجهة النظر الأمريكية، أنّه من الممكن الوصول إلى «تفاهمات» مع الكيان عبر ما عرف بالاتفاقات الإبراهيمية، نعود الآن إلى نقطة يُعاد فيها تقييم هذا التوجه الأمريكي والتراجع عنه.