عرض العناصر حسب علامة : الفريق الاقتصادي

عود على بدء.. لماذا الدَّعم؟ ولـمن يُقدّم؟ مسألة «الدَّعم» في السياسات الاقتصادية الكلية (1-2)

يسعى الفريق الاقتصادي الحكومي إلى إقناع الناس، بأهمية وضرورة تخفيض الدعم المقدم للسكان على شكل تخفيض الأسعار إلى مادون التكلفة لبعض المواد الحياتية والاستراتيجية، تمهيداً لإلغائه.. ويلح هذا الفريق على أجهزة الإعلام والمحررين الاقتصاديين على مساعدته في إقناع الرأي العام السوري بأن هذا الإجراء ضروري، وأنه يتم لمصلحة الاقتصاد الوطني (ولمصلحة المستهلك تالياً).

د. منير الحمش لـ «قاسيون»: رفع الدعم هو «إعلان فشل» للحكومة وفريقها الاقتصادي

أحدثت طروحات الحكومة المتعلقة بـ«إعادة توزيع الدعم» استياء عاماً في الأوساط الشعبية والأكاديمية الوطنية، وتسببت بفوضى عارمة في جميع المناحي الاقتصادية والاجتماعية والخدمية، وولدت قلقاً كبيراً لدى الشرائح الفقيرة، وهي الغالبة في بلدنا، خصوصاً أنه رافقها وتبعها ارتفاع كبير في أسعار معظم المواد، وندرة البعض الآخر، الأمر الذي فتح لمعركة كبيرة ومتشعبة بين اتجاهين متناقضين، الأول هو الاتجاه الذي يختطه الفريق الاقتصادي في الحكومة والذي لا يؤمن به معظم الشعب السوري كونه يناقض مصالحه، أما الاتجاه الثاني، فهو الاتجاه الذي مازال مصراً على أنه بإمكاننا – نحن السوريين- أن نجد بدائلنا الاقتصادية والاجتماعية الوطنية التي تناسبنا بمعزل عن وصفات صندوق النقد والبنك الدوليين.. وأملاً منا في تسليط الضوء أكثر على هذه القضية، التقينا د. منير الحمش الباحث الاقتصادي المعروف وأجرينا معه الحوار التالي:

الافتتاحية ما وراء ارتفاع الأسعار؟؟

عشية شهر رمضان، شهدت الأسواق السورية موجة جديدة من ارتفاعات الأسعار، لتضاف إلى الموجة التي سبقتها مؤخراً بعد انتشار الإشاعات عن رفع دعم المحروقات الذي لم يتم في حينه، وهذه الموجات المتلاحقة لارتفاعات الأسعار وخاصة للسلع والخدمات التي تهم المواطن البسيط، تؤثر بشكل سلبي ومؤلم على مستوى المعيشة الذي هو أصلاً دون المستوى المطلوب.

د. عصام الزعيم: بالتأكيد (لا لرفع الدعم)!

إن اهتمام الفريق الاقتصادي يتركز بصورة لافتة للنظر على الجانب المالي في العجز الحاصل في سورية في ميزان المشتقات البترولية، وهذا التوجه يستهدف التثبيت المالي الذي يعد المرحلة الأولى للإصلاح الاقتصادي الذي لا ينتهي الاهتمام به بانتهائها وإنما يتواصل باستمرار من خلال المرحلة الثانية وهي مرحلة التكييف الهيكلي والخصخصة في البرنامج الاقتصادي ذائع الصيت الذي يطرحه صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.

برسم الفريق الاقتصادي.. (الدعم) والدلال للشركات الأجنبية.. والفاتورة على المواطن؟؟

من يسمع تصريحات الفريق الاقتصادي في الحكومة عن «مخاطر استمرار الدعم بالصورة التي هو عليها الآن، وضرورة إعادة توزيع هذا الدعم ليصل إلى مستحقيه الحقيقيين»، يظن أن لدينا حكومة مثالية، ليس لها نظير حتى في السويد، لا همّ لها إلا السعي الدؤوب من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية وتحسين الظروف المعاشية للفقراء. ومن يسمع ويشاهد نحيب رجالاتها وشخصياتها البارزة على المليارات «المهدورة» من الخزينة بسبب «الدعم العشوائي» يحسب أنه لا هدر بعد الآن ولا فساد، لأننا ظفرنا أخيراً بمسؤولين مخلصين ونزيهين وغيورين على مصلحة الوطن، يريدون إبقاء الخزينة العامة عامرة بالأموال من أجل بذلها وإنفاقها على المشاريع الاستثمارية وتحسين مستوى الخدمات الأساسية في البلاد...

