نزار عادلة نزار عادلة

في مجلس الاتحاد العام: مكاسب تُنتهَك... ومطالب لا تُنفَّذ!!

قد يبدو بعض البشر متناقضين في أقوالهم وأفعالهم، أما أن تكون هذه الظاهرة صفة منظمة نقابية عمالية هي الأكبر في البلاد فهنا الطامة الكبرى، وأعراض هذا التناقض تتوضح من خلال المداخلات التي جاء أكثرها -وليس جميعها- مبتدئاً بتوجيه التحية للحكومة بكامل أعضائها على جهودها الكبيرة في تنفيذ المطالب العمالية والاهتمام بها، ثم تأخذ بطرح سلسلة من المطالب العمالية، وتستعرض سلسلة أخرى من الانعكاسات السلبية الحادة على الطبقة العاملة وعلى أكثرية المواطنين بعد التحول إلى اقتصاد السوق!!.

ويمكننا أن نذكر الكثير من الأمثلة على التناقض المذكور، فقد جاءت في مطلع إحدى المداخلات الكلمات التالية: «ندرك حجم وأهمية الانجازات والمكاسب التي تحققت لعمالنا خلال السنوات الماضية، وندرك حجم الصعوبات والمعوقات التي تقف في وجه الجهود التي تبذل للحفاظ على هذه المكتسبات وتوسيعها»!!

والسؤال هنا:

من يبذل هذه الجهود، الحكومة أم النقابات؟!!

وتتابع المداخلة: «كما وندرك أيضاً مسؤولية الحكومة عن عدم تنفيذ أو التراخي في تنفيذ بعض مواد القوانين التي صدرت، سواء كانت تتعلق بقضايا إنتاجية أو مهنية أو عمالية»..

وتعدد المداخلة عشرات القضايا العمالية التي عجزت الحكومة عن تنفيذها:

1- إن قانون العاملين الأساسي رقم /1/ لعام 1985 قد تضمن إنجاز الأنظمة الداخلية للمؤسسات والشركات والمنشآت العامة خلال ستة أشهر من تاريخ نفاذه، وصدر القانون رقم /50/ لعام 2004 وتضمن أيضاً المادة نفسها، فهل يعقل أن مؤسسات وشركات في قطاع عملنا لم تنجز حتى الآن أنظمتها الداخلية، رغم كل التأكيدات والبلاغات والتعاميم؟

2- وفي الجوانب المالية:

- صدر قرار رئاسة مجلس الوزراء، ومنح المهندسين تعويضات صعوبة إقامة، وحجب هذا القرار التعويض عن العاملين من غير المهندسين، والذين يعيشون الظروف ذاتها.

- صدر القانون رقم /346/ الذي حدد الأعمال الشاقة والخطرة، وأصدر السيد رئيس مجلس الوزراء القرار رقم /61/م.و لعام 2008 والذي تضمن منح تعويض الأعمال الخطيرة، وظروف العمل الخطيرة، وأغفل الأعمال الشاقة، وأكثر من ذلك، لم يشمل العاملين المؤقتين أو الوظائف والأعمال التي لم ترد في الأنظمة الداخلية والملاكات العددية، علماً بأن غالبية الشركات لن تصدر أنظمتها الداخلية وملاكاتها العددية، وهذا الأمر يستبعد غالبية العاملين في قطاع وزارة الصناعة والكهرباء، وخاصةً المؤقتين منهم، والذين يتعرضون للعوامل والظروف نفسها.

ثم تبدأ المداخلة بعد ذلك بتعداد الشركات المنهارة في القطاع العام!!

مداخلة أخرى تشيد بالإنجازات المحققة في مختلف المجالات، وتتطلع بعين الأمل إلى المستقبل من أجل المزيد من الإنجازات، وبعد ذلك تتحدث عن تقصير وزارة المالية وتقصير جهات أخرى. وقد ورد فيها حرفياً ما يلي: «تقوم وزارة المالية بتحصيل الفوائض المتاحة للتنمية من الشركات النسيجية على مدى سنوات طويلة، دون الأخذ بعين الاعتبار واقع هذه الشركات، ومدى حاجتها لتطوير وتحديث آلاتها وخطوط إنتاجها، وكذلك عدم تسديد كامل رؤوس أموال هذه الشركات، أو إعادة تقييم أصولها، أو تعديل رؤوس أموالها، وما حصل من تطور وتجديد بها».

إذاً وزارة المالية مسؤولة عن انهيار وخسارة قطاع الغزل والنسيج بالكامل فهل نستطيع أن نشكر وزارة المالية؟!!

مداخلة أخرى تشيد بوزير الزراعة، والانجازات والمتابعات التي يقوم بها، ثم تتحدث عن عشرات القضايا العمالية التي طرحت أمام الوزير، ولم ينفذ منها أي مطلب، والأسباب كما تقول المداخلة هي عدم متابعة المدراء لهذه القضايا!!

وتحدثت المداخلة عن الخلل الكبير في المؤسسة العامة للأسماك، التي تعاني من الفساد والقصور الإداري، واستمع السيد وزير الزراعة لهذا، ولكنه لم يرد ولم يعلق على هذه النقطة في المداخلة.

مداخلة أخرى تقدم شكوى للحكومة: فرع الحسكة في إحدى الشركات الإنشائية لم يقبض عمالها أجورهم منذ أربعة أشهر، والجهات الحكومية العامة لا تعطي عقوداً بالتراضي للشركات الإنشائية، وهناك تأخير في صرف الكشوف يصل في شركة واحدة إلى مليار ل.س، وهي كشوف مستحقة الدفع، والشركات بلا أنظمة وبحاجة إلى موافقة وزير المالية.

وهكذا فإن هذا النمط من السلوك النقابي يعكس الخلل الأساسي الذي تعاني منه الحركة النقابية السورية، والذي يتلخص بالموقف التوفيقي الذي تتخذه النقابات تجاه ضغوط الحكومة ومطالب الطبقة العاملة. وهذا الوضع لا يمكن أن يستمر للأبد، وإلا فإن الطبقة العاملة ستضطر لشق طريقها بنفسها.

آخر تعديل على الجمعة, 05 آب/أغسطس 2016 13:00