لصيقة قضائية أم عقوبة قضائية؟!
ينص المرسوم التشريعي رقم /94/ للعام 2005 على تعديل قيمة اللصيقة القضائية كما يلي: المادة 1: تعدل قيمة اللصيقة القضائية المبينة في فقرة /ب/ من المادة الثانية من المرسوم التشريعي رقم/3/ تاريخ 16/1/2003، المعدل بالمرسوم التشريعي رقم/12/ تاريخ 8/2/2003 بحيث تصبح /100/ ليرة سورية.
إذا كان الهدف من اللصيقة، أنها وضعت من أجل رفع مستوى معيشة القضاة، نتيجة الجهد الذي يبذله القاضي وأن الرواتب التي يتقاضونها، بالأساس، لا تليق بمستوى القضاة، ولا حتى بالعمل الفكري، والعامل النفسي الذي يعاني منه القاضي يومياً، ولكن السؤال الذي يحضر نفسه تلقائياً، هل فعلاً موضوع اللصيقة خفف من الفساد القضائي؟
فإذا كانت الأعذار تقول إن خزينة الدولة لا تتحمل الأعباء الإضافية، ومنها رواتب القضاة، فإنه من الأفضل إيجاد مصدر حقيقي لرواتب القضاة، وبطريقة قانونية، كإنشاء صندوق مستقل مالياً، تشرف عليه لجنة مشتركة، من أعضائها وزير العدل ووزير المالية، كطريقة أولية لرفع مستوى معيشة القضاة، كما يليق بهم، ومن جهة أخرى يعمل هذا الصندوق في مضمار مكافحة الفساد.
ولكن المشكلة الجديدة التي نشأت بعد رفع قيمة اللصيقة إلى /100/ ل.س، أصبحت هذه اللصيقة مصدر ابتزاز للمواطن العادي، وغير العادي، لأن القضاة أصبحوا حريصين ومهتمين باللصيقة بشكل كبير وملفت للنظر، أكثر من موضوع الدعوى ذاتها. ومن المفروض تقليل الأوراق المطلوبة حتى يصبح نظام اللصيقة ناجعاً وفعالاً، في حين كل المذكرات والوثائق يجب أن تنحصر بالموضوع الأساسي للدعوى المتمثلة في المحكمة.
لماذا لا تحول فوائد اللصيقة لوزارة العدل بكل مكوناتها، القضائية والمؤسساتية؟ من أجل تحسين المحاكم مثلاً، أو تحويل ريعها لأتمتة الأجهزة الإدارية والمكتبية القضائية بشكل حضاري، وخاصة إذا علمنا أن هناك قضاة يصل راتبهم جراء ذلك إلى أكثر من /50/ ألف ليرة سورية، وهذا يعتبر مورداً كبيراً، قد يستحقه البعض ولا يستحقه البعض الآخر، الذي جعل من اللصيقة مصدر رزق فقط، وإلا ما معنى أن يطلب من المواطن مثلاً عشر وثائق لتعديل الشهادة، وعلى كل وثيقة لصيقة، أي تكلفة اللصائق وحدها /1000/ ل.س.
إن إصلاح القضاء، وخاصة بعد الإجراءات التي طالت أكثر من ثمانين قاضياً، بحاجة إلى قرارات أكثر جرأة وحكمة، تكون في مصلحة المواطن والقضاء معاً، هذا القضاء الذي أصبحت سمعته فواحة بروائح شاذة عديدة، نتيجة دخول بعض الدخلاء، وذوي النفوس الضعيفة إلى هذه المهنة «الشريفة»، وجعلها باباً غيرَ شرعي لجمع مكاسب وأموال وموارد، على حساب كرامة الوطن والمواطن المغلوب على أمره.