د. حيان سليمان لـ «قاسيون»: الحكومة أخطأت مرتين: الأولى بحساب كلفة الدعم، والثانية بمحاولتها رفع الدعم..

اختلق الفريق الاقتصادي في الحكومة وهو يطرح خطته لرفع الدعم، أرقاماً مغلوطة عن حجم الدعم، وبدا في هذا الإطار وكأنه يرتكز إلى حسابات خيالية لا أساس واقعياً لها من أجل تدعيم حججه وموقفه أمام الناس والقيادة السياسية، كل ذلك لإقناع الجميع بضرورة رفع الدعم بذريعة أنه ينهك الخزينة.. فما هو الحقيقي في هذه الأرقام المعلنة، وما هو الهلامي؟ للإجابة على هذه الأسئلة التقت «قاسيون» الاقتصادي المعروف د. حيان سليمان، وأجرت معه الحوار التالي:
* الفريق الاقتصادي يقول إن حجم الدعم هو 370 مليار ليرة، بينما الخطة الخمسية العاشرة في فصل الاقتصاد الكلي (ص 72) تقول حرفياً:

«بلغ حجم الدعم والإعانات نحو 2،6% من إجمالي الإنفاق في عام 2003، ووصل الدعم المقدم للمواد التموينية في نفس العام لحوالي 28 مليار ل . س غير أن هذا الدعم يوزع على كافة المواطنين بدون تمييز بين الأغنياء والفقراء والحال أن الهدف من ورائه هو دعم الفئات الأقل دخلاً، أما المشتقات النفطية فقد بلغ دعمها نحو 38 مليار ل . س يذهب معظمه لمادة المازوت (34 مليار) مع الإشارة إلى وجود فائض في البنزين بحدود 12 مليار ل . س (السعر العالمي لبرنت 30 دولار عام 2003)، ومع تزايد أسعار النفط العالمية إلى 50 دولاراً وسطياً لبرنت يصبح الدعم قريباً من 113 مليار ل.س للمشتقات النفطية، وهكذا يمثل الدعم بأشكاله عبئاً ثقيلاً بالنسبة لموازنة الدولة، ولكن أبعاده الاقتصادية والاجتماعية متعددة ومتشابكة فلا بد من المزيد من الدراسة والتشاور قبل اتخاذ القرارات الحاسمة والقيام بالإصلاحات في هذا المجال» .

فما قولكم؟

الحكومة مصدر معاناة العمال

جاءت موجة ارتفاع الأسعار الأخيرة في وقت كانت فيه الطبقة العاملة السورية عموماً، متعطشة لسماع أخبار عن ارتفاع الرواتب والأجور، والتوقف كلياً عن الحديث حول رفع الدعم.. هذه الموجة المبرمجة والمخطط لها من الفريق الاقتصادي سقطت صفعة قوية على وجوه جميع العمال السوريين الذين تمثل غالبيتهم عماد الطبقة الفقيرة في البلاد.

سيناريو رفع الدعم إلى الأدراج

بعد معركة حامية الوطيس بين الفريق الاقتصادي في الحكومة من جهة، والقوى والشخصيات الوطنية والجماهير والمنظمات الشعبية من جهة أخرى، واستناداً لتوجيهات السيد رئيس الجمهورية، تم طي اقتراحات رفع سعر المازوت، وتراجعت الحكومة عن طروحاتها في هذا الخصوص..

نسب للنجاح أم للرسوب

صدرت النتائج الامتحانية بعد التأخير المسبوق والمخاض العسير والولادات القيصرية لمعظمها، واضعةً الطلبة أمام ذهول مضامينها الخلبية وتحت تأثير جاذبية نسبها المغناطيسية.

طلاب الجامعات خارج الدعم

على حين غرة، وما إن غفل جفن الحذر حتى استباح الفريق الاقتصادي أحد محرمات الشعب السوري، وقام برفع نسبي للدعم عن مادة المازوت، وحصر توزيعها للأسر بموجب بطاقات تموينية، وهو ما يعد مجرد خطوة أولى على طريق التجريد الكلي للناس من الدعم، مبدؤه في ذلك أن طريق الألف ميل من الإفقار والتجويع والإنهاك الاقتصادي يبدأ بخطوة قبل الوصول إلى الهدف النهائي وهو السيطرة على القرار السياسي.