الحكومة مصدر معاناة العمال
جاءت موجة ارتفاع الأسعار الأخيرة في وقت كانت فيه الطبقة العاملة السورية عموماً، متعطشة لسماع أخبار عن ارتفاع الرواتب والأجور، والتوقف كلياً عن الحديث حول رفع الدعم.. هذه الموجة المبرمجة والمخطط لها من الفريق الاقتصادي سقطت صفعة قوية على وجوه جميع العمال السوريين الذين تمثل غالبيتهم عماد الطبقة الفقيرة في البلاد.
إن الفريق الاقتصادي في الحكومة لم ينتبه، وربما تجاهل بالأصل، أن هناك فئات كثيرة من العمال تكسب قوتها اليومي من أعمال (العتالة)، فضلاً عن لجوء بعضهم إلى المهن التي يعدها الكثيرون وضيعة، وهذه المهن التي يتحكم بها القدر تارةً، وحاجات السوق تارةً أخرى التي قد يموت العاملون فيها من الجوع في أية لحظة، لأن أصحاب هذه الحاجات، من (عتالة) وغيرها، سيعتمدون بتلبيتها على سواعدهم من الآن فصاعداً، وهذه واحدة فقط من نتائج الغلاء الحاصل وقلة السيولة وانعدام الوفرة بين أيدي الناس..
لم يبالِ الفريق الاقتصادي يوماً، بكون العامل في القطاع العام يستنفد جلّ راتبه في العشر الأول من الشهر، هذا قبل طرح رفع الدعم وما رافقه وتبعه من ارتفاع في الأسعار، فكيف سيكون حال هؤلاء العمال بعد الارتفاع الجنوني للأسعار؟! خاصة وأن استحقاقات كارثية تنتظرهم وأسرهم في الوقت الحاضر، من افتتاح المدارس وحلول شهر رمضان، إلى متطلبات المؤونة الشتائية، وغيرها كثير!.
كما لم يتذكر فاشلو، أو مفشّلو الحكومة، أن العامل في القطاع الخاص، وهو تاريخياً آخر من يحظى باهتمام الحكومة، بات مهدداً بالبطالة في أية لحظة بعد استحكام أرباب العمل بلقمته وظروف معيشته، وبعد أن خسر كل رعاية له من الحكومة، سواء في الضمانات الاجتماعية وأهمها الصحية، أو الضمانات الاقتصادية، فكيف سيكون حاله الآن، والتسريح التعسفي سيرتفع إلى حده الأقصى، بعد أن خلقت توجهات الحكومة كل المبررات في ذلك لأرباب العمل؟!.. هذا العامل الذي لم يتسع له عيش الفرحة بالحديث حول رفع أجور العاملين في القطاع الخاص والذي جاء بمرسوم رئاسي، حتى تلاشت هذه الفرحة واضمحلت شيئاً فشيئاً، مع تملص أرباب العمل من التنفيذ، ودون أن تقوم الجهات ذات الصلة بأية إجراءات لإنصاف المعنيين من العمال..
لقد ضاق صدر الطبقة العاملة السورية بالسياسات الحكومية المتعامية عن مصالح الفقراء والتي جل نشاطها تركز في فسح المجال لزيادة تسلط حيتان المال على الناس، وعلى الأسواق، وعلى جميع القرارات الاقتصادية.
إن الطبقة العاملة هي رصيد الوطن في صموده أمام أية هجمة تستهدف سيادته ومواطنيه وتمس كرامتهم، وهي الطبقة الأساس في أي تغيير تقدمي في أي مجتمع..
فلماذا كل هذا الإجحاف بحقها؟! وإلى متى؟!